العدد 1575
الثلاثاء 05 فبراير 2013
banner
اللهم ارحم البحرين من أغبيائها
الأحد 28 أبريل 2024

استعرت هذا العنوان من الدكتور يحيى الرخاوي أستاذ الطب النفسي في جمهورية مصر العربية،حيث استخدمه خلال حديث تلفزيوني كان يتناول فيه الحالة الخطيرة التي وصلت إليها مصر بسبب الصراع السياسي الدائر حاليا الناتج عن تنكر البعض لأهداف الثورة المصرية وعدم حدوث تقدم اقتصادي في البلاد.
وخلال اللقاء دعا الرخاوي أن يرحم الله مصر من أغبيائها،قاصدا بذلك الذين يأخذهم العناد في طريق الخراب الوطني والذين يجرون البلاد نحو الحرب الأهلية التي يمكن أن تأتي على الأخضر واليابس فيها.
ترددت وأنا أستعير نفس التعبير وأقول:اللهم أرحم البحرين من أغبيائها،خوفا من قسوة التعبير أو الاعتراض عليه،ولكنني قلت لنفسي أن هذا التعبير من وجهة نظري يناسب الحالة البحرينية أكثر من الحالة المصرية،لأنه إذا كان الذي وضع نفسه في الخطر وأشرف على الهلاك غبيا كونه لم يحسب حساباته بشكل جيد،فإن الذي يلقي بنفسه في نفس الخطر من بعده هو بلا شك أشد غباءا من سابقه.
الذي يدفعون الحالة المصرية نحو الحرب الأهلية أغبياء بلا شك،لأن أحدا لن يكسب شيئا من وصول البلاد إلى هذه الحالة،والذين يضعون العصي في دولاب الحوار البحريني أكثر غباءا لأنهم يريدون أن تسير البحرين في طريق العنف.
العنف لن يتولد عنه سوى العنف ولن يؤدي إلى تحقيق أي مطالب والذين يصرون عليه اعتقادا أنهم بذلك سوف يجبرون الدولة على الخضوع لمطالبهم واهمون،فالبحرين لن ينفعها سوى التوافق والتفاهم بين جميع أبنائها.
والتصورات الخاطئة كانت السبب فيما يجري في مصر حاليا من إسالة للدماء في الشوارع وتخريب للاقتصاد وضياع للاستثمار والسياحة،على الرغم من أن ثورة قامت وانتخابات رئاسية جرت ومن قبلها انتخابات برلمانية ثم دستور وضع بإرادة أغلبية،ولكن النتيجة هي ما نرى حاليا.
الديمقراطية التي تحل على غير توقع بشعوب لم تستعد لها لا تحقق الاستقرار لهذه الشعوب لأنها لم تتأهل ثقافيا لممارسة هذه الديمقراطية.
الديمقراطية ليست مجرد انتخابات تعطي لمن يفوز بها سلطات مطلقة يفعل بعدها ما يشاء بالذين انتخبوه والذين لم ينتخبوه،وليست بابا يدخل منه رئيس دولة أو رئيس حكومة ثم يغلقه في وجه من يأتي بعده،ولكنها ثقافة تجعل الخاسر في الانتخابات يرضى بالنتيجة وتجعل الفائز يحترم المبادئ والشعارات التي رفعها ويحترم الجماهير التي أتت به إلى الكرسي،وما عدا ذلك فالديمقراطية لا تضمن استقرارا لأحد.
وما نحتاجه نحن في البحرين هو أن نقبل بوجود بعضنا البعض وألا نضع إملاءات مقدمة من قبل بدء الحوار أو نمارس العنف لإجبار الحكومة على القبول بهذه الإملاءات،فالبحرين لها ظروفها الخاصة ولها تنوعها الثقافي والديني الذي لا يناسبه الاستقواء والهيمنة من فصيل على حساب غيره من الفصائل،حتى وإن كانت هذه الهيمنة ناتجة عن أغلبية أو شرعية انتخابية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية