العدد 2992
الجمعة 23 ديسمبر 2016
banner
الحصن الأخير دفاعا عن الهوية...
الجمعة 23 ديسمبر 2016

القرار التاريخي للأمم المتحدة في الثامن عشر من ديسمبر 1973 باعتبار اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية التي يتم العمل بها في جدول أعمال الأمم المتحدة بكل أقسامها، نتج عن جهود عربية دبلوماسية يجب أن يخلدها العرب لإعطائه حقه، خصوصا أن هذا اليوم اعتبرته الأمم المتحدة اليوم العالمي للغة العربية، فالحديث عن اللغة العربية من أصعب الأحاديث، وذلك إن أردنا أن نعطي لغتنا الجميلة حقها وأن نصفها بالوصف الذي يليق بهيبتها، كيف لا وهي أثرى لغات الأرض بمفرداتها وما تحويه مكوناتها أيضا من نحو وبلاغة وصرف، في حين أن أكثر اللغات المعاصرة انتشارا لا تتعدى مفرداتها نصف مليون، وهي أكثر اللغات عراقة وأصالة وتأثيرا حقيقيا في تاريخ العديد من الحضارات والأديان المختلفة .
ويكفينا فخرا أنها لغة القرآن العظيم وهو رسالة السماء الخاتمة لكل الرسالات والإنذار الأخير للعالمين، فهي لغة أثرت القرآن بمفرداتها والقرآن هو الذي ضمن لها الخلود والبقاء مما جعل الكثير من المتخصصين في اللغات يعتبرها أكثر اللغات غير القابلة للانقراض، فهي لغة الصلاة عند المسلمين وتستخدم أحيانا كلغة شعائرية في بعض الكنائس المسيحية في العالم العربي، وكتب بها أيضا اليهود أعمالهم الأدبية والدينية وتخاطبوا بها في العصور الوسطى .
ولكن، ماذا حدث للغة العربية لكي لا تحظى بالاهتمام من أبنائها بالشكل الذي يليق بها؟! وأنا لا أستثني نفسي من بعض التقصير والتطوير، لأننا يجب أن نتوقف طويلا أمام هذه الإشكالية بالتحديد، وهل سبب هذا الإهمال هم أهل التخصص الذين ينعزلون بها عن العامة؟ أم عموم الجماهير العربية التي لا تهتم كثيرا للدرجة التي أوهنت عزيمة المتخصصين في التواصل معهم، وأنا بدوري أحيل هذا السؤال إلى المسؤولين عن وزارات التربية والتعليم وإلى كل مسؤول عربي في مجال الثقافة والتعليم والإعلام لكي يكونوا حلقة وصل بين المتخصصين والعوام، وأن يتبنوا مشروعا لتبسيط مناهج اللغة العربية خصوصا في النحو والبلاغة.
أتمنى في القريب العاجل أن يلبي المحبون للغتنا العربية مشروعا لتبسيط اللغة لكي يسهل على عوام الناس التعامل بالحد الأدنى من أساسياتها وأنا على يقين بأن نجاح مشروع كهذا سيغير مجتمعاتنا للأفضل من حيث الرقي اللفظي والسلوكي ويعزز بالتأكيد مفهوم الهوية والأصالة في نفوس شبابنا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .