العدد 1755
الأحد 04 أغسطس 2013
banner
تونس على حافة الخطر
الأحد 19 مايو 2024

يبدو أن تونس تسير حرفيا على خطى مصر، فمرحلة التحول الديمقراطي في هذه الدولة العربية الصغيرة التي دشنت (الربيع العربي) على أراضيها وكانت أول دولة عربية تخلع رئيسها بثورة شعبية، تتعرض الآن لمشكلات لا حصر لها ويبدو أن السيناريو المصري بات قريبا من تونس ولا بديل له سوى الحرب الأهلية.

تم اغتيال المعارضين شكري بلعيد منذ شهرين تقريبا ومحمد البراهمي قبل أيام، وتلاه اغتيال ثمانية جنود تونسيين قبل الافطار بشكل بشع أشعل الشارع التونسي ووضع البلاد على حافة الهاوية، وسواء عرف القاتل أو لم يعرف فحزب النهضة الممثل لحركة الاخوان المسلمين الحاكمة في تونس هو المسؤول عن هذه الاغتيالات، وإذا لم يتمكن الحزب ويتمكن الرئيس الاخواني من تقديم المسؤولين عن هذه الاغتيالات البشعة للمحاكمة، فالاتهام سيوجه إليه بشكل مباشر.

ولماذا لا ترحل حكومة النهضة ويتم تشكيل حكومة وحدة وطنية أو حكومة انقاذ وطني، طالما وصلت الأوضاع إلى ما وصلت إليه من سخونة؟

لماذا تصر حركة الاخوان المسلمين على ارتكاب نفس الأخطاء التي ارتكبتها في مصر وقد رأت أمامها ما حدث للجماعة الأم هناك؟ ألا يدرك الغنوشي أن الضربة القاصمة التي تلقتها الجماعة في مصر سوف تكون أهم سبب لضرب حركته والقضاء عليه في تونس؟.

الشعب المصري هتف ضد المرشد العام للجماعة قائلا: “أنا مش كافر.. أنا مش ملحد”، “يسقط يسقط حكم المرشد”، والشعب التونسي هتف هتافا أشد وأنكى، حيث قال: “يا غنوشي يا سفاح.. يا قتال الأرواح”

وكأن المزاج السياسي والاجتماعي التونسي، مثله مثل المزاج المصري لم يتقبل حكم الاخوان المسلمين ولا طريقة إدارتهم للبلاد، خاصة أن الاخوان المتعطشين للسلطة الخائفين من فقدانها المسكونين بهواجس الماضي وما جرى لهم من اعتقال ومطاردة، يخشون أن يعودوا إلى هذا الماضي من جديد، فتركوا كل شيء قامت من أجله الثورة، خاصة الأوضاع الاجتماعية السيئة وتفرغوا إلى بذل ما في وسعهم لكي يوصدوا إلى الأبد باب الديمقراطية الذي دخلوا منه حتى لا يدخله أحد بعدهم، تفرغوا للامساك بكل مفاصل الدولة حتى ينجزوا مشروعهم الاخواني بأي ثمن.

ولماذا كل هذا التشبث بالكراسي رغم الأخطاء الواضحة التي برزت خلال المرحلة الماضية، ولماذا لا يترك الأمر للشارع ليقول كلمته من جديد، لماذا يعاقب الشعب الذي خرج وقدم الشهداء وأوصل الاخوان إلى سدة الحكم، هل تتحول أصوات الناس التي جعلتهم حكاما إلى مشانق تمسك برقابهم وتمنعهم من مراجعة ما جرى وتصحيح المسار، خاصة إذا كان هذا الشعب لم ير جديدا ولم يجد العيش الكريم الذي ثار من أجله وأسقط من أجله من كانوا قبلهم؟.

الاخوان المسلمون في تونس، مثلهم مثل إخوان مصر، يخشون العودة للشارع بسبب أخطائهم، ولكن إصرارهم سينسف مستقبلهم السياسي كله إن هم مضوا في طريق العناد.

إذا كانت تجربة الاخوان قد فشلت في مصر وتونس فهذه ليست نهاية العالم، فقد سبق وفشلت في تركيا عندما وقع نجم الدين أربكان في نفس الأخطاء التي وقعوا فيها وأصر على الاصطدام بكل المؤسسات العريقة في الدولة خاصة الجيش، فكان جزاؤه السقوط، ولم ينجح مشروع الاخوان في تركيا إلا بعد أن أتى رجل استطاع أن يتعامل مع مؤسسات الدولة التركية دون تعجل أو اصطدام، وهو رجب طيب أردوغان. فهل في استطاعة الاخوان في تونس أن يختاروا طريق أردوغان لكي يستطيعوا البقاء في الملعب أم أنهم سيمضوا في اختيار شمشون الذي فعله مرشد الاخوان في مصر؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية