العدد 418
الأحد 06 ديسمبر 2009
banner
ماذا بعد المآذن؟
الأربعاء 01 مايو 2024

ما هي فائدة حوار الحضارات وحوار الأديان على مدى سنوات مضت، طالما أن تطرف الشعوب الغربية تجاه الإسلام والمسلمين يزداد يومًا بعد يوم، ويتخذ أشكالاً مبتكرة للضغط على المسلمين المقيمين في أوروبا والتضييق عليهم تحت ذريعة الخوف من الهيمنة الإسلامية؟
فمن الإساءة إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، إلى رفض المآذن والمساجد، وقد يتطور الأمر إلى رفض المسلمين أنفسهم أو منعهم من العمل أو التعليم أو الرعاية الصحية. لمَ لا؟ وكل حادثة من هذا القبيل يتم إلباسها نوعًا من أنواع الشرعية. فالإساءة لنبي الإسلام تجري تحت ذريعة حرية التعبير، أما منع المآذن والمساجد فله ذريعة أخرى وهي منع الهيمنة الإسلامية بموجب رأي الأغلبية المشاركة في الاقتراع. ولو كانت أنفلونزا الخنازير ظهرت أول ما ظهرت في دولة إسلامية لقامت دول أوروبا وأميركا بمنع دخول المسلمين إلى أراضيها.
في عمود سابق حذرت من أن الاستفتاء السويسري، سيئ السمعة - الذي أقر عدم السماح ببناء المآذن في سويسرا – سوف تمتد عدواه إلى دول أوروبية أخرى. ولم تمض سوى بضع ساعات حتى أعلن حزب الحرية اليميني الهولندي مطالبته للحكومة الهولندية بإجراء استفتاء مماثل يحظر بناء المآذن في هولندا، بل ودعا نفس الحزب إلى حظر القرآن الكريم، مشبهًا إياه بكتاب هتلر.
الوضع إذن أخطر وأعمق مما تعكسه التصريحات الرسمية الغربية كلما وقعت حادثة مماثلة. فهذه التصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع في تزايد عنصرية الشعوب وتزايد ظاهرة الإسلام فوبيا لديها.
وإذا كانت الحكومات الغربية قد تركت الحبل على الغارب لوسائل الإعلام بأنواعها لوصم الإسلام والمسلمين بما ليس فيهم تحت ستار حرية التعبير، فهل يجوز لها أن تترك الأغلبية المسيحية تدوس وتمحو حقوق أقليات مسلمة، وهل من المنطقي أن تستخدم الأغلبية في شيء كهذا؟ وبمعنى آخر هل الأغلبية التي تقرر تداول السلطة وتقرر ما هو الصالح سياسيًا واقتصاديًا لهذه الدولة أو تلك، لها أيضًا أن تقرر للأقليات الموجودة كيف تتعبد، وتقرر حظر كتبها المقدسة؟ ألا يعد ذلك انحرافًا للديمقراطية، ويعد تحويلاً لها إلى أداة لجلد الأقليات، خاصة الإسلامية منها.
هل يعقل أن الغرب الذي أشبعنا حديثًا عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة ووصل في دعوته للحرية إلى حد تقنين الشذوذ الجنسي وحماية ممارسات كالإجهاض وممارسة الجنس قبل الزواج، يقف ضد حقوق المسلمين في التعبد طبقًا لما تقتضيه شريعتهم؟
وهل سيقبل الاتحاد الأوروبي الذي يضع حقوق الإنسان في مقدمة مطالبه عند التعامل مع هذه الدولة أو تلك أن يساء إلى رموز الإسلام تحت هذه الذرائع؟
ألم تغضب أوروبا كلها عندما قامت حركة طالبان بهدم تمثال بوذا في أفغانستان؟ وذلك على الرغم من أن طالبان لا تمثل الإسلام ولا تمثل جميع المسلمين؟
والسؤال الأهم: هل ستكتفي الحكومات الأوروبية بمجرد إعلان رفضها لهذه الممارسات العنصرية عند وقوعها المتكرر؟ أم ينبغي عليها اتخاذ خطوات عملية نحو احترام الأديان؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية