العدد 2778
الإثنين 23 مايو 2016
banner
مجالس تنسيق تجمع البحرين والسعودية والامارات تقربنا من الوحدة الاستراتيجية
الإثنين 23 مايو 2016

بعد الزيارتين الملكيتين الناجحتين بامتياز الى كل من سويسرا والمملكة المتحدة، حل الطائر الملكي الميمون في الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية في زيارة ناجحة هي الأخرى بامتياز، خصوصا أنها جاءت بحسب بعض المراقبين شديدي الاطلاع على كواليس السياسة الخليجية لفتح خط تفاعلي جديد في العلاقة التاريخية الوطيدة بين البلدين الشقيقين، يتمثل بإنشاء مجلس تنسيق سعودي بحريني على غرار المجلس التنسيقي السعودي الاماراتي الذي شهدت مدينة جدة توقيع محاضره بتشريف خادم الحرمين الشريفين وسمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
والحقيقة انها خطوة مباركة، توقع لها المراقبون والمسؤولون في كل البلدين نتائج حاسمة وبالغة الاهمية سواء على الصعيد الاقتصادي أو الامني أو العسكري ومختلف ميادين ومجالات التنمية لما فيه صالح الشعب السعودي الاماراتي والشعب الخليجي عموما.
ومن غير عاهلنا المفدى الملك حمد بن عيسى آل خليفة يمتلك كل هذا الزخم من المبادرة ليتقدم مباركا ومهنئا للبلدين الشقيقين، ومقترحاً ــ كما أكد المراقبون ــ إنشاء مجلسين تنسيقيين موازيين يجمعان البحرين بالشقيقتين الاكثر اهمية: السعودية والامارات...؟! لذلك كان طبيعيا ان يكون الملك حمد بن عيسى، اول المهنئين بهذه الخطوة التي جلبت الكثير من الفرح لشعبي البلدين ولمحبي السعودية والامارات، وجلبت الكثير من الصداع والتخرصات والهلوسات والأوهام للطرف الآخر المحتشد سلبية وعداوة وحقداً وحسداً وتآمراً على البلدين الشقيقين وعلى كل ما هو تنسيق او وحدة خليجية.
وعلى الرغم من أن السعودية والامارات والبحرين تجمعها شراكة تاريخية تضم بقية الدول الخليجية ضمن منظومة مجلس التعاون، الا أن ثمة معطيات دولية واقليمية جديدة تفرض علينا البحث عن قنوات اكثر سلاسة ويسراً للتنسيق العاجل بين المواقف والقرارات وحتى ردود الافعال التي تستوجب سرعة ومبادرة لا تحتمل التاخير او المشاورات الطويلة. لذلك فإن هذه المجالس التنسيقية من شأنها الكشف عن أبعاد اخرى جديدة في العلاقات الاستراتيجية تحديدا بين الدول والبلدان المنضوية تحتها... ومن تابع المواقف وردود الافعال السعودية والإماراتية في السنوات الخمس الماضية تحديدا، يدرك انها لم تكن نتاجا لتنسيق عادي او عابر في التعامل مع ملفات السياسة الخارجية على نحو خاص، ولا إلى مجرد توافق آني... بل يتعدى كل ذلك الى تناغم وتماثل وتنسيق عميق يشبه الى حد بعيد توحيد المسار السياسي بشكل متكامل... وهو أمر زادته “عاصفة الحزم” رسوخاً وأكدت حكمته وعقلانيته ورسمت له ابعاده الاستراتيجية الكبرى التي ربما تعجز مؤسسات مجلس التعاون الخليجي على اهميتها وكفاءتها عن مواكبته او تلبية متطلباته..
لذلك جاء هذا المجلس التنسيقي... ليكون من جهة تتويجا لمرحلة بالغة الدقة والاهمية من التنسيق والتوافق المشترك بين البلدين... وجاء من جهة اخرى ليمثل بداية لمرحلة غير مسبوقة من توحيد مسارات العمل والسياسة والاقتصاد والدبلوماسية بين البلدين... واكثر من ذلك مما ستكشف عنه الايام.
هنا، لا بد من الاعتراف بأن البحرين كانت ثالثة الأثافي في كل ترتيب سعودي إماراتي، وكانت دائما في توافق وتنسيق تام وحثيث مع كلا الشقيقتين. وكانت العلاقات بين البحرين وكل من السعودية والإمارات تتعدى اعمال وتقاليد السفارات، لتصبح تواصلا مباشراً وحثيثاً ومستداما بين القيادات وعلى اعلى مستويات القرار... وهذه حقيقة لا ينكرها مدع ولا مجتهد مهما كان.
الحقيقة الثانية أن البحرين كانت دائماً في مقدمة المبادرين لأي عمل من شأنه تعزيز التنسيق والمشاركة والتوافق التام بين دول المجموعة الخليجية... ولا ننسى المقترحات الملكية في هذا الصدد، التي كان ابرزها انشاء برلمان خليجي مشترك، وغير ذلك من المقترحات والخطوات والمبادرات الملكية التي كانت تصب دائما فيما ينفع العمل الخليجي المشترك وما ينفع الشعب الخليجي الواحد برغم تعدد جنسياته وهوياته الرسمية... وبالتالي فقد كان طبيعيا جدا أن تكون البحرين على رأس قائمة التنسيق الخليجي الجديد، الممثل رسميا في مجلس التنسيق السعودي الاماراتي... وما سوف يتبعه من مجالس تنسيقية اخرى تعمل جنبا الى جنب مع مجلس التعاون الخليجي، باعتباره المجلس الأم لهذه المجالس والمظلة التاريخية والوجدانية والاجرائية لها جميعا...
إن مجلسا للتنسيق بين البحرين والسعودية، ومجلسا مماثلا بين البحرين والامارات سوف يكون لهما دور كبير في رفع حالة التعاون والمشاركة والتوافق والتنسيق بين البلدان الثلاثة الى مستويات تقارب الوحدة الفعلية... وهذا من أجل واعظم الاهداف والتطلعات الخليجية والعربية... وسوف تكون هذه المجالس رمزا موحدا ليس لالتقاء المصالح بين الدول الشقيقة الثلاث بل انصهار هذه المصالح والمقدرات والاهداف والتطلعات في بوتقة واحدة..
وبالتأكيد سوف نكون بهذه المجالس أكثر قدرة واقتدارا على مواجهة تحديات المستقبل القريب والبعيد على حد سواء، ومواجهة التغيرات الدراماتيكية في السياسات الدولية وتعي المصالح الدولية وتقاطعها وتبدل مفاعيلها مما قد يربك النائمين في العسل أو الباقين على الخطوط الخليفية للأحداث.
كذلك فإن من شأن المجالس التنسيقية إذا ما تم بناء القنوات الموصلة بينها على نحو استراتيجي راسخ أن تجعل دولنا في حالة من الوحدة شبه التامة في مواجهة الارهاب العابر للدول والقارات، بل العابر للأديان والمعتقدات... وما تتعرض له المنطقة من أخطار سياسية وثقافية واجتماعية واقتصادية بات تتعدى الأخطار العسكرية التقليدية.
لكل ذلك، نرفع العقال تحية لمجلس التنسيق السعودي الاماراتي... وللمجلسين التنسيقيين القادمين إن شاء الله بين البحرين والشقيقتين الكبيرتين... ونتطلع الى مجالس تنسيقية تضم الكويت تحديدا... ليكتمل عقد التنسيق الخليجي الاستراتيجي ممثلا بهذه الدول الأربع، التي لم تتاخر أي منها عن اداء كامل دورها واكثر في تعزيز العمل الخليجي الموحد.. الذي هو في الواقع حلمنا جميعا واملنا جميعا ومصلحتنا العليا جميعا... والله الموفق.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .