هناك فرق بين التشييد والإبداع والتفكير المتزن وبين من يعيش الضلال والتبعية والانعزال عن المجتمع والسير خلف شعارات وهمية. مسألتان استوقفتني تتعلق بالاغتراب والانسلاخ عن هوية المجتمع وبين تفجير الطاقات الشبابية وتضافر الجهود من أجل بناء الوطن باعتبار الشباب أكثر من يساهم بشكل فعال في عملية التغيير. المسألة الأولى احتفال البحرين بيوم الشباب الدولي الذي صادف 12 أغسطس وأكد فيه سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل سيدي جلالة الملك للأعمال الخيرية وشؤون الشباب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية أن التنمية المستدامة بمفهومها العام والأشمل عملية متواصلة ومستمرة في إنجازها الى سواعد الشباب ومبادراتهم باعتبارهم قادة الحاضر والمستقبل، وقال سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس الاتحاد البحريني لألعاب القوى إن الشباب عصب الأمم وبهم تقوم الدول وتزدهر ونحن في البحرين فخورون بشبابنا البحريني الذي أصبح علامة فارقة في العديد من المجالات.
أما المسألة الثانية وهي أشبه بالوجه الممسوخ خروج شباب في عمر الزهور في مسيرات وتظاهرات غير مرخصة في بعض القرى حاملين شعارات طائفية مرددين أقبح الألفاظ للتجني على الوطن، متباهين بالأجندة الخارجية. شباب بعيدون عن روح المسؤولية تلوثت عقولهم بشكل جماعي وأصبحوا يعيشون على الهامش دون أن يتفاعلوا مع الوطن وقضاياه. شباب انحرفوا كثيرا عن الطريق الصحيح لا ينفتحون إلا في كنف الإرهاب والتطرف بغية الوصول الى المقاصد الشريرة.
ما الذي يحصل لهؤلاء الشباب الذين أصابهم الوهن والخور وهم في هذا السن؟ من أين جاءوا بكل هذه الأفعال البغيضة وألعنها الطائفية، التي ستبقى في أرواحهم كالندوب، من الصعب مداواتها في المستقبل؟ من أدخلهم الى هذه الحياة الشريرة المضللة ولقنهم المواقف الخاطئة والمنحرفة ورسم لهم صورة المناضل والثائر الذي يجب عليه القيام بالأفعال البطولية؟ بدل اخبارهم بالتعرجات والألغام التي ينامون تحتها والسحب الكثيفة التي تغطي سماءهم، يشجعونهم على الخيانة والتطرف والتظاهر في الشوارع والعيش في متاهات البلبلة والتضليل. لماذا لا يكونون مثل غيرهم من الشباب الذين يسيرون على دروب الوفاء والإخلاص والاستقامة والعمل الجماعي المنظم، ليكونوا بعد ذلك يدا واحدة تجسم جوهر العمل الوطني القائم على البناء والمشاركة في صنع القرار بدل هذا الضياع في دروب الإرهاب؟
البحرين تولي أهمية بالغة للشباب، والقيادة تؤمن اشد الايمان بالدور المبدع والخلاق لهم وطاقاتهم الفكرية، ولكن القضية الرئيسية تكمن في البيت والأسرة التي ترى الابن في معمعة العمل المنحرف ولا تتحرك وتتجاهل بشكل متعمد الضبط من اجل خاطر رجل الدين الفلاني الذي يحركهم كالدمى كيف يشاء ويستخدمهم بالطريقة التي يريدها وعليهم الطاعة العمياء. إن كنت وليا للأمر وتشاهد ابنك أو ابنتك في تلك التجمعات والتظاهرات غير القانونية فعليك واجب التنفيذ فورا وهو تحديد المكان الصحيح، يكفي ما حصل لأبنائكم من ضياع، والانتحار بهذه الطريقة في المضي نحو ظلمة الطريق الخرب. اجعل ملف ابنك تحت ذراعيك وانقله الى الأمام في مستوى التصرف الواعي.