العدد 2830
الخميس 14 يوليو 2016
banner
الإسفاف يحاصرنا... ارحمونا
الخميس 14 يوليو 2016



 تعلمنا في الزمن الجميل مجموعة من القواعد الأخلاقية الذهبية في التعامل والتصرف وهي قواعد زمن الطيبين كما يصفه الشارع الخليجي، وأعتقد أن الذين أبصروا النور في سبعينيات القرن المنصرم آخر من يمكن وصفهم بجيل الطيبين بكل ما تحمل العبارة من معنى لا تحتاج الى شرح لاسيما أن المقال هو استغاثة عاجلة للطيبين أنفسهم لوضع حد للإسفاف الذي يحاصرنا في الفضاء الافتراضي وحياتنا اليومية، في زمن الطيبين تعلمنا ان هناك حقائق معروفة أهمها أنك إذا سمعت أو قرأت سبا أو شتما أو ألفاظا بذيئة، فإن ذهنك سيصنف الشخص المصدر لهذه الكلمات بأنه شخص قلل من شأن نفسه، هذا على أقل تقدير، وبعدها تتجه للشخص الموجه له السباب والشتم، ويستعيد ذهنك صورة هذا الشخص من خلال معرفتك وخلفيتك عنه، لترى إن كان يستحق ذلك أو لا، وأن الشخص الذي يروج للإسفاف بأشكاله مهما ناصره من حوله ودافعوا عنه وهو يسب ويشتم، فإن صورته لديهم ستهتز، وسيعاملونه من خلال منظور واحد هو أنه شخص يكثر من السب والشتم والبذاءة، أي (قليل أدب)، وهذه أوصاف ليست جيدة بالتأكيد.
البعض يصف هذه الحالة بالإسفاف، أو الإفلاس، وتعني عدم مقدرة شخص ما التغلب على خصمه بالحجة والمنطق، وبما أنه يفلس من ذخيرة المنطق والحجة فإنه يلجأ للإسفاف، والتلفظ بهذا السب والشتم، ومن المعروف انه مهما بلغت درجة السب والشتم والبذاءة الموجهة إلى شخص ما، فإن الضرر الذي يصله منها يظل سطحيا، ومؤقتا، وربما يعود عليه بالمزيد من احترام الآخرين وتقديرهم، خصوصا إذا قابل هذا الشتم والبذاءة بأسلوب هادئ وراق ورزين ولم يبار شاتمه بنفس الألفاظ.
هذه قواعد الطيبين وهي قواعد لم تعد تلائم شريحة واسعة من الأجيال التي ابصرت النور بعد سن الطيبين مع شديد الاسف، امس فقط تعرفت على برنامج التواصل الاجتماعي سناب شات ويا ليتني لم اتعرف عليه، شاهدت (فنانة) لبنانية متزوجة (بفنان) خليجي تشارك العالم يومياتها من لحظة وجودها في الفراش مع زوجها حتى تنام على نفس الفراش وإلى جوار زوجها، كل التفاهات التي تدور في مخيلتكم يمكن ان تشاهدوها مباشرة وبلا رقابة عبر حساب تلك (الفنانة)، وشاهدت حسابا آخر صاحبته (فنانة) خليجية متزوجة من (فنان) خليجي وهذا الحساب قصة اخرى، ما ينشر فيه لا يمكن أن يكون في مجتمع محافظ، إنهم ينشرون الاسفاف والعري وقلة الادب والبذاءة ويؤثرون على تكوين الاطفال والمراهقين الذين يتابعونهم، لذا اطلب من حكومات دول مجلس التعاون إيقاف هذا الاسفاف الذي يحاصرنا، قد يقول البعض الاسفاف بكل مكان فهو في التلفزيون وفي الدراما الخليجية التي لا تشبهنا وهذا صحيح، الا ان اسفاف وابتذال مواقع التواصل لا يحده اي نوع من انواع الرقابة لأن الذين يروجون لهذا الابتذال قد يقومون بكل شيء، أكرر بكل شيء، وينشرونه، ومن ثم ينتشر انتشار النار في الهشيم بدون ان يستطيع اي انسان ايقاف هذا الوباء الاخلاقي، ارجوكم ارحمونا، الاسفاف يحاصرنا ويحاصر اولادنا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية