العدد 873
السبت 05 مارس 2011
banner
شرعية الاحتجاج وشرعية التأييد
الأحد 28 أبريل 2024

“على العالم بأسره أن يعي بأن ما يحدث في البحرين ليس تعبيرا سلميا عن الرأي، إنه اعتداء على أمن شعب بأكمله، إنه تعطيل لحياة شعب بأكمله، إنه مصادرة لحرية الآخرين، إنه ابتزاز واستفزاز لابد أن يتوقف اليوم قبل الغد، وعلى المجتمع الدولي الذي يراقب ما يحدث في البحرين أن يكون داعما للحوار، لا داعما للفوضى والتخريب بأساليب ظهرت واضحة للعيان، وإننا على دراية تامة بأن الأصابع الخارجية التي تتدخل في تحريك أشكال الفوضى والدعوة إلى العنف تريد استنساخ تجربتها في العراق”.
هذه الفقرة السابقة ليست من تأليفي، ولكنها كلمة لأحد رجال البحرين المخلصين الساعين إلى تجنيب البلاد ما يحاك لها من مؤامرات ومكايد.
هي كلمة الدكتور الشيخ عبداللطيف المحمود الذي خرج للمرة الثانية حبا ووفاء لهذه البلاد وخطب فيما يقرب من نصف مليون مواطن بحريني خرجوا مؤيدين للاستقرار والأمن، ومؤيدين لحكام هذه البلاد.
الشيخ المحمود وجه كلمته هذه للخارج ووصف فيها الأزمة الحالية في البحرين وصفا غاية في الدقة وكشف بشكل جيد أننا بحاجة لمخاطبة الخارج؛ لأن قسطا كبيرا جدا من المشكلة لدينا هي أن الكثير من الجهات الخارجية لم تفهم حتى الآن حقيقة ما يدور في البحرين، ولأن هذه الجهات تنظر للمنطقة برمتها نظرة نمطية، وتعتبر جميع الدول العربية سواء في كل شيء.
ومن سوء حظ البحرين خلال هذه المرحلة أن تتعرض للتوصيف الخاطئ لمشكلتها بسبب الثورات الشعبية في بعض الدول العربية والتي أعطت الفرصة لمتخصصي الصيد في الماء العكر أن يمارسوا هوايتهم، وأعطت الفرصة لدول إقليمية لها أهداف واضحة أن تتخذ من البحرين نقطة انطلاق لتحقيق بعض مآربها في المنطقة.
ومما يؤسف له أن هناك بعض القنوات التلفزيونية العربية لم تفرق بين ما جرى في مصر وتونس وما يجري في اليمن وليبيا وبين ما يجري في البحرين، وهو ما حدا بالدكتور عبدالله الأشعل إلى كتابة مقال في إحدى الصحف البحرينية يحذر فيه من القياس الخاطئ الذي يساوي بين احتجاجات البحرين وبين غيرها من الدول العربية، والذي يريد أن يأخذ البحرين إلى المجهول.
لقد حان الوقت للتخلي عن المجاملة وعن تسمية الأشياء بغير أسمائها؛ لأن نصف مليون مواطن بحريني يخرجون ليقولوا شيئا مختلفا عن الذي تقوله الأقلية المعتصمة في الدوار، هو أمر لابد من التوقف عنده بما يستحق، ولابد للداخل والخارج أن يتعامل معه بما يجب من شرعية واحترام.
الدولة البحرينية تعاملت مع الغاضبين بحكمة لكونهم أبناء البحرين؛ ولأن دماءهم غالية، ولكي تفوِّت الفرصة على الساعين لضرب البحرين من داخلها وتنفيذ مخططاتهم الخبيثة فيها، وليس لأن المحتجين لهم شرعية تفوق شرعية غيرهم من أبناء البحرين.
إنني بعد أن رأيت هذا الحشد الهائل عند جامع الفاتح مرتين أراهن على أن الغالبية العظمى من أبناء البحرين قد أصبحوا على وعي تام بأن هناك من يريد أن يأخذ البحرين إلى الخراب التام، وأن هناك من يريد أن يتخذ منها ورقة مساومة جديدة يرفعها في وجه من يقفون ضد مصالحه وأهدافه.
ومع إيماننا التام بأهمية استمرار عجلة الإصلاح في مملكتنا العزيزة، إلا أننا نحذر من الطريقة التي يتبعها حفنة من أبناء البحرين حاليا في التعبير عن رأيهم؛ لأن ما يقومون به اعتداء على حقوق غيرهم وإضرار بمصالح غالبية المواطنين ويغذي الكراهية بين أبناء الشعب.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية