+A
A-

منتدى “البلاد” يسلط الضوء على وكالات التصنيف الائتماني

في العام الجاري خفضت وكالات التصنيف الائتماني نظرتها ودرجة تصنيفها لكثير من البلدان المصدرة للنفط، التي زادت حجم مديونياتها؛ نتيجة تراجع الإيرادات النفطية، وهو ما أثار جدلاً واسعًا على صعيد المنطقة؛ لما له من انعكاسات كبيرة على اقتصادات دول مجلس التعاون عموما، ومملكة البحرين خصوصا.

تكتسب وكالات التصنيف الائتماني أهمية كبيرة؛ لما لها من تأثير على قدرة الدول والمؤسسات على الدخول إلى الأسواق الدولية والحصول على التمويل المطلوب، إذ يعرف التصنيف الائتماني بأنه أداة لقياس قدرة حكومة أو مؤسسة ما مقترضة على الوفاء بالتزاماتها المالية لدى الجهة المقرضة، ويعد بمثابة شهادة بشأن الوضع المالي للجهة المعنية.

ورغم الدور المهم الذي تلعبه وكالات التصنيف الائتماني ضمن منظومة الاقتصاد العالمي كأداة لتزويد المستثمرين والمقرضين بمعلومات موجزة وموثوقة عن مستوى المخاطر في إقراض الحكومات والمؤسسات والأفراد، إلا أنها تعرضت لانتقادات في أعقاب الخسائر الكبيرة التي لحقت بسوق الديون المدعومة برهن (CDO) بداية من العام 2007، واعتبرها بعض الخبراء من بين أسباب الأزمة المالية العالمية التي اندلعت في العام 2008.
وتحتكر سوق التصنيف الائتماني في العالم 3 وكالات رئيسة هي “ستاندرد اند بورز” و”موديز” و”فيتش”، إذ تسيطر هذه الوكالات الثلاث على نحو 90 % من تقييمات الديون السيادية.

لمناقشة هذا الموضوع استضافت “البلاد” مجموعة من الخبراء الاقتصاديين والمسؤولين في القطاع المصرفي والمالي في البحرين ضمت كلا من: عضو مجلس الشورى رضا فرج، الرئيس التنفيذي لبنك أويسس كابيتال فريد الملا، رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينية جعفر الصائغ، عضو هيئة التدريس في كلية إدارة الإعمال في جامعة البحرين ناظم الصالح، والمستشار والخبير الاقتصادي صالح حسين. كما حضر اللقاء رئيس تحرير صحيفة “البلاد” مؤنس المردي، ومدير التحرير أيمن همام، والرئيس التنفيذي أحمد البحر، ورئيس القسم الاقتصادي نادر الغانم.

همام: بعض وكالات التصنيف الائتماني تقوم بتصنيفات سيادية، وهذه التصنيفات تؤثر في قدرة الدول والمؤسسات لدخول أسواق رأس المال والحصول على التمويل المطلوب، والسؤال هنا: من أين تستمد هذه الوكالات مصداقيتها وقوتها؟

الملا: وكالات التصنيف الائتماني لا تقوم بتصنيف الدول أو ما يسمى بالتصنيف السيادي فحسب، بل تقوم بتصنيف بنوك وشركات ومؤسسات، وكذلك تقوم بتصنيف محافظ مالية (منتجات)، وأذكر ذلك لأنني أريد أن أتطرق إلى موضوع المصداقية، فقبل حدوث الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة، اعتمد الكثير من المستثمرين على هذه التصنيفات، خصوصًا تلك التي تقدم تصنيفًا ممتازًا لواقع الاستثمار، إذ طمأنت هذه التصنيفات المستثمرين بقدرتهم على استرجاع رؤوس أموالهم، ومعها أرباحها، ولكن ما حصل كان عكس ذلك تماما، إذ إن الكثير من هذه التصنيفات كانت خاطئة، وقدمت تقارير لم تعكس الواقع.

خلاصة ذلك أنه لا يوجد في الوقت الحاضر خيار غير هذه الوكالات، وكان من المفترض أن تدفع هذه الوكالات الثمن مثلمًا دفعته وتدفعه البنوك حاليًا، ولكن الوضع صعب؛ نظرًا للحاجة إلى جهة لتصنف وتبسط الأمور. فعلى سبيل المثال، عندما تسعى البحرين لاقتراض 500 مليون دولار نجد أنه لكل بنك رأي ووجهة نظر مختلفة، وهذا الوضع يصعب من موضوع الاقتراض؛ إذ إن وجود رأي واحد يسهل من ذلك كثيرًا. هناك من ينتقد هذه الوكالات ويرى أنها تتعامل بطريقة سياسية، وهذا الحديث أثير أيضا في الولايات المتحدة الأميركية عندما تم خفض تصنيفها الائتماني، ودار جدل طويل بين الحكومة الأميركية وكالة "ستاندرد أند بورز"، ولكن هذه الوكالات لا تزال ذات مصداقية، بيد أن مصداقيتها تتعرض إلى الاهتزاز من حين لآخر، ولكن ليس لدنيا خيار آخر غير هذه الوكالات؛ لأنه لا توجد بدائل، وعليه تظل "ستاندرد أند بورز" من الوكالات العملاقة على الصعيد العالمي.

يحدد التصنيف نوعًا من السقف للاقتراض، كما يعد من أهم المؤشرات التي يتم على أساسها تقدير كلفة الاقتراض، فعلى سبيل المثال لدى مملكة البحرين مجال للاقتراض، ولكن ثمة إحساس بأنها بدأت تصل إلى السقف، وهذا ما يجعل كلفة الاقتراض عالية.

همام: هل تفصح وكالات التصنيف الائتماني عن مناهجها بشكل واضح؟ وهل يطمئن المستثمرون من أن المناهج والأساليب التي تستخدمها هذه الوكالات يمكن أن يتم على أساسها اتخاذ القرارات الاستثمارية؟

حسين: الأسلوب الذي تتبعه هذه الوكالات لعمل التصنيف يأخذ طريقين، الأول يتم عبر اتفاقات مع الجهة التي تريد التصنيف، والثاني هو التصنيف الذي تقوم به طوعا منها، ولهذا عندما تقوم بعمل التصنيف عبر الاتفاق مع بلد أو مع شركة أو مؤسسة يتم ذلك عبر اتفاقية مكتوبة وواضحة، ويلزم الاتفاق كل طرف بتقديم ما يطلب منه وعلى ضوئه يتم عمل التصنيف. والطريق الثاني هو أن تبادر الوكالات بعمل التصنيفات دون طلب من أية جهة، ويتم ذلك دون التأكد من أن الخطوات والإجراءات التي اتبعت في عمل التصنيف متعارف عليها واتخذت الطريق والأسلوب الصحيح.

بالعودة إلى أسلوب الاتفاقات المسبقة لإجراء التصنيف، وتكون الأمور واضحة وعبر اتفاقية يدون فيها كل طرف التفاصيل التي ستتبع؛ من أجل الوصول إلى التقييم. وهذا يعتمد على مدى قيام العميل أو الجهة التي تطلب التصنيف بتقديم كل ما تم الاتفاق عليه، سواء كانت بلدا أو مؤسسة اقتصادية أو مالية. ويتطلب ذلك قدرًا كبيرًا من الشفافية، خصوصًا إذا كان هذا التصنيف يتعلق بدولة وليس مؤسسة، ولهذا تلتقي هذه الوكالات بشخصيات ومسؤولين من البلد الذي سيتم تصنيفه، ومن هنا يكون السؤال هو: هل نقوم في البلدان العربية بترشيح الأشخاص والمسؤولين الذين يمتلكون المعلومات؟ وهل هذه المعلومات يمكن الكشف عنها؟ إن لذلك تأثيرًا كبيرًا، إذ إن نقص المعلومات قد ينجم عنه تقييم غير دقيق، أو قد تتم إضافة بعض الأمور التي لا تتضمنها الاتفاقية، أو قد تتضمن الاتفاقية بعض المتطلبات التي لم يتم الوفاء بها، وعليه قد لا يعكس التقييم والتصنيف بالضرورة واقع الحال.

تقديم المعلومات أمر في غاية الأهمية خصوصًا للدول العربية التي تدفع مبالغ طائلة للحصول على هذه التصنيفات، والسؤال هنا: هل الأوضاع الاقتصادية والسياسية تسمح بتقديم جميع المعلومات التي تطلبها وكالة التصنيف؟ إن الوكالات تتبع أساليب وطرقًا معينة وواضحة للتقييم سواء كان التقييم يتعلق ببلد أو مؤسسة أو شركة.

همام: ما العائد الذي تحصل عليه هذه الوكالات مقابل التصنيف الائتماني غير المطلوب؟

حسين: هنا تحصل الإثارة في الموضوع، فعندما تطرق وكالات التصنيف الباب من أجل إجراء تصنيف لجهة ما ولا يتم الاستجابة لها للتوقيع على اتفاقية في هذا الشأن، تلجأ هذه الوكالات إلى إجراء التصنيف غير المطلوب لتقديمه إلى المستثمرين، وقد لا يرضي الجهة التي تم تصنيفها، سواء أكانت بلدًا أو مصرفًا أو شركة، لذلك تذهب هذه الجهات طواعية إلى وكالات التصنيف للتوقيع معها على اتفاقية لعمل تصنيف جديد يعاد فيه النظر في التقييم.

همام: هل هناك طرق تتبعها البلدان والمؤسسات من أجل إقناع هذه الوكالات بضرورة إعادة النظر في التصنيف الائتماني؟

حسين: بالتأكيد هناك طرق وأساليب عديدة، ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال هناك نظام يحكم هذه المسألة، وحتى لو لم يعد التصنيف الائتماني يمكن اللجوء للقضاء، وهناك قضايا قانونية تنظر فيها المحاكم، وقد دفعت إحدى المؤسسات الأميركية بالفعل 1.5 مليار دولار غرامة في قضية بلغ الحكم فيها نحو 5 مليارات دولار وتمت التسوية، وهناك قضايا أخرى. ويتم مراجعة الهفوات والأخطاء عبر المحاكم والمختصين، وفي معظم الحالات التي وقعت في الولايات المتحدة وأوروبا لجاء فيها المختصمون إلى التسوية بديلا عن المحاكم.

همام: لقد خفضت وكالات التصنيف الائتماني هذا العام 2016 التصنيف الائتماني لبلدان الخليج ومنها مملكة البحرين، فهل هذا التصنيف عادلا؟ وهل كان مناسبًا من حيث التوقيت؟

الصالح: أتفق تمامًا مع كل ما قيل عن وكالات التصنيف الائتماني، نعم نحن ليس لدينا خيار آخر، فالحكومات تلجأ إلى هذه الوكالات الدولية لتقييم ديونها السيادية، وأيضًا هذه الوكالات ليست معصومة من الأخطاء والتجاوزات، وهذا ما اتضح جليًا بالأزمة الاقتصادية العالمية بالعام 2008، إذ تبين أن الكثير من التقييمات كانت غير صحيحة، وبالتالي تعرضت وكالات التصنيف الائتماني للاتهامات، ورفعت الكثير من البلدان قضايا قانونية ضد هذه الوكالات احتجاجًا على تصنيفاتها الائتمانية. وعلى سبيل المثال، عندما خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قامت هذه الوكالات بخفض التصنيف الائتماني للبنوك البريطانية، وهذا الأمر حدث أيضًا مع مؤسسات في تركيا وإسبانيا.

تستحوذ وكالات التصنيف الائتماني الثلاث (ستاندرد أند بورز، وفيتش، وموديز) على نحو 90 % من تقييمات الديون السيادية، و10 % لباقي الوكالات الصغيرة الأخرى. وتتعرض هذه الوكالات لانتقادات؛ لأنها تعطي تقييمات للدول وللمؤسسات، في حين أن موارد هذه الوكالات تأتي من هذه الجهات. وفي أعقاب الأزمة المالية صدرت في الولايات المتحدة الأميركية العديد من القوانين التي من شأنها أن تسلط رقابة شديدة على هذه المؤسسات، كما سعت البلدان الأوروبية إلى إنشاء وكالة مختصة بتقييم الديون، وهذا نتيجة لإخفاقات هذه الوكالات، ومع ذلك تبقى هذه الوكالات هي المحتكرة للسوق، غير أن أهم تقييم تجريه هذه الوكالات هو المتعلق بقدرة الدولة في تسديد ديونها، ولذلك نجد أنه في الولايات المتحدة الأميركية تتجاوز نسبة الدين قدرة الدولة، أي تزيد عن 100 % من الناتج المحلي الإجمالي، وفي اليابان تبلغ النسبة نحو 200 %، كما هو الحال في بعض البلدان الأوروبية مثل فرنسا وإيطاليا، وبالتالي لم تعد هذه النسب عملية.

أما بالنسبة لدول الخليج، لا يخفى على الجميع أننا نعتمد جميعًا على البترول، وتعتمد موازناتنا بنسبة ما بين 80 و90 % على إيرادات النفط. وحتى الآن وبعد 50 عامًا من بدء إنتاج وتصدير النفط لم نتمكن من إيجاد موارد ومصادر للدخل بديلة عن النفط. وفي أي تقييم لبلدان الخليج تكون الصورة واضحة، إذ إن موردها الوحيد هو النفط، ومع الانخفاض الهائل في الأسعار بنحو 60 % فقدت هذه البلدان موارد ضخمة جدًا، وهذا أدى إلى حدوث عجز كبير في ميزانياتها، وما نشهده اليوم من اتخاذ البلدان الخليجية إجراءات تقشفية شديدة، سواء في البحرين أو الإمارات أو السعودية أو الكويت، هو نتيجة لهذا العجز.

فعندما تنظر وكالات التصنيف إلى البلدان الخليجية تكون الصورة أمامها واضحة ومكشوفة، ولا تحتاج إلى معلومات مركزة وكثيرة، كما أن هذه الوكالات تستقي معلوماتها من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ومما تنشره الدول نفسها من أرقام وإحصاءات ومعلومات. ولهذا لابد أن نكون أكثر وضوحًا، ويجب أن تشكل هذه التقييمات الأخيرة تحديًا بالنسبة لنا، والتحدي هنا يكمن في قدرتنا على تحويل هذه التقييمات إلى فرص. في فترة ما منحت هذه الوكالات تصنيفات ممتازة لبلدان الخليج ولم يقل أحد إن هذه الوكالات قدمت مجاملات لدولة الخليج.

نحن نعلم تماما بأوضاعنا وبأن اقتصاداتنا تعاني من مشكلة كبيرة، وأن التحديات المقبلة ستكون أكبر من التحديات الحالية، ولهذا يجب ألا نخشى من هذه التقييمات. وأرى أن هذه التقييمات واقعية ولا أحتاج إلى من يقول إن هذه الوكالات منحازة أو غير صادقة وتستقي معلوماتها من جهات غير معروفة، وأنا شخصيًا لا أقبل فكرة “المؤامرة”، فنحن نعلم أوضاعنا الاقتصادية جيدا، وأن اقتصاداتنا تعاني حاليا من الهزال والضعف.

كما أحب أن أذكر هنا بأنه دائما في فترات الرواج لا تظهر الأمراض الاقتصادية، لكنها تظهر عندما يحدث خلل في الاقتصاد، وبالتالي نُفاجأ بأننا كنا نعيش في فترة رفاه ثم أصبحنا الآن نعيش في فترة صعوبات اقتصادية، ولم نكن نتوقع أن يصل بنا الوضع إلى ما هو عليه الآن.

همام: في تسعينات القرن الماضي كانت هناك توقعات بأن ترتفع أعداد وكالات التصنيف الائتماني في البلدان النامية، فهل هناك حاجة لإنشاء وكالات تصنيف محلية؟

فرج: أعتقد أن وكالات التصنيف الائتماني العالمية لديها نموذج مدروس، وأن التشكيك في عملها وولائها يجب أن نستبعده تماما. المشكلة تكمن في تقديم المعلومات الصحيحة، والتأكد من أن الذين يعدون هذه المعلومات مؤهلون وأكفاء، وألا يتم تقديمها من قبل موظفين عاديين، بل يجب أن تكون لدى من يقدمها مهارات خاصة في التحاور والحديث وفي إبراز الجوانب الإيجابية.

لدينا في البحرين حاليا مساع حكومية لتقليص المصاريف، وبعضها كان جيدًا، وهذا الأمر لابد من إبرازه لوكالات التصنيف. ويجب أن يكون من يقدم المعلومات المدعومة بالأرقام والبيانات مسؤول في مستوى وزير أو وكيل وزارة وليس موظفًا عاديًا. للأسف لدينا عقدة الخوف من استغلال المعلومات عند تقديمها، وهذه العقدة يجب أن نتخلص منها، ولابد من تقديم المعلومات الصحيحة من قبل أشخاص متمكنين ولديهم إلمام جيد بما يقدمونه من معلومات.

إما عن مدى حاجتنا إلى وكالة تصنيف في منطقتنا، فأي وكالة تصنيف يجب تأسيسها في المنطقة لابد في نهاية الأمر من جلب الخبرات من الخارج، ولهذا فإننا في الوقت الراهن بحاجة إلى كل فلس لدعم ميزانياتنا، ولا يجب أن نبدد أموالنا حاليًا، لاسيما أن هناك وكالات تصنيف موجودة ومعتمدة ومقبولة ولديها الأنظمة الجيدة، وحتى تتحسن الأوضاع الاقتصادية والمالية يمكن التفكير في إنشاء وكالة تصنيف ائتماني للمنطقة.

المردي: هل التقارير التي تصدرها الجهات الاقتصادية والمالية المحلية متقاربة مع ما تصدره وتنشره وكالات التصنيف العالمية؟

الملا: إن تقاريرنا تكتب بحذر، وهناك أمر تعارف عليه الناس وهو “لا تنقل الأخبار السيئة”. فرج: لابد من معرفة مصادرها، وما المعلومات التي يجب الاحتفاظ بها وتوفيرها وقت الحاجة والاعتماد عليها لكتابة التقارير. إن معظم التقارير المالية والاقتصادية التي تجدها في البحرين هي تقارير إنشائية، ولا تشتمل على أرقام ورسوم بيانية وجداول، كما تفتقر لذكر المصادر. إن غالبية التقارير التي نصدرها في البحرين وباقي بلدان المنطقة تفتقد للمصداقية؛ لأنها لا ترتكز على أسس ولا تقدم المعلومات الضرورية والحديثة.

حسين: نحن في البحرين بخلاف باقي بلدان الخليج لدينا تجمع للبنوك والمصارف التجارية، والاستثمارية، والإسلامية، ولمجلس التنمية الاقتصادية، ويصدر المصرف المركزي تقارير اقتصادية، ولكن هذه التقارير يحتفظ بها ولا يتم طرحها في اجتماع مع البنوك لمناقشتها والاستفادة منها، ولهذا لابد من الشفافية والانفتاح بحيث تعقد ندوات ولقاءات بين المؤسسات الاقتصادية الحكومية والبنوك والمصارف وشركات التأمين لطرح المعلومات والاستفادة منها بدلا من اتجاه المصارف والبنوك إلى الجهات الخارجية للحصول على المعلومات.

فرج: إن عدد الجهات المعنية بالمعلومات والبيانات كثيرة، ولا توجد جهة متخصصة ومسؤولة عن تقديم المعلومات والتقارير، فتجد المصرف المركزي يصدر تقارير، ومجلس التنمية يصدر تقارير.

المردي: هل هذه التقارير مكملة لبعضها البعض أم متناقضة؟

فرج: لا يوجد توجه واحد، إذ تجد تقريرًا يتحدث يمينًا، وتقرير آخر يتحدث جهة اليسار، ولا يوجد توجه موحد يجمعها. الصائغ: ظهرت وكالات التصنيف الائتماني منذ زمن بعيد، وتحديدًا في العام 1829، مما يعني أن هذه الوكالات لها تاريخ طويل من العمل، وكان أول ظهور لها داخل الولايات المتحدة الأميركية، حيث نشأت الحاجة لقياس درجة المخاطرة سواء في المؤسسات أو البلدان، بمعنى أن التصنيف الذي تقدمه هذه الوكالات هو شهادة ائتمانية للمستثمرين للتعامل مع هذه المؤسسات أو البلدان، ولهذا حصلت هذه الوكالات على مصداقية على المستوى العالمي.

ورغم سوء التقييم الذي تقدمه أحيانا في تقاريرها، تبقى في نهاية الأمر ذات مصداقية، والكثير من المؤسسات والشركات والبلدان والمستثمرين يعتمدون على ما تقدمه هذه الوكالات من تقييمات وتقارير تساعدهم في اتخاذ القرار الاستثماري، وهو أمر بالغ الأهمية.

فعندما تقوم إحدى الوكالات بخفض التصنيف لبلد ما فإن ذلك يقدم رسالة إلى المستثمرين بضرورة أخد الحذر عند الرغبة في الاستثمار في هذا البلد، أو هذه الشركة، وعندما يستمر خفض التصنيف فإن المستثمرين يمتنعون عن الإقبال على شراء السندات، والاقتراض، والتعامل المالي والاقتصادي مع هذا البلد.

الصائغ: لو تحدثنا عن تقارير وكالات التصنيف الائتماني، نتحدث هنا عن تقرير مكشوف إلى دول العالم كله، وإلى المستثمرين جميعا، وإلى المؤسسات العالمية، حتى تطلع على الأوضاع الاقتصادية والاستثمارية لهذا البلد، وهناك مؤشرات وتقارير اقتصادية خاصة لكل بلد، فعندما أريد معرفة الأوضاع الاقتصادية لمملكة البحرين على سبيل المثال لابد من قراءة التقارير التي تنشرها المؤسسات الخاصة عن الوضع الاقتصادي بشكل داخلي؛ لمعرفة مستقبل اقتصاد البلد وأهم التحديات التي تواجهه.

هناك الكثير من التقارير الدولية التي تتناول الأوضاع الاقتصادية للبلدان ومنها تقارير وكالات التصنيف الائتماني، ولكن هناك حاجة ماسة لوجود تقارير خاصة بنا، نعدها بأنفسنا وتسلط الضوء على مختلف الأوضاع الاقتصادية مثل المديونية، البطالة، والتحديات الاقتصادية، وتوقعاتنا لسعر النفط، وما هي أوضاعنا في العام المقبل عندما يستمر انخفاض أسعار النفط.

ومن المفترض أن يتم اتخاذ قرارات بناءً على هذه التقارير، فتوافر التقارير والمؤشرات الخاصة بنا يقدم رؤية واضحة لمتخذي القرار تساعدهم على اتخاذ القرارات المناسبة، بغض النظر عن تقارير وكالات التصنيف الائتماني. تكمن خطورة تقارير وكالات التصنيف الائتماني في كونها دولية وتؤثر على سمعة الاقتصاد على الصعيد الدولي، فعندما تكون التقارير سلبية تشوه سمعتنا الاقتصادية، وتبعد عنا المستثمرين، وتقدم فكرة بأن هذا البلد غير قادر على الالتزام بتسديد ديونه.

الملا: بالفعل هناك دراسات داخلية لتقييم أداء الاقتصاد، فلدينا مجلس التنمية الاقتصادية، كما أن بعض البنوك الخليجية لديها دراسات اقتصادية على قطاعات مختلفة، وعلى الأوضاع المالية والاقتصادية الخليجية. والسؤال الذي يجب طرحه هو: هل هذه الدراسات دقيقة وذات مصداقية؟ عندما تطلق وكالات التصنيف الائتماني تصنيفاتها فهي تقدم تحليلاً من خبراء عالميين، بينما الدراسات التي تعدها الجهات المحلية لا يسلط عليها الأضواء، ولهذا تعتقد الجهة التي أصدرتها بأنها تسير في الطريق الصحيح. وعندما تصدر وكالة تصنيف دولية تقييمها لموضوع معين لشركة أو مؤسسة أوروبية يكون ذلك حدثا إعلاميا تتناوله وسائل الإعلام بين المتخصصون والباحثون بالنقاش والبحث.

التوصيات التي خرج بها "منتدى البلاد"