العدد 1420
الإثنين 03 سبتمبر 2012
banner
مصداقية الإخوان على المحك
الخميس 02 مايو 2024

الرئيس المصري السابق حسني مبارك لم يحكم يوما واحدا خلال الثلاثين عاما التي حكمها بدون قانون الطوارئ، ذلك القانون الاستثنائي الذي ظلم بسببه مئات من المصريين الأبرياء، ونال من النقد ما ناله بسبب هذا القانون الجائر.
وعندما قامت الثورة المصرية في الخامس والعشرين من يناير 2011 كان لابد من إلغاء هذا القانون المقيد للحريات الذي بسببه اعتقل الكثيرون من جماعة الإخوان المسلمين ظلما وحرموا من حقهم في ممارسة السياسة على مدى سنوات طويلة.
وكان النظام المصري السابق يتعامل مع بقية العالم في النواحي الاقتصادية ويطلب القروض من البنك الدولي، حتى وإن تعرض للنقد من علماء الدين الذين يحرمون فوائد البنوك ومن بينها البنك الدولي باعتبارها ربا.
وكان النظام المصري السابق يقرب أنصاره ومريديه ويعطيهم المناصب، وكان يختار أنصاره في عالم الصحافة، مهما انخفضت إمكانياتهم المهنية، لكي يترأسوا الصحف الحكومية، وكانت وظائف معينة لا ينالها إلا أصحاب الحظوة لدى ذلك النظام.
وكان الكتاب المنتفعين من النظام السابق يتولون تأديب المعارضين والتشهير بهم بكافة السبل، وكان رجال الحزب الوطني الحاكم داخل البرلمان يضيقون على المعارضين بكافة السبل إرضاء للنظام الحاكم.
وعندما قامت الثورة المصرية كان الطبيعي أن تزول كل هذه الأشياء التي قتلت انتماء الكثيرين وملأت الصدور بالكراهية للنظام السابق، وانفتح باب الحرية على مصراعيه، وعرفت مصر الانتخابات الحرة النزيهة لأول مرة، وانتقل الإخوان من الاعتقال إلى الحكم، وجاء الرئيس محمد مرسي الذي كان معتقلا في بداية الثورة ليصبح رئيسا لجمهورية مصر العربية عن طريق صناديق الاقتراع.
ولكن الإخوان المسلمين بعد مضي وقت ليس بالطويل بدأوا يتعرضون للنقد من جهات عديدة لأن الكثير من الأمور التي قامت الثورة ضدها بدأت تطل برأسها من جديد وسط جدل سياسي وديني واسع النطاق في مصر في هذه اللحظة الحرجة.
فقد بدأ الإخوان يطالبون بإعادة قانون الطوارئ الذي استعان به مبارك طوال فترة حكمه الطويلة، رغبة منهم في السيطرة على الأوضاع الأمنية في البلاد بعد أن طالت فترة الانفلات الأمني التي بدأت بعد سقوط نظام مبارك.
ولاقى هذا العرض انتقادات واسعة من خصوم الإخوان، رغم تأكيدات الإخوان أن هذا القانون سيكون معدلا ولن يطبق إلا على من يمارس البلطجة ضد الشعب، فالقوانين الاستثنائية مهما كانت وجاهة الأسباب التي تبررها هي قوانين لا تتناسب مع طموحات شعب انتفض من أجل الحرية وأطاح بالنظام الذي اخترع قانون الطوارئ.
هذا إلى جانب القرارات الخاصة بتعيين رؤساء تحرير الصحف من الموالين لجماعة الإخوان وتعيين محافظين تابعين لها والتضييق على الكتاب غير الموالين.
أما الشيء الذي وضع مصداقية الجماعات الدينية كلها على المحك، فهو قرض البنك الدولي الذي تسعى حكومة الإخوان للحصول عليه بالمخالفة لشعارات متراكمة منذ سنوات طويلة حول الربا والحرام والحلال،فقد فجر هذا الموضوع جدلا واسعا بين علماء الدين في مصر، حيث أفتى الكثير منهم بحرمة هذا القرض وقالوا إنه ينبغي بموجب ذلك الخروج على الرئيس مرسي.
كل هذا يؤشر إلى أن جماعة الإخوان المسلمين ستواجه معضلات كثيرة خلال سعيها لبسط سيطرتها على مقاليد الأمور في البلاد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية