+A
A-

د. حمدة النشمي: كورونا رفعت حالات الإصابة بالوسواس القهري والاكتئاب

لقد مر عام على الإعلان عن اجتياح فيروس كورونا (كوفيد 19)، وأصاب العالم بأجمعه ما أصابه من آثار مختلفة على الأصعدة كافة.

وكل منا كان ينظر إلى هذه الجائحة وآثارها من زاوية اهتمامه وتخصصه، إلا أنني قبل أن استعرض في هذه المساحة الآثار النفسية للجائحة على الصحة العامة وما السبل لرفع المناعة النفسية لمقاومة هذه الآثار، لا بد من الإشادة بما قامت به حكومة مملكة البحرين من إجراءات استباقية وخطوات ساهمت بشكل كبير في تخفيف الضرر النفسي على المواطنين، عبر حزمة القرارات التي اتخذتها لدعم المواطن وأصحاب المشاريع التجارية، وما سخرته من خدمات طبية مجانية وتوفير اللقاح مجانًا للجميع، وما أولته من رعاية واهتمام للمواطن والمقيم على حد سواء.

ولعل هذه الخطوات ساهمت بشكل كبير وأثرت بشكل إيجابي على تقليل بروز الآثار النفسية للمواطن والمقيم في مملكة البحرين من آثار كورونا، وهذا إحقاق للحق أن الجهود التي بذلها ولا زال يبذلها خط الدفاع الأول المتمثل في الفريق الوطني الطبي لمكافحة انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19) كان له بالغ الأثر في تهيئة الناس واطلاعهم بكل شفافية على التطورات والأرقام والإجراءات المتخذة ومواكبة الحدث، ما ساهم بشكل كبير في إسكان النفس والطمأنينة لدى المواطن والمقيم وخفف من حدة التوتر والخوف من الأخبار المضللة والإشاعات التي تتناقلها وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بشكل متدفق.

ولا بد أن أشير إلى أن الأثر النفسي للتعرض لمثل هذه الضغوطات والمستجدات يختلف من شخص إلى آخر وفقًا للعديد من العوامل، مثل المستوى التعليمي، الاضطرابات الشخصية، المعاناة مع أمراض نفسية سابقة.

وحيث إن تداعيات الجائحة فرضت على الجميع أفرادًا ومؤسسات وشركات وحتى الحكومات واقعًا جديدًا، كالحظر والتباعد الاجتماعي والعمل عن بعد، أو تعليم الأطفال من المنزل، وغياب الاتصال المباشر مع أفراد الأسرة الآخرين والأصدقاء، فضلًا عن الجلوس في المنزل لفترة طويلة.

لذا فإن التكيف مع هذه التغيرات السريعة في نمط الحياة ساهم في ازدياد الشعور بالقلق، خصوصًا مع كثرة متابعة إعلانات حالات الإصابة والوفيات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما أثر على إدارة مشاعر الخوف من الإصابة بعدوى الفيروس، والشعور بالقلق على الآباء والأمهات خصوصًا كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.

كما أنه من المتوقع استمرار بعض الآثار النفسية المترتبة على هذه الجائحة حتى بعد رجوع الحياة إلى طبيعتها، مثل استمرار الإحساس بالقلق وانعدام الأمان والإصابة بما يعرف باضطراب ما بعد الصدمة، خصوصًا عند التعرض للمضاعفات الصحية الخطيرة التي قد تصاحب الإصابة بهذا الفيروس، مثل معاناة المتعافي من الكوابيس الليلية وصعوبات النوم وسرعة استثارة الأعصاب، إذ يبدو الشخص متأهبًا للإصابة بأسوأ سيناريو محتمل.

كما لاحظنا كاختصاصيين في الصحة النفسية ازدياد حالات الإصابة بالوسواس القهري، والاكتئاب والأرق المزمن منذ بدء الجائحة.

لذا يتوجب علينا جميعًا أن نلتزم باتباع روتين صحي بما يتناسب مع الوضع الحالي مع التمتع بالمرونة الكافية وتقبل التغييرات المصاحبة لتوصيات منظمة الصحة العالمية، ومتابعة المصادر الموثوقة، مع الحرص على تقنين الوقت لذلك، والمحافظة على العادات اليومية الصحية قدر الإمكان، واكتساب عادات جديدة كالقراءة والكتابة وتنمية المهارات المباشرة وتجنب متابعة الأخبار المثيرة للقلق، وعدم التردد في مراجعة اختصاصي الصحة النفسية.