العدد 1120
الثلاثاء 08 نوفمبر 2011
banner
على ماذا يراهن الرئيس بشار الأسد؟
الأحد 28 أبريل 2024

عندما كان حجاج بيت الله الحرام يرددون لبيك اللهم لبيك، في لحظة إيمانية مؤثرة، كان الجيش السوري ومعه فرق الشبيحة يقتلون الشعب السوري في يوم عرفة، وعندما كان المسلمون في بقاع الأرض يتبادلون التهاني بعيد الأضحى المبارك، كان السوريون يقومون بدفن موتاهم ممن سقطوا ضحايا للجيش السوري الذي تم تشكيله في الأصل لحماية الشعب السوري وليس لقتله، وعندما كان خطباء المساجد يتحدثون عن قصة الذبيح وعن تضحية سيدنا إبراهيم بولده، كان رجال الأسد يواصلون ذبح أبناء شعبهم.
ثلاثة آلاف قتيل حتى الآن حسب تقديرات الأمم المتحدة، سقطوا بسلاح إخوانهم في الجيش الذي اختار طريقه وتنكر للشعب الذي أنجبه، فما هذا المشهد العجيب، وما هذا التجبر ضد أبناء سوريا في هذه الأيام التي تزداد فيها الروحانيات ويزداد فيها التراحم بين المسلمين.
ما فائدة موافقة النظام السوري على الجلوس للمفاوضات في جامعة الدول العربية، إذا كان العدد اليومي للقتلى السوريين قد ازداد بعد هذه الموافقة؟ وكأن الرئيس بشار الأسد يريد أن ينجز شيئا ما على الأرض قبل الجلوس إلى المفاوضات، وكأنه في حرب مع عدو وليس في مواجهة مع أبناء شعبه.
النظام السوري لم يوف بالتزاماته ولم يحترم المبادرة العربية التي وافق عليها، فلم يتم سحب القوات من المدن السورية ولم يتوقف العنف المتفجر في البلاد، فماذا بالضبط يريد الرئيس بشار الأسد؟؟
المبادرة العربية التي تبنتها جامعة الدول العربية، هي في تقديري، طوق نجاة لنظام الرئيس الأسد، وأنها أقل ما يجب القيام به تجاه الشعب السوري الذي طالت معاناته، لأن الموافقة على التفاوض مع نظام لطخ يديه بدماء أبناء شعبه يعطيه شرعية ويعطيه أمل في البقاء رغم كل ما جرى، ومع ذلك فالمؤشرات تبين أن نظام الأسد هو الذي يريد إفشال المبادرة العربية ويريد أن يدفع المعارضة السورية ويدفع الثوار لرفضها من خلال مواصلة التنكيل بهم ومواصلة الاعتقالات، على الرغم من المناورة التي قام بها ونقلتها وسائل الإعلام، وهي إطلاق سراح بعض المعتقلين ليقول للعالم أنه ماض في طريق الحل، وأن الثوار هم الذي نقضوا العهد ورفضوا المبادرة العربية.
فعلام يراهن الرئيس الأسد إذا ما تمكن من إفساد المبادرة العربية وواصل الحل الأمني مع أبناء شعبه؟هل سيعود السوريون إلى منازلهم بعد كل هذه الدماء التي أريقت؟وهل سيسكت العالم عن العنف الدائر في سوريا، خاصة بعد أن تزداد عزلة الأسد نتيجة عدم احترامه للمبادرة؟
والسؤال الأهم :هل سيظل الرئيس الأسد محتفظا بتلاحم جيشه وعدم حدوث انشقاقات فيه؟أم أن الجيش السوري سينقسم على نفسه يوما ما ويتفتت وينحل كما انحل الجيش الليبي، وتضيع سوريا بأكملها؟
نحن لا نريد لهذا اليوم أن يأتي، رغم أن الجيش السوري مارس دورا غير دوره وقام بضرب المدنيين بأسلحته الثقيلة، ولكن لأن سوريا تختلف عن ليبيا، فسوريا تعرف أعداءها جيدا وتعرف ما يراد لها جيدا، ولو كان الرئيس السوري يحب سوريا أكثر من حبه للسلطة، لقبل الأرض من تحت أقدام هؤلاء الثائرين ونجا بشعبه وبلده من المجهول.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .