نوبات الغضب عند طفلكِ طبيعية أم مؤشر للخطر؟
اختصاصية الإرشاد الأسري هدى المهدي
يشتكي العديد من الأمهات والآباء من نوبات الغضب التي تعتري أبناءهم، وتبدأ في سن الرابعة فأكثر، حتى باتت تسبب قلقًا كبيرًا لدى الأهل خصوصًا في ظل الوضع الحالي مع زيادة حدة نوبات الغضب عند الأطفال بسبب جائحة كورونا التي كان لها أثر كبير في نفسية الأطفال أيضًا.
هذه النوبات قد تشكل خطرا على الصحة النفسية للطفل، فهي تولد شعورا مستمرا بالغضب الذي قد يولد أيضًا حب الانتقام مستقبلًا لمجرد شعور الطفل بالغضب. وعلى الرغم من أن البعض يعتقد أن هذا الغضب حالة يمر بها كل إنسان وأنها لا تستدعي القلق، إلا أن ذلك غير صحيح، فالغضب سيؤثر بشكل كبير على الطفل في المستقبل إذا لم يتعلم التحكم في مشاعره عند الصغر، فتربية طفل غاضب طوال الوقت ستؤثر على صحته النفسية مستقبلًا وتجعله لا يعرف كيف يتحكم في مشاعره، ما قد يتسبب في إيذاء الآخرين وقد يؤذي نفسه في بعض الأوقات؛ بسبب هذا الغضب وبسبب المشاعر التي لا يمكن التحكم بها.
الغضب سيجعله يؤذي نفسه والآخرين مستقبلا
وللطفل كيان مستقل ومشاعر أسوة بالبالغ، وهو أمر لا يعيه كثيرون، فهذا الطفل قد يغضب لسبب أو من دون سبب، لكن كيف يجب عليه التحكم في هذا الغضب؟ هذا ما يجهله الأهل على الرغم من مسؤوليتهم تعليم أبنائهم ما للغضب من أضرار نفسية قد تؤثر عليهم مستقبلًا. اختصاصية الإرشاد الأسري هدى المهدي ذكرت أسبابا عدة أصبحت تؤثر على الطفل وتجعله يشتط غضبًا، حتى يبدأ بالصراخ ويدخل في نوبة غضب قد تؤثر عليه وعلى من حوله في الأسرة، وقد تؤثر هذه النوبة على المجتمع إذ لم يتم التحكم فيها بشكل صحيح في الصغر، فهذا الطفل فرد مهم من جيل المستقبل، فإنشاء طفل غاضب يؤثر على صحته النفسية والعقلية والاجتماعية.
تعد الإلكترونيات التي غزت كل المنازل خلال السنوات الأخيرة من أهم الأسباب التي تؤثر على خلايا مخ الطفل كما تؤكد اختصاصية الإرشاد الأسري هدى المهدي إذ تقول "تؤثر الألعاب الإلكترونية العنيفة على خلايا مخ الأطفال، وقد تحدثت العديد من الدراسات عن ذلك، فمثل هذه الألعاب قد تؤدي إلى زيادة الغضب عند الطفل، فهو يكون في قمة الغضب عند اللعب لمحاولته الفوز دائمًا أو في حال تعرضه للقتل أثناء اللعب، إضافة إلى أن هذه الألعاب تسبب تشتت انتباه لديه، ما يؤدي إلى نوبات غضب في الأخير. تحدثنا كثيرًا كوننا اختصاصيين عن مدى تأثير هذه الألعاب ودورها في خلق نوبات الغضب عند الأطفال، فالتأثير قد لا يكون واضحًا في البداية إلا أنه سيظهر بالتأكيد مستقبلًا".
وتضيف "قد تكون الألعاب الإلكترونية سببا في نوبات الغضب عند الأطفال والمراهقين أيضًا؛ لما لها من تأثير سلبي على خلايا المخ، إلا أن هناك أسبابا أخرى قد تكون وراء هذه النوبات، فانشغال الأم والأب في الحياة والعمل قد يولد شعورا بالنقص لدى الطفل، ما يجعله في هذه الحالة يلجأ إلى الغضب والصراخ بحثا عن الاهتمام من خلال هذا السلوك الخاطئ، إضافة إلى أن الغضب يستخدمه الطفل أحيانًا للحصول على ما يرغب به".
وتؤكد المهدي أن من أهم الأسباب التي قد تكون وراء نوبات الغضب عند الأطفال وجود سلوك مكتسب، ما يعني وجود هذا النوع من السلوك عند أحد الأبوين، فيكون الغضب في هذه الحالة مكتسبا من الأهل، وتقول "دائمًا ما نوصي الأهل بالتحكم في أعصابهم، فتنشئة طفل في بيئة يسودها الغضب سيولد له شعور بالغضب بشكل دائما وهو ما سيؤثر على صحته النفسية".
وذكرت أن نوبات الغضب تبدأ من الصغر، إلا أنها قد تبدو واضحة بشكل أكبر في عمر الرابعة وأكثر، مؤكدة أن علاج نوبات الغضب في الصغر يكون أسرع وأفضل، إذ يمكن تدارك هذه النوبات عند الطفل الصغير بشكل أفضل.
علّميه التحكم بمشاعره منذ الصغر قبل فوات الأوان
وتختلف الأساليب التي يتبعها الأهل للحد من نوبات الغضب، وفي حين يحاول البعض التحكم في غضب أطفالهم خوفًا على صحتهم النفسية وما قد تسببه نوبات الغضب مستقبلًا، إلا أن هناك العديد من الأهل يجهلون الأساليب التي تساعدهم على التحكم في الغضب، وتستعرض اختصاصية الإرشاد الأسري هدى المهدي أساليب عدة يمكن اتباعها من أجل السيطرة على الغضب، ومن أهم هذه الأساليب:
• على الأهل عدم مقابلة نوبات الغضب بنوبة غضب صادرة منهم؛ إذ إن هذا الأسلوب سيساهم في تضخيم حجم المشكلة.
• تعليم الطفل التحكم في مشاعره وانفعالاته قبل الغضب.
• ذكر سيرة الرسول (ص) وصبره وتحمله على الأذى، وربط الأحداث التي يتعرض لها الطفل بتصرفات وحكمة الرسول (ص).
• استخدام أسلوب عد الأرقام عند الغضب بأسلوب تنازلي من العشرة إلى الواحد.
• ننصح الطفل بالوضوء عند حدوث نوبة الغضب، فقد أثبتت علميًا دوره في تخفيف نوبة الغضب.
• الاستحمام بالماء الدافئ، إذ اثبت علميًا أنه يساعد على تهدئة الإنسان.
• استخدام كرة الضغط للتحكم في الغضب، إذ يمكن إعطاء الطفل هذه الكرة حتى يستطيع التنفيس عن مشاعره.
• ننصح الأهل بتعليم أطفالهم أسلوبا آخر غير الصراخ للتعبير عن مشاعرهم كالرسم أو الكتابة.
• التنفس بالأسلوب الصحيح سيساعد الطفل على الحد من نوبات الغضب.
• يمكن السماح للطفل بضرب الوسادة لتجنب أن يؤذي الآخرين.
الغضب قد يكون سلوكا مكتسبا من الأهل... فتوقفوا عن الغضب والصراخ أمامه
وتقول المهدي إن عدم السيطرة على الغضب عند الطفل قد يجعله يلجأ إلى الانتحار في بعض الحالات؛ للفت انتباه الأم والأب، فقد يؤذي نفسه وقد يؤذي الآخرين بسبب هذه النوبات التي قد تعتريه في أي وقت، خصوصًا في حال لم يتعلم الطفل التحكم في مشاعره.
وتؤكد اختصاصية الإرشاد الأسري هدى المهدي أن نوبات الغضب يتعرض لها الجميع كبارا وصغارا، إلا أنه لا بد من محاولة معرفة الأساليب التي تساعد على التحكم بهذه النوبات، مشيرة إلى أن عدم التحكم فيها قد يؤدي إلى خلق أطفال يغضبون لأي سبب كان، ما قد يؤثر على المجتمع بأكمله، فنوبات الغضب إذا لم يتم التحكم فيها بشكل صحيح قد تعرض طفل اليوم الذي سيصبح شابًا في المستقبل إلى الخطر، كما ستعرض ممن حوله إلى الخطر أيضًا، لذا لا بد من التحكم في هذه النوبات؛ ليحصل الطفل على حياة نفسية هادئة.