العدد 2746
الخميس 21 أبريل 2016
banner
النفط وآفاق النمو
الخميس 21 أبريل 2016

لا شك أن عدم اتفاق منتجي النفط من داخل وخارج الأوبك على عدم تثبيت سقف الإنتاج في اجتماعهم الذي عقد مؤخرا في الدوحة سوف يخلق أجواء نفسية ملائمة لعودة أسعار النفط للتراجع بعدما شهدت بعض التحسن خلال الأسابيع الماضية، خاصة أن الأنباء الواردة من الصين لا تنبئ بعودة الاقتصاد الصيني للنمو وفقا لمعدلاته في السنوات السابقة، كما أن تصريحات مديرة صندوق النقد الدولي في الاجتماعات المشتركة للصندوق والبنك الدوليين قبل أيام هي الأخرى أعطت مؤشرات سلبية عن وضعية الاقتصاد العالمي.
وبالتأكيد فإن المضاربين في أسواق النفط سوف يسعون بدورهم لاستغلال هذه الأجواء السلبية؛ لإحداث سلسلة من التحركات الوهمية التي ليس لها علاقة مباشرة بالعرض والطلب، وإنما بغرض المراهنات على المجهول والعوامل المستبطنة غير المرئية لتحقيق الأرباح.
ووسط هذه الأجواء، تبرز تصريحات عن مؤسسات دولية بتخفيض توقعات النمو للاقتصاديات الخليجية خلال العام الجاري، باعتبار إن أسواق النفط لا تزال تتعثر وإن الإيرادات النفطية، وهي المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي، سوف تبقى منخفضة.
ومن وجهة نظرنا، فإن هذه التطورات تمثل بالفعل تحديات جوهرية للاقتصاديات الخليجية، وسوف تولد أعباء جديدة على الميزانيات الحكومية وتدفع للبحث عن المزيد من البدائل، لكننا بنفس الوقت نعتبر هذه التطورات والتحديات امتحان حقيقي لمدى جدية الإجراءات التي اتخذت لحد الآن لمواجهة العجوزات في الميزانيات الحكومية.
ولعلنا مع القول إن ربة ضارة نافعة؛ لأن ما حدث في السابق أنه في كل مرة تعلن دول المنطقة عن عزمها إحداث إصلاحات اقتصادية حقيقية يأتي ارتفاع أسعار النفط مجددا ليؤجل خطط وبرامج الإصلاح.
بينما نرى في هذه المرة وجوب أن تُظهر دول المجلس عزيمة أكبر على المضي في الإصلاحات الاقتصادية، وخاصة ترشيد النفقات الحكومية غير الضرورية وتقليص أجهزة الحكومة المتضخمة والقضاء على الروتين والفساد وهدر الأموال والإنفاق البادخ على أمور وأنشطة ليس لها علاقة بالتنمية والأهم من ذلك، أن عليها تعظيم إنتاجية الإنفاق الحكومي، وذلك بربط هذا الإنفاق ببرامج ومشاريع مدروسة تحقق المردود الاجتماعي والاقتصادي الأعلى للمواطنين وللاقتصاد. أي أن الإنفاق يجب أن يخضع لدراسات جدوى اجتماعية واقتصادية، وألا ينفق على مشاريع يتضح فيما بعد أنه تم استخدامها لأغراض أخرى لا تحقق أيا من الأهداف التنموية المعلنة لها كما كشف عنه تقرير ديوان الرقابة المالية الأخير.
أيضا يجب أن تكون هناك شراكة حقيقية مع القطاع الخاص؛ من أجل تنويع مصادر الدخل وتوفير فرص العمل المرضية للمواطنين، وهو ما أعلنت عنه دول المجلس في قمتها الأخيرة في الرياض.
إن الشراكة مع القطاع الخاص تعني مشاركته على مستوى صياغة برامج التنمية واستشارته في التشريعات والبرامج كافة التي ترتبط بعمله، ومشاركته في تنفيذ مشاريع التنمية كالإسكان والصحة والتعليم ومشاريع السكك الحديد والصناعات المرتبطة بالطاقة وغيرها. كذلك مشاركته في المفاوضات التجارية التي تجريها دول المجلس مع شركائها التجاريين، والأهم من ذلك خلق بيئة أعمال واستثمارات ملائمة ومحفزة ويجب أن لا ينظر إليه فقط كمورد لاستنزافه من خلال الرسوم والضرائب وغيرها.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .