العدد 2831
الجمعة 15 يوليو 2016
banner
ما لا يقال عن الحرب العراقية
الجمعة 15 يوليو 2016



مرة أخرى يعاد موضوع حرب العراق إلى مركز من مراكز السياسة والإعلام. واليوم يبرز مجددا مع التقرير البرلماني البريطاني المكرس لاتهام توني بلير بكونه زج بريطانيا في حرب لا علاقة لها بها وما سقط من ضحايا بريطانيين في العراق. سبق لنا تناول الموضوع مرات وآخرها في مقال عن موضوع أسلحة الدمار الشامل تعليقا على برنامج الفضائية العربية. ونرى من المفيد أمر إعادة التأكيد على ما يلي: إن القرارات الدولية ذات العلاقة بالأسلحة المحظورة اتخذت بعد غزو الكويت الذي كان البوابة الحقيقية لانزلاق العراق الى ما وصل اليه اليوم. إن تلك القرارات اتخذت بإجراء الدول الكبرى ومنها تلك التي عارضت الحرب. إن تلك القرارات اتخذت بموجب البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يبيح لكل دولة شاركت في القرارات ان تتخذ ما يلزم بما في ذلك استعمال القوة لتنفيذ تلك القرارات. إن جميع تلك الدول كانت تعتقد أن العراق لا يزال يمتلك اسلحة الدمار الشامل كتلك التي استخدمت في حلبجة، وكالأسلحة البيولوجية التي تم العثور عليها في منتصف التسعينات قرب “أبو غريب” بعد هروب حسين كامل الى عمان. اما عن النووي فلم يقل احد ان العراق على وشك تصنيع القنبلة ولكن قيل وعن حق إنه كان للعراق مشروع نووي يهدف الى الوصول الى القنبلة. والآن هل اقترفت بريطانيا والولايات المتحدة أخطاء جسيمة، كما قال بلير؟ لابد من التفكير بأن غزو الكويت جرى في أغسطس 1990 وحرب الكويت بعد ذلك بشهور. وتتالت خلال تلك الفترة مناشدات ووساطات دولية وإقليمية مع حكام العراق للانسحاب قبل وقوع الكارثة، فكان الجواب بالرفض والإصرار على الاحتلال. وأكثر من ذلك ففي لقاء وزير الخارجية الأميركية بيكر مع الراحل طارق عزيز حذر الأميركان من عواقب عدم الانسحاب وتوعدوا صراحة بتدمير العراق لو استمر الاحتلال، فكان الرد العراقي مرة أخرى هو الرفض. رغم كل هذا يجب ان يقال إن أخطاء جسيمة اقترفت من الجانبين الأميركي والبريطاني. فمثلا لم يكن هناك فهم دقيق لطبيعة المجتمع العراقي وقواه السياسية. ونقل لي مصدر ثقة حضر اجتماعات لندن عشية الحرب ان الموفد الأميركي زلماي خليل زاده زلماي قال في اجتماع خاص “نحن مستعدون لتسليم مفاتيح بغداد للمجلس الأعلى”. كما ان تساؤل القوات الأميركية مع عمليات النهب الشامل في بغداد في الأيام الأولى كان خطأ كبيرا. ومثله عدم دعوة جميع ضباط الجيش العراقي للالتحاق بعد ان حل الجيش نفسه بنفسه أو تطمينهم بأن حقوقهم محفوظة باستثناء الحرس الجمهوري. وهناك أيضا ايكال تنفيذ سياسة اجتثاث البعث الى ساسة طائفيين وليس الى القضاء. وإذ نقول كل هذا فإن أحدا لم يعد يتكلم عن التدخل السوري الإيراني بالتعاون مع القاعدة لمنع أي تقدم ديمقراطي في العراق، وكان الارهابيون يتسربون من إيران وغيرها الى سوريا ومنها الى العراق، بعلم السلطات السورية. ومعلوم أن قيادات وكوادر من القاعدة نزحوا الى إيران في اعقاب حرب أفغانستان فاستخدمتهم ضد العراق. كما لعب الإعلام العربي دوره السلبي وذلك بتحامله على العراق الجديد تحت شعار لا للغزو الأجنبي واتخذت دول الجامعة العربية مواقف سلبية تاركة المجال واسعا لسوريا وإيران. كما ان علماء من الأزهر أصدروا فتوى بتحريم التعامل مع مجلس الحكم. اننا لو جمعنا وطرحنا وضربنا وقسمنا فإن كل نظرة موضوعية ستقول ان الأصل كان في احتلال الكويت ومن ثم في التدخل السوري الإيراني، دون أن ننسى تخلف الطبقة السياسية العراقية ولاسيما الأحزاب الطائفية التي جاءت للسلطة ونهمها للامتيازات والتحكم وهوسها الطائفي التدميري. إن الموضوع شديد التشعب وكثير الجوانب وهذه وجهة نظرنا. إيلاف.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية