العدد 2822
الأربعاء 06 يوليو 2016
banner
عالم الدم والدموع والعبث المجنون
الأربعاء 06 يوليو 2016

ليس في أخبار العالم ما يريح، بل كل ما نسمعه أخبار تفجيرات القتل وضحاياها بالمئات وأخبار أطفال يختطفون ليساقوا الى ساحات القتال وأخبار البراميل المتفجرة في سوريا وأمثال ذلك من الاخبار المرعبة. حتى المناخ في أوروبا لعبت به أهواء الطبيعة لينقلب الصيف خريفا والربيع شتاء والشتاء بلا هوية. وأود هنا التوقف لدى حدثين مهمين، جريمة إسطنبول وتقرير اليونيسيف عن أطفال العراق.
إن جريمة داعش في مطار إسطنبول تذكر بسلسلة جرائم داعش في فرنسا وبلجيكا وأخيرا في كرادة بغداد وفي بنغلادش. إنها جرائم تدل من جديد على مدى وحشية وخسة وجبن الداعشيين الذين أصبح كل منهم حرا في اختيار الهدف لإلحاق أكبر ما يمكن من الأضرار البشرية والدمار. والملاحظ ان هذا التنظيم الوحشي لا يعلن دوما عن مسؤوليته ولا يفعل ذلك هنا وهناك، لأسباب محسوبة لديه.
إن تركيا أردوغان اقترفت أخطاء جسيمة في السنوات الماضية حين غضت النظر عن تسلل الآلاف من متطوعي داعش ومن مختلف البلدان إلى سوريا عبر أراضيها، ربما من منطلق كراهية الأكراد حيث ان تنظيم داعش يشارك أردوغان في ذلك، أو لحسابات خاطئة بأن داعش سيكون عدوا صارما للنظام السوري، فإذا به يوجه نيرانه أولا إلى المعارضة السورية المسلحة. وقد كشفت محطة سكاي نيوز منذ حوالي شهر وثائق وبينات تدل على وجود نوع من العلاقات بين النظام السوري وداعش ولاسيما فيما يخص احتلال تدمر. ومما يلفت النظر هنا ان تنظيم داعش ترك المدينة دون الحاق اضرار كبرى في الآثار النفيسة بالعكس مما فعله في نينوى. وربما ادركت تركيا فيما بعد ان مصلحتها في مواجهة داعش وليس العكس فسمحت للطائرات الأميركية باستخدام قواعدها لهذا الغرض. وطبيعي أن يثير هذا الموقف الجدي غيض الداعشيين فانتقلوا الى الأراضي التركية لتنفيذ عمليات إجرامية. وتبين ان مجرمي المطار كانوا قادمين من جمهوريات إسلامية ضمن الاتحاد الروسي. ان تركيا تدفع ثمن الحسابات الخاطئة تحت شعار عدو عدوي حليفي. اننا نتضامن مع الضحايا ومع الشعب التركي وعلى فريق اردوغان ان يسلك سياسات سليمة وألا يتقوقع في هوس العداء للكرد بل عليه اليوم المشاركة الفعلية والفعالة في محاربة داعش في سوريا.
 • قال الشاعر العربي القديم “وإنما أطفالنا بيننا أكبادنا تمشي على الأرض” ولكن الأطفال في عالم اليوم في مناطق النزاعات والأزمات صاروا في مقدمة ضحايا الطغيان والإرهاب والحروب، كما ضحايا العجز الدولي.
نكتب هذا بمناسبة صدور تقرير منظمة اليونيسيف الدولية المختصة في رعاية الأطفال، عن عمليات الخطف الجماعي المستمرة في العراق لغير البالغين ولاسيما ما قام ويقوم به داعش من خطف المئات في نينوى وغيرها ولاسيما من بين الأقليات الدينية واستخدامهم في عمليات عسكرية والمتاجرة بأعضائهم، وهناك عدا داعش عصابات ومجموعات كانت ولا تزال منذ سنوات تختطف الأطفال طلبا للفدية أو الأغراض الجنسية. ويؤكد التقرير ان حوالي أربعة ملايين طفل عراقي بحاجة الى المساعدات الإنسانية.
إن حكام العراق مقصرون تماما في حماية أطفالنا كتقصيرهم في رعاية امن البلاد والمواطنين، وفي حماية ثروات البلاد من النهابين السلابين. لحد يومنا لم تقدم الحكومة عضوا واحدا من أعضاء الميليشيات الطائفية المسؤولة عن أعمال القتل والتعذيب إلى العدالة. ولا حاسبت أي واحد من كبار الفاسدين وصغارهم وهم معروفون ومنهم من ينتمون الى حزب العبادي وتنمروا في البلاد. فكيف يجرؤ العبادي على تقديم المتهمين من الميليشيات إلى القضاء مع أن قيادات هذه الميليشيات تستمع لقاسم سليماني قبل الالتفات الى العبادي وحكومته. وبقدرة قادر صار سليماني هذا مستشارا عسكريا للعبادي والمثل يقول “عيش وشوف”! وها هو الحرس الثوري الإيراني يهدد باجتياح إقليم كردستان بحجة وجود اكراد إيرانيين في الإقليم يتنقلون داخل ايران وسبق لخميني ان وصف الأكراد بـ “أولاد الشيطان”!
إن خامنئي يسير على طريق اردوغان في كراهية الأكراد بدلا من العمل على ايجاد حل سلمي عادل لحقوقهم القومية. نعم “عيش وشوف”: سليماني مستشار العبادي وحكومة العبادي ساكتة عن تهديدات الحرس الثوري وعن القصف المدفعي للأراضي الكردستانية العراقية من جانب كل من إيران وتركيا.
وعلى هذا النحو نعيد التكرار بأن اخبار العالم غير مريحة وآخر ما سمعناه جرائم داعش في كرادة بغداد التي ضحاياها ضعفا ضحايا إسطنبول. إيلاف.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .