العدد 1342
الأحد 17 يونيو 2012
banner
المؤسسة البحرينية للمصالحة
الإثنين 29 أبريل 2024

إنشاء المؤسسة البحرينية للمصالحة هو بلا شك فكرة رائعة وجميلة، فلن تحل مشكلات البحرين إلا بالمصالحة والذوبان في المواطنة وإعلاء الوطن على الطائفة والتفكير في مصلحة الوطن وتقدمه دون النظر للوراء ودون تفكير في أي حسابات طائفية.
ولكن قبل أن يتحقق ذلك ستكون هذه المؤسسة وغيرها مجرد فكرة جميلة كفكرة اليوتوبيا وفكرة الجمهورية، ولن تشفى أمراضنا وصراعاتنا، وحتى الديمقراطية بمفهومها وآلياتها المعروفة لن تسعد البحرين لأن الديمقراطية نفسها ما لم تسبقها المواطنة بكل معانيها وبكل ما يترتب عليها يمكن أن تؤدي إلى الاقصاء وإلى تعميق الضغينة الطائفية.
نحن لسنا متشائمين، ولكننا لا بد أن نؤكد أن تعميق المواطنة إلى الدرجة التي نصبو إليها، ليس أمرا سهلا، ولكنه في الوقت ذاته ليس مستحيلا.
النتيجة النهائية سوف تبنى على مدى نجاح هذه المؤسسة في إرساء مبدأ المواطنة وإعلائه على أي انتماء آخر، بمعنى أن يكون المحدد والمقياس الذي نتعامل جميعا على أساسه وننال حقوقنا ونؤدي ما علينا من واجبات هو كوننا مواطنين بحرينيين وليس لنا عناوين او أوصاف أخرى.
فهل يمكن للجنة ولو على المدى الطويل أن تصل يوما إلى هذا الهدف؟ أعتقد لا أحد يستطيع في الوقت الحالي أن يجيب على هذا السؤال، ولكننا نستطيع أن نبني توقعاتنا لمدى نجاح هذه المؤسسة على أساس إرادة النخب الدينية والسياسية في البلاد ومدى اقتناعهم بعملية الذوبان الاجتماعي وإعلاء الولاء للوطن على غيره من الولاءات.
فهذه المؤسسة بإمكانها أن تبذل جهودا كبيرة من أجل تحقيق الوئام الاجتماعي من خلال مناهج التعليم ومن خلال مضامين وسائل الاعلام المحلية، ولكن التحدي الأكبر بالنسبة لها ليس في هذين المجالين ولكن التحدي الأكبر سيكون في مدى استعداد المرجعيات الدينية والنخب السياسية في تقبل ما ستسعى المؤسسة إلى تحقيقه.
وبمعنى أكثر تحديدا هل ستتخلى المرجعيات الدينية عن التمايز الطائفي وتنسى الماضي وتندمج في الوطن اندماجا كاملا وتتعامل بإيجابية مع هذه المؤسسة الوليدة؟ أم إن المسألة ستكون لقاءات متبادلة وابتسامات ومناسبات لالتقاط الصور.
وأهم سؤال هنا هو: هل يمكن أن تقود هذه النخب الجماهير نحو تحقيق الوئام ونبذ الطائفية من خلال الكلمة والجهد المخلص المجرد من أي هوى، أم ستقوم كعادتها بوضع شروط تعجيزية للاندماج في المصالحة الوطنية وإعلاء المواطنة على المصلحة والطموح الشخصي والارتباط بالخارج.
والخلاصة أن الإرادة السياسية للمرجعيات الدينية والسياسية هي التي ستحدد مدى نجاح هذه المؤسسة، وما لم تكن هذه الارادة في نفس الاتجاه الذي نرغبه وترغبه المؤسسة فلن يقدر النجاح لهذه المؤسسة مهما نالت من دعم ومهما كان حجم الجهد الاعلامي والتعليمي والاجتماعي لها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية