العدد 2749
الأحد 24 أبريل 2016
banner
النظام الموازي الاختياري
الأحد 24 أبريل 2016

من وجهة نظري، فإن النظام الاختياري الموازي لنظام البحرنة الذي بدأت هيئة تنظيم سوق العمل بتطبيقه سوف يكون له انعكاسات سلبية للغاية على برامج بحرنة الوظائف التي هي حاليا وحتى قبل تطبيق النظام تسير كالسلحفاة دون فعالية واضحة.
إن النظام المذكور يعتمد على ذات فرضية مشروع مكنزي الذي بدأ بتطبيقه عام 2006، والذي قام برفع تكلفة العمالة الأجنبية من خلال فرض رسوم سنوية وشهرية؛ وذلك بغية تشجيع القطاع الخاص للتوجه نحو العمالة الوطنية.
فاليوم وبعد مرور عشر سنوات على بدء هذه الإصلاحات تحت شعار “جعل العامل البحريني هو الخيار المفضل لدى القطاع الخاص”، وكما أوضحنا في مقالات سابقة، تبين الأرقام إن القطاع الخاص لا يزال يفضل العامل الأجنبي على البحريني بالرغم من رفع تكلفته. وتظهر بيانات سوق العمل الواردة على موقع هيئة تنظيم سوق العمل إن مجموع العمالة ارتفعت من 352 ألف عامل عام 2006 (وهو العام الذي بدء فيه إصلاحات سوق العمل) ليبلغ المجموع 725 ألف عامل مع نهاية العام 2015 بزيادة قدرها 373 ألف عام أي نحو الضعف تقريبا في عشر سنوات. في حين ارتفع مجموع الأيدي العاملة الأجنبية من 251 ألف عامل أجنبي وهي تمثل نسبة 71 % من مجموع العمالة عام 2006 إلى 567 ألف عامل أجنبي وهي تمثل نسبة 78 % من مجموع العمالة في نهاية العام 2015 وبزيادة قدرها 316 ألف عامل خلال عشر سنوات. أي أن حصة العمالة الأجنبية من الزيادة الإجمالية في الأيدي العاملة الجديدة في البحرين بلغت 90 % منذ بدء إصلاحات سوق العمل، وبمعنى آخر فإن 90 % من الوظائف التي توفرت خلال السنوات العشر الماضية ذهبت للعمالة الأجنبية، في حين كان نصيب الأيدي العاملة الوطنية 10 % فقط.
كما تظهر البيانات إن العمال الأجانب وبالرغم من فرض رسوم العمل مازالوا أقل كلفة من البحرينيين، حيث بلغت فجوة تكلفة العمل بين العمالة الأجنبية والوطنية في القطاعات المستهدفة ) المقاولات والتجارة والفنادق والمطاعم وقطاع الصناعات الصغيرة 297 دينارا بحرينيا في نهاية العام 2015.
إن استمرار هيمنة العمالة الوافدة واستحواذها على هيكل وتركيبة سوق العمالة في البحرين خصوصًا لدى مؤسسات وشركات القطاع الخاص، أدى ولا يزال يؤدي إلى تفاقم مشكلة البطالة بين المواطنين. كما تؤدي تلك الهيمنة أيضا إلى زيادة الضغط على السلع والخدمات والأجور، حيث تحصل العمالة الوافدة وأسرهم على خدمات التعليم والصحة واستخدام المرافق العامة دون مقابل أو بمقابل رمزي واستفادتهم من الدعم المقدم لكثير من الخدمات.
وسوف تظل أعداد ونسبة العمالة الأجنبية في تزايد طالما أن الأنشطة الاقتصادية السائدة تولد وظائف للعمالة الأجنبية بالدرجة الأولى وليس للبحرينيين. وسوف يؤدي تطبيق النظام الجديد إلى تسارع أكبر في هذه الأعداد والنسبة على حساب البحرنة وهو ما سوف يؤدي بدوره إلى زيادة نسب البطالة بين البحرينيين؛ لأن النظام لم يشترط أن تتصاعد نسبة البحرنة لدى المنشآت مع زيادة أعداد العمالة الأجنبية لديها، بل اكتفى بتعبير تثبيتها في بداية التطبيق.
وحتى إذا نظرنا لتطبيق النظام من زاوية مساهمته في زيادة إيرادات الخزينة، فإن الزيادة المتأتية منه لن تكون كبيرة وليست مجدية ولا تعادل الأضرار المتأتية منه.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية