العدد 1330
الثلاثاء 05 يونيو 2012
banner
لا حول ولا قوة إلا بالله
الإثنين 29 أبريل 2024

كلما حاولت أن أبتعد عن الشأن المصري لبعض الوقت شدتني الحوادث مجددا إلى هناك، فكل يوم يأتي جديد يستحق أن نتناوله في هذه الفترة العصيبة التي تمر بها مصر وشعبها.
أما الجديد الذي شدني هذه المرة فهو قيام الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين بممارسة الدعاية الانتخابية لصالح مرشح الإخوان المسلمين للرئاسة المصرية في برنامج (ديني) على قناة الجزيرة القطرية، بشكل يدعو للصدمة من وجهة نظري، فالشيخ القرضاوي قيمة كبرى وله من القداسة والاحترام ما يجب أن يجعله ينأى بنفسه عن هذا الانخراط الواضح والمباشر في الدعاية الانتخابية، فلماذا فعل الشيخ ذلك؟
من الطبيعي أن يميل الإنسان إلى أيدولوجية معينة أو فرد معين ويرى الخير في هذا الحزب أو ذاك نتيجة لما قرأه أو علمه عنه أو نتيجة برنامج انتخابي قدمه، ومن الطبيعي أن يذهب الشيخ كما يذهب غيره إلى صناديق الانتخاب، إذا كان يحمل الجنسية المصرية حتى الآن، ولكن ليس من الطبيعي أن يستخدم الشيخ الدين ويستخدم مكانته الدينية لدى الناس في تأييد مرشح معين، وكأن هذا المرشح مؤيد من قبل الله سبحانه وتعالى والرسول عليه الصلاة والسلام دون غيره من الناس.
هل يعلم الشيخ الغيب ويعلم أن أحمد شفيق، المرشح المنافس لمرشح الإخوان المسلمين، سيكون حاكما فاسدا؟وهل يعلم الشيخ في المقابل أن مرشح الإخوان المسلمين الذي أيده على شاشة التلفزيون سيكون حتما حاكما صالحا يفعل ما يرضاه الله والناس طوال حكمه؟
لنفترض أن أحمد شفيق كان وزيرا في عهد النظام الذي سقط، فهل هذا يجعل الشيخ على يقين تام أنه فاسد وأنه لا يصلح؟ ألا يمكن أن يصبح هذا الرجل في المستقبل حاكما صالحا يأخذ بلاده نحو التقدم والازدهار ويحقق العدل فيها بعد أن رأى مصير من سبقه؟
أنا لا أمارس الدعاية لصالح أحد المرشحين كما فعل الشيخ، ولكنني شعرت بحزن شديد عندما رأيت الشيخ الذي أحترمه يستخدم برنامجا دينيا للدعاية لرجل معين لأن هذا الرجل ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين!
لابد أن نبدي انزعاجنا من استخدام برنامج ديني، على فضائية تزعم الحياد، في الدعاية المباشرة لمرشح معين والإساءة إلى الآخر على لسان شيخ له من القداسة والاحترام ما يؤثر على عقول وقلوب بسطاء الناس ممن يجلون هذا الشيخ!
إنني أقول لفضيلة الشيخ القرضاوي بكل شجاعة إن ماضي الإنسان وصورته التي يقدمها لنفسه أو يقدمها عنه الآخرون خلال الانتخابات ليست دليلا على صلاح هذا الرجل وليست دليلا أيضا على صلاحيته للمنصب الذي يسعى إليه.
ألا يتذكر شيخنا الجليل قصة النائب البرلماني المتدين صاحب اللحية الكثة الذي ينتمي إلى حزب إسلامي آخر والذي انتخبه الناس لأنه متدين وذا لحية، والذي أجرى عملية تجميل لأنفه المعووج، ثم خرج ليكذب على الناس ويقول إن مجرمين كسروا أنفه وسرقوا ماله!!
زبدة القول إن رجال الدين من ذوي المكانة والاحترام مثل الشيخ القرضاوي يجب ان ينأوا بأنفسهم عن لعية الانتخابات وأن يمتنعوا عن الدعاية لمرشح بعينه في العلن، لأن الله وحده هو الذي يعرف الصالح والطالح، والله تعالى قال “فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى”.
وإذا كان الله قد منعنا من تزكية أنفسنا، فهل من الجائز أن يزكي الشيخ مرشحا معينا في برنامج ديني؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية