العدد 1357
الإثنين 02 يوليو 2012
banner
السفير الأمريكي في البحرين
الإثنين 29 أبريل 2024

على قدر علمي وسني لم أر سفيرا مغضوبا عليه إعلاميا وشعبيا وبرلمانيا لدى البحرين مثل السفير الأمريكي الحالي.
 هذا الرجل ينال نصيب الأسد من النقد في مجالس البحرين وفي صحافة البحرين وفي برلمان البحرين،ولو حسبنا ما قيل وكتب عنه كما وكيفا ربما يفوز بجائزة أكثر سفير مغضوب عليه من قبل شعب الدولة التي يعمل بها ،ربما على مدى تاريخ العمل الدبلوماسي والعلاقات بين الدول.
هذا الرجل يتدخل في شئون بلادنا بشكل فج لا نظير له في مجال العمل الدبلوماسي و بشكل يجعله رجلا غير مرغوب فيه من قبل الشعب البحريني.
 أعرف جيدا أن الموقف الشعبي من أي دبلوماسي ليس هو الأساس،ولكن الأساس هو الموقف الرسمي،لأن العلاقات الدبلوماسية شديدة الحساسية ولها أعرافها وضوابطها التي قد نتجاوزها نحن ككتاب ونواب ومعنا غيرنا من أبناء الشعب في ظل انفعالنا وغيرتنا على بلدنا.
 وليس من السهل بطبيعة الحال أن تتخذ دولة ما موقفا معينا تجاه أي سفير لديها،إلا في حالات يعرفها المسئولون في وزارة الخارجية أكثر مما نعرفها نحن،ولذلك فالأمر في شأن كالذي نتحدث فيه متروك للمسئولين الكبار في الدولة،فهم الأدرى بالمصلحة العليا للبلاد والأدرى بأصول العلاقات الدبلوماسية وضوابطها.
 الغريب في هذه القصة ليس في الموقف الرسمي البحريني من هذا السفير، غير المرغوب فيه شعبيا ،ولكن الغريب هو الموقف الرسمي الأمريكي،فالدول ترسل سفراءها – على قدر فهمي للأمور – لتوطيد العلاقات مع الدول التي يعملون لديها وإقامة علاقات طيبة مع شعوب هذا الدول بوسائل شتى.
 وقد تقوم دولة معينة بتقييم  أداء سفيرها لدى هذه الدولة أو تلك من خلال قدرته على الاندماج وعمل صداقات مع شعب الدولة التي يعمل بها،وقد تقوم  دولة ما بسحب أي من دبلوماسيها ممن يدخلون في عداوات مع شعب الدولة التي يعملون بها.
 ومن المعروف أنه حتى في حالات التوتر بين الدول وبعضها البعض،يكون للسفراء لغة أكثر هدوءا من اللغة التي يتحدث بها السياسيون في بلدانهم،ويكون لهم لغة أكثر أدبا من اللغة التي تستخدمها وسائل الاعلام في بلادهم،رغم التوتر والصراع الحادث،لأن العمل الدبلوماسي له ضوابطه وتعابيره المنضبطة لغويا وانفعاليا.
 ولكن الأمر يبدو مختلفا بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية وسفراءها، خاصة في البلاد العربية وفي مقدمتها البحرين.
 فليس هناك سفير يتصرف بهذا الشكل المنتقد على غير رغبة من الدولة التي بعثته،ولكن هناك حتما موافقة وتشجيع من الخارجية الأمريكية،فالسفير هو أداة هذه الوزارة ولسانها،ومن يقول بغير ذلك فهو يخدع نفسه،فالسفير ليس صحافيا لكي يقول ما يقوله في إطار حرية الرأي.
 والخلاصة أن الولايات المتحدة تستثني نفسها من الكثير من الأعراف وتبرر لنفسها من الممارسات ما تنكره على غيرها،فالأمر بالنسبة لها هو كما قال سقراط:” القوي يعرف الحق”..
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية