العدد 1328
الأحد 03 يونيو 2012
banner
يا عزيزي.. كلنا فلول
الإثنين 29 أبريل 2024

استغرب الكثيرون نتيجة المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية في مصر،بعد أن أسفرت عن وصول الفريق أحمد شفيق ،آخر رئيس وزراء في عهد مبارك ،إلى جولة الإعادة في مواجهة مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي،ولكن إذا عرف السبب بطل العجب.
 السبب أن الإخوان المسلمين في مصر،ومعهم قوى أخرى،قد ارتكبوا نفس الخطأ الذي ارتكبه العراقيون بعد سقوط نظام الرئيس صدام حسين،حيث قاموا بحل حزب البعث واستبعدوه من الحياة السياسية العراقية نهائيا،فكانت النتيجة أن تحولت العراق إلى بحور من الدم بسبب العنف الذي مارسه فلول النظام وأعضاء الحزب الذين خسروا كل شيء.
 الإخوان المسلمون في مصر،لم يكتفوا بمجرد حل الحزب الوطني الذي كان يهيمن على الحياة السياسية قبل الخامس والعشرين من يناير 2011،ولكنهم توسعوا في الأمر إلى حد وصف كل من ارتبط من قريب أو بعيد بالنظام السابق بأنه من الفلول،حتى ولو كان هذا الارتباط  في صورة وظيفة حكومية رفيعة المستوى،بل وصل الأمر إلى وصف من يصوتون لأي شخصية من شخصيات النظام السابق بأنهم أيضا فلول.
 هذا الوصف الغبي،من وجهة نظري خلق حالة من الكراهية والخوف من الإخوان المسلمين ،على وجه الخصوص، لدى فئات كثيرة من الرأي العام المصري.
 لقد نسي الإخوان المسلمون أن  المنتمين للحزب الوطني المنحل،هم أباء وأمهات وأخوات وإخوة لضباط الشرطة والجيش والقضاء والمستشارين والدبلوماسيين،وهم أصحاب الأراضي والأغنياء والوجهاء في الريف المصري.
 ونسوا أن النيل من هؤلاء لابد وأن يكون له ثمن،لأن إحساس هؤلاء بالخطر القادم المتمثل في جماعة الإخوان المسلمين حتما سيجعلهم يتحدون في معسكر واحد دون دعوة أو دعاية،لأن مصالحهم التي كانت مضمونة في عهد النظام السابق قد أصبحت معرضة لخطر أكيد،ولا سبيل أمامهم سوى خوض آخر معركة من أجل مصالحهم.
 الإخوان المسلمون،وهم التيار الرئيس في الحياة السياسية المصرية بعد الخامس والعشرين من يناير،لم يحرصوا على طمأنة هذه الشريحة من الشعب،بل حرصوا على توجيه الإهانات لهم وتسفيههم ليل نهار وأغلقوا باب الأمل في وجوههم.
 الإخوان المسلمون أخذهم الغرور إلى أقصى مدى واعتقدوا أن الصوت الإسلامي يمثل الغالبية العظمى من المصريين،ففوجئوا بأن الذين تضرروا في أرزاقهم وفي أمنهم بعد الثورة، وهم ليسوا قليلين ،قد انضموا إلى الشريحة المؤيدة للفريق شفيق،وفوجئوا أيضا بسيل من التصويت الانتقامي الذي صب في خانة خصومهم،بسبب المواقف السيئة التي تبنوها خلال المرحلة الانتقالية.
 وما زاد الطين بلة بعد إعلان نتائج المرحلة الأولى أن مرشح الإخوان قال في تصريح له أنه سيسحق خصومه بالحذاء،وكأنه لا يعلم أن خصومه أكثر من الخمسة ملايين الذين صوتوا لأحمد شفيق في الانتخابات.
 ويضاف إلى كل هذا أنه حتى الشريحة الثورية من الشعب المصري التي تكره شفيق وترفض التصويت له،هي أيضا لا توافق على مرشح الإخوان إلا بشروط  تقيد طموح الإخوان وخططهم وتجعهلهم يقبلون ما رفضوه من قبل من أجل كرسي الرئاسة،خاصة شرط أن يترأس الحكومة شخص من خارج الإخوان،وضرورة تشكيل حكومة ائتلافية وتولي شخصيات بعيدة عن الإخوان للحقائب السيادية في الحكومة،وهذا من وجهة نظري يقيد طموح الإخوان إلى حد بعيد،كما أن رفضه يضعهم في خندق ويضع بقية الشعب في الخندق الآخر.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .