العدد 1589
الثلاثاء 19 فبراير 2013
banner
الولي الفقيه يتطلع إلى القاهرة
الأحد 28 أبريل 2024

آخر ما تمخض عنه عقل ملالي إيران خلال سعيهم الدؤوب لإقامة علاقات مع مصر، أو بالأحرى توريط مصر في علاقات لا تفيدها هو محاولة تصدير علنية لنظرية ولاية الفقيه لمصر.
هذا هو ما حدث بالضبط وبالحرف الواحد وليس تلميحا أو مجازا، فقد أرسل 17 عالما ومفكرا إيرانيا، بينهم مستشارون للمرشد، أبرزهم على أكبر ولاياتي، أرسلوا خطابا إلى الرئاسة المصرية يعرضون فيه على الرئيس محمد مرسي تبني نظام ولاية الفقيه في بناء الدولة المصرية الحديثة ما بعد ثورة يناير 2011 وهو النظام المعمول به في جمهوريتهم الايرانية ، وأعلنوا عن استعدادهم التام لنقل خبراتهم وإنجازاتهم التي تحققت في ظل هذا النظام “الميمون”
وفي هذا السياق أذاعت وكالة فارس الإيرانية نص الرسالة التي بعثوا بها إلى مصر وأشاروا فيها إلى التجارب الفذة التي أنجزتها الثورة الإيرانية خاصة خلال مراحل التكوين الأولى في بناء نظام الحكم القائم على الشريعة الإسلامية، وجاء في الرسالة أيضا أن “أفضل مسار في الحياة هو الذي يكون مستوحى من ولاية الفقيه، لأن أي نظام حكم يضع سياساته ويُنشئ مؤسساته ويخطط مناهجه في ظل الولاية الإلهية وأهدافها، سينجح في بلوغ الصلاح وتحقيق السعادة، وسيكون مصدراً للرقى والكمال”.
إيران تريد أن تستثمر الظروف الحالية في مصر والاضطرابات السياسية والأمنية الحالية وحاجة النظام الجديد في مصر إلى تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي في تصدير قسط هام جدا من الثورة الإيرانية إلى مصر وإقناعها باستنساخ النظام الإيراني كمقدمة لتعميمه في أجزاء أخرى من العالم العربي.
ولكن الشيء الذي لم نفهمه من رسالة ملالي إيران للقاهرة هو ماهية هذا الولي الفقيه الذي سوف تتبعه مصر ومواصفاته ومؤهلاته، وهل هو ولي فقيه سني أم شيعي، وهل هو من مشايخ الأزهر أم المرشد العام للإخوان المسلمين، وعلى أي أساس إلهي أم شعبي سوف ينال هذه المنزلة؟ أم أن إيران ستصدر من عندها وليا فقيها إلى مصر يتولى المهمة أو يكون مندوبا عن الولي الفقيه الإيراني، خاصة وأن نظرية الولي الفقيه حسب علمي لا تعترف بالجنسيات والحدود وبالتالي لا بأس أن يكون الولي الفقيه إيراني موجود في إيران ويتم الاسترشاد بتعاليمه في مصر وفي لبنان وفي غيرها.
لا ندري كيف استقبل المصريون هذا الخطاب غريب الشأن؟ولا كيف سيعلقون على هذه المحاولة المضحكة للتغلغل داخل شرايين النظام المصري الجديد؟
وهل مصر بلد الأزهر وبلد العلماء الكبار في كافة المجالات، الدولة التي عرفت الحضارة والاستقرار منذ سبعة آلاف عام، الدولة التي صدرت الثقافة والفكر للمنطقة برمتها، هل لها أن تصبح بلدا مستقبلا لنظريات إيرانية مغلفة بأغلفة إسلامية ومزركشة بإنجازات كاذبة؟
إذا كانت مصر ستصيغ مستقبلها بخطط ونصائح إيرانية، فليس لنا إلا أن نقول “إنا لله وإنا إليه راجعون”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية