العدد 1013
السبت 23 يوليو 2011
banner
وتمخض الحوار
الأربعاء 01 مايو 2024

ما جرى بين أطراف الحوار البحريني - ضمن المحور السياسي على وجه الخصوص-، وما تم التعبير عنه، وتم التوافق عليه، وأيضا ما اختلف عليه، يقدم صورة كاملة المعالم والتفاصيل عن مملكة البحرين وعن أهلها الذين يعيشون على أرضها وأفكارهم ومصالحهم وتطلعاتهم المختلفة.
والذي يتأمل ما دار في الحوار من تباين في الآراء والتصورات حول المستقبل الذي يتمناه كل طرف، يدرك أن جلالة الملك حمد بن عيسى حفظه الله ورعاه رجل يحب هذه البلاد ويفهمها ويعرف كيف يداويها، فجلالته يدرك بلا شك أن لكل فريق تطلعاته وأن الذين وقفوا في دوار اللؤلؤة وقاموا بما قاموا به هم مكون صغير من مكونات هذا البلد، وأن هناك مكونات أخرى لها تصوراتها وتطلعاتها حول مستقبل البحرين.
ولعل الجميع في الداخل والمتابعين للشأن البحريني في الخارج قد أدركوا الآن أن المسألة ليست صراعا بين حكومة ومعارضة كما يحدث في دول كثيرة في العالم،وليست صراعا بين نظام حاكم وبين شعبه الفقير كما حدث ويحدث في بعض الدول العربية، ولكن الصورة في البحرين مختلفة عن ذلك، وبالتالي فالبحرين حالة خاصة في محيطها، وما يرضي فريق فيها قد يغضب فريقا آخر، وما يتصوره فريق عن نفسه وعن الآخرين قد لا يتطابق مع رؤى غيره من الأطراف.
وبناء عليه يكون الخضوع لمطالب طرف، حتى وإن ظن العالم أن هذا الطرف يشكل أغلبية، هو خضوع يضر بأمن البحرين واستقرارها، لأن بقية الأطراف يمكن أن تمارس نفس الابتزاز وتذهب إلى الدوار وتطالب بميزات معينة، حتى وإن كانت هذه الأطراف تشكل أقلية.
لقد رأينا في الحوار من يقول أن الدوائر الانتخابية الحالية غير عادلة، ورأينا من يقول أن الدوائر الحالية هي أفضل صيغة لدولة في ظروف البحرين، وأنها أفضل وصفة لتجنب التناحر الطائفي، ورأينا من يطالب بتعديل المعايير التي يقوم على أساسها التجنيس، ورأينا من يطالب بالعكس تماما ويقول أن الوضع الحالي لا يحتاج إلى تعديل لأن ما تم من تجنيس في الماضي كان وفقا للقانون، وأنه لا ضير من استمراره طالما أنه يساعد في تحقيق التنمية في البحرين. وهناك من أراد وضع شرط مرور عشر سنوات على الشخص الذي حصل على الجنسية البحرينية لكي يكون لهذا الشخص حق الترشح من أجل التمثيل النيابي،وهناك من رفض هذا المقترح ورأى أن هذا الشخص قد أصبح مواطنا له كافة الحقوق منذ أن حصل على الجنسية.
البحرين لا ينفعها أي صيغة جاهزة لا في توزيع الدوائر الانتخابية ولا في الطريقة التي تتم بها الانتخابات، ولا ينفعها أن تطبق فيها الملكية الدستورية بحذافيرها المعروفة في كتب العلوم السياسية والمعروفة في تجارب الدول الأخرى.
البحرين تحتاج إلى وصفة خاصة تقوم على التعايش واحترام وجود الآخر، ولا تحتمل أبدًا أن يتقول فريق على غيره حتى وإن كان أغلبية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية