+A
A-

حمود عبد الله: يخط كتابة "عودتي للحياة" وينتصر على وحشية السرطان

حمود‭ ‬عبدالله‭ ‬شاب‭ ‬بحريني‭ ‬ملهم‭ ‬وأحد‭ ‬محاربي‭ ‬السرطان‭ ‬والناجين‭ ‬منه،‭ ‬وثق‭ ‬تجربته‭ ‬مع‭ ‬سرطان‭ ‬البلعوم‭ ‬في‭ ‬رواية‭ ‬عودتي‭ ‬للحياة‭. ‬تجربة‭ ‬فريدة‭ ‬حيث‭ ‬يجسد‭ ‬فيها‭ ‬كيف‭ ‬انتصر‭ ‬على‭ ‬وحشية‭ ‬المرض‭ ‬متسلحًا‭ ‬بالصبر‭ ‬والأمل‭ ‬والإيمان‭ ‬بالله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭.‬

‭ ‬تجربته‭ ‬تضخ‭ ‬طاقة‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬الإيجابية‭ ‬لكل‭ ‬مرضى‭ ‬السرطان‭ ‬وترسم‭ ‬لهم‭ ‬خارطة‭ ‬الطريق‭ ‬لتجاوز‭ ‬المحنة‭. ‬حرصت‭ ‬‮«‬صحتنا‮»‬‭ ‬على‭ ‬لقاء‭ ‬حمود‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬كنموذج‭ ‬يحتذى‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬وحشية‭ ‬المرض،‭ ‬وفي‭ ‬ما‭ ‬يلي‭ ‬نص‭ ‬اللقاء‭:‬

‭ ‬كيف‭ ‬كانت‭ ‬حياتك‭ ‬قبل‭ ‬الإصابة‭ ‬بالسرطان؟

حياتي‭ ‬قبل‭ ‬الإصابة‭ ‬بالسرطان‭ ‬كانت‭ ‬مليئة‭ ‬بالأنشطة‭ ‬الثقافية‭ ‬والتطوعية‭ ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬أنا‭ ‬شخص‭ ‬رياضي‭ ‬وأمارس‭ ‬الرياضة‭ ‬بشكل‭ ‬دوري‭ ‬وكنت‭ ‬أخطط‭ ‬أن‭ ‬أتطور‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬العلمية‭ ‬وأنمي‭ ‬سيرتي‭ ‬الذاتية‭ ‬بالشهادات‭ ‬الاحترافية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تخصصي‭.‬

 

‭ ‬متى‭ ‬أصبت‭ ‬بالمرض‭ ‬وكيف‭ ‬تم‭ ‬تشخيصه‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬نوعه؟

أصبت‭ ‬بالمرض‭ ‬بعد‭ ‬عودتي‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬العسل‭ ‬وكنت‭ ‬تائهًا‭ ‬بين‭ ‬المستشفيات‭ ‬لمدة‭ ‬ستة‭ ‬شهور،‭ ‬والتشخيص‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬واضحًا،‭ ‬واضطررت‭ ‬للسفر‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬تشخيص‭ ‬للمرض‭.‬

 

‭ ‬كيف‭ ‬تلقيت‭ ‬خبر‭ ‬الإصابة؟‭ ‬وماذا‭ ‬تبادر‭ ‬إلى‭ ‬ذهنك‭ ‬في‭ ‬البداية؟

كان‭ ‬تلقي‭ ‬الخبر‭ ‬صدمة،‭ ‬وهو‭ ‬شعور‭ ‬طبيعي‭ ‬لأي‭ ‬إنسان‭ ‬يتلقى‭ ‬خبر‭ ‬إصابته‭ ‬بمرض‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬المرض،‭ ‬لأننا‭ ‬نملك‭ ‬مخزونا‭ ‬ثقافيا‭ ‬سلبيا‭ ‬نحو‭ ‬السرطان‭. ‬كنا‭ ‬نسمع‭ ‬عنه‭ ‬ولكن‭ ‬عندما‭ ‬أصبت‭ ‬به‭ ‬كنت‭ ‬بين‭ ‬مجموعة‭ ‬أفكار‭ ‬متداخلة‭ ‬بين‭ ‬السلبية‭ ‬والإيجابية‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬سلبية‭ ‬معظمها‭. ‬كنت‭ ‬أنظر‭ ‬إلى‭ ‬زوجتي‭ ‬كون‭ ‬كنا‭ ‬تزوجنا‭ ‬حديثًا‭ ‬وتبادرت‭ ‬أسئلة‭ ‬فكيف‭ ‬ستكون‭ ‬حياتنا‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الوظيفة‭ ‬والأهل‭ ‬وأمنياتي‭ ‬وتطلعاتي؟

‭ ‬كيف‭ ‬استقبل‭ ‬الأهل‭ ‬خبر‭ ‬الإصابة؟‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬خيارات‭ ‬العلاج‭ ‬المطروحة‭ ‬كونه‭ ‬كان‭ ‬متقدمًا؟

كان‭ ‬الخبر‭ ‬صعبًا‭ ‬على‭ ‬الأهل‭ ‬كون‭ ‬المرض‭ ‬كان‭ ‬متقدمًا،‭ ‬ولقد‭ ‬كانت‭ ‬خيارات‭ ‬العلاج‭ ‬محدودة،‭ ‬وكان‭ ‬علي‭ ‬بدء‭ ‬خطة‭ ‬العلاج‭ ‬في‭ ‬أسرع‭ ‬وقت‭.‬

 

‭ ‬كيف‭ ‬كانت‭ ‬ظروف‭ ‬العلاج؟

‭ ‬بحكم‭ ‬انتشار‭ ‬المرض‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الرابعة‭ ‬والأدوية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تعطى‭ ‬لي‭ ‬للعلاج‭ ‬قوية‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لكبح‭ ‬المرض‭ ‬والآثار‭ ‬الجانبية‭ ‬كانت‭ ‬صعبة‭ ‬وجديدة‭ ‬علي،‭ ‬كتجربة‭ ‬كنت‭ ‬دائمًا‭ ‬أستعين‭ ‬بالله‭ ‬رب‭ ‬العالمين‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬أولاً‭ ‬وأخيراً،‭ ‬ودائماً‭ ‬كنت‭ ‬أدعي‭ ‬ربي‭ ‬أن‭ ‬يقويني‭ ‬ويصبرني‭ ‬ويعينني‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة،‭ ‬وهو‭ ‬نعم‭ ‬المولى‭ ‬ونعم‭ ‬المعين‭.‬

 

‭ ‬كيف‭ ‬أثر‭ ‬السرطان‭ ‬على‭ ‬حياتك‭ ‬الأسرية‭ ‬والاجتماعية؟

إن‭ ‬السرطان‭ ‬أثر‭ ‬الحمد‭ ‬لله‭ ‬على‭ ‬حياتي‭ ‬الأسرية‭ ‬بالإيجاب‭ ‬وقربني‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬وصارت‭ ‬علاقتنا‭ ‬أقرب‭ ‬كأسرة‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬وهذا‭ ‬من‭ ‬إيجابيات‭ ‬المرض‭.‬

 

‭ ‬كيف‭ ‬هي‭ ‬حياتك‭ ‬بعد‭ ‬التشافي؟

بعد‭ ‬التشافي‭ ‬من‭ ‬السرطان‭ ‬شعرت‭ ‬بأمانة‭ ‬بضرورة‭ ‬مساعدة‭ ‬المجتمع‭ ‬والمصابين‭ ‬بالسرطان،‭ ‬فعند‭ ‬سماعي‭ ‬عن‭ ‬شخص‭ ‬بأنه‭ ‬أصيب‭ ‬بالسرطان‭ ‬دائماً‭ ‬أحرص‭ ‬أن‭ ‬أساعده‭ ‬وأعينه‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬الاجراءات‭ ‬الصحيحة،‭ ‬حتى‭ ‬يتجاوز‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬من‭ ‬حياته،‭ ‬لأن‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الأمور‭ ‬التشخيص‭ ‬الصحيح‭ ‬للمرض،‭ ‬حتى‭ ‬يتم‭ ‬علاجه‭ ‬بالطريقة‭ ‬الصحيحة‭ ‬ويتشافى‭ ‬منه‭ ‬بإذن‭ ‬الله،‭ ‬لأن‭ ‬معظم‭ ‬الحالات‭ ‬اليوم‭ ‬يكون‭ ‬التشخيص‭ ‬خاطئا‭ ‬ويؤدي‭ ‬إلى‭ ‬أسباب‭ ‬لا‭ ‬يحمد‭ ‬عقباها‭.‬

 

‭ ‬ماذا‭ ‬أخذ‭ ‬منك‭ ‬السرطان‭ ‬وماذا‭ ‬أضاف‭ ‬لك؟

السرطان‭ ‬أخذ‭ ‬مني‭ ‬بعض‭ ‬الأمور،‭ ‬كآثار‭ ‬جانبية‭ ‬من‭ ‬الأدوية‭ ‬والعلاج؛‭ ‬ولكن‭ ‬أضاف‭ ‬لي‭ ‬الكثير،‭ ‬فاليوم‭ ‬أنظر‭ ‬للحياة‭ ‬بأكثر‭ ‬جدية،‭ ‬وأنظر‭ ‬للتحديات‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬ظروف‭ ‬مؤقتة‭ ‬وسنتجاوزها‭ ‬بإذن‭ ‬الله،‭ ‬لأننا‭ ‬تجاوزنا‭ ‬الكثير‭ ‬والأمور‭ ‬الصغيرة‭ ‬لن‭ ‬تؤثر‭ ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬حياتنا،‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬جعلني‭ ‬إنسانا‭ ‬أكثر‭ ‬طموحًا‭ ‬ومثابرةً‭ ‬واجتهادًا‭ ‬وهذا‭ ‬انعكس‭ ‬على‭ ‬حياتي‭ ‬بالإيجابية‭.‬

 

‭ ‬هل‭ ‬تشعر‭ ‬بخوف‭ ‬وقلق‭ ‬عودته‭ ‬مجددًا؟‭ ‬

الحمد‭ ‬لله‭ ‬ليس‭ ‬عندي‭ ‬خوف‭ ‬وقلق‭ ‬وهاجس‭ ‬عودة‭ ‬السرطان‭ ‬مجدداً،‭ ‬فدائماً‭ ‬كمسلمين‭ ‬نحن‭ ‬نؤمن‭ ‬بالقضاء‭ ‬والقدر‭ ‬خيره‭ ‬وشره،‭ ‬فإن‭ ‬البلاء‭ ‬فيه‭ ‬خير‭ ‬للمؤمن،‭ ‬وفيه‭ ‬تكفير‭ ‬الذنوب‭ ‬والسيئات،‭ ‬فإذا‭ ‬رب‭ ‬العالمين‭ ‬أحب‭ ‬عبده‭ ‬ابتلاه‭.‬

 

‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬رسالتك‭ ‬لمرضى‭ ‬السرطان‭ ‬وللعالم؟

رسالتي‭ ‬لمحاربي‭ ‬السرطان‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬مرحلة‭ ‬من‭ ‬مراحل‭ ‬الدنيا‭ ‬وستتجاوزونها‭ ‬بإذن‭ ‬الله،‭ ‬وستكون‭ ‬في‭ ‬طي‭ ‬الذكريات،‭ ‬أولاً‭ ‬وأخيراً‭ ‬استعينوا‭ ‬بالله‭ ‬عز‭ ‬وجل،‭ ‬فالصبر‭ ‬وقوة‭ ‬الإيمان‭ ‬هما‭ ‬أقوى‭ ‬معين‭ ‬للتحمل،‭ ‬والتجلد‭. ‬

‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬علينا‭ ‬اتباع‭ ‬إرشادات‭ ‬ونصائح‭ ‬الأطباء‭ ‬ونتجنب‭ ‬نصائح‭ ‬البحث‭ ‬في‭ ‬الإنترنت‭  ‬ونصائح‭ ‬الناس‭ ‬غير‭ ‬المتخصصة،‭ ‬فالأطباء‭ ‬هم‭ ‬أهل‭ ‬الاختصاص‭ ‬وهم‭ ‬من‭ ‬يرشدونا‭ ‬للعلاج‭ ‬الصحيح،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬جداً‭ ‬مهم،‭ ‬ورسالتي‭ ‬لأسر‭ ‬أصحاب‭ ‬السرطان‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬قريبين‭ ‬منهم،‭ ‬ويبتعدوا‭ ‬عن‭ ‬السلبية‭ ‬لأن‭ ‬المريض‭ ‬عندما‭ ‬يشعر‭ ‬بأنه‭ ‬من‭ ‬يعيش‭ ‬معهم‭ ‬أقوياء‭ ‬فهو‭ ‬يشعر‭ ‬بالقوة‭ ‬أيضاً‭.‬

 

‭ ‬هل‭ ‬شعرت‭ ‬بلحظات‭ ‬ضعف‭ ‬في‭ ‬مسيرتك‭ ‬وكيف‭ ‬تغلبت‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الشعور‭ ‬وتجاوزته؟

نعم،‭ ‬شعرت‭ ‬بحالة‭ ‬ضعف‭ ‬في‭ ‬مشوار‭ ‬محاربة‭ ‬السرطان‭ ‬والعلاج‭ ‬منه،‭ ‬كنت‭ ‬دائماً‭ ‬أتغلب‭ ‬عليه‭ ‬بالإيمان‭ ‬وحسن‭ ‬ظن‭ ‬بالله‭ ‬أنه‭ ‬سيشفيني‭ ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬أقرب‭ ‬فرصة‭. ‬وبخصوص‭ ‬البلاء‭ ‬فأشد‭ ‬الناس‭ ‬بلاءً‭ ‬هم‭ ‬الأنبياء‭ ‬ثم‭ ‬الذين‭ ‬يلونهم‭ ‬ثم‭ ‬الذين‭ ‬يلونهم‭. ‬هي‭ ‬محنة‭ ‬ولكن‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يسعى‭ ‬أن‭ ‬ينجح‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المحنة‭ ‬الإلهية،‭ ‬وأن‭ ‬ينجح‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الامتحان‭ ‬كوننا‭ ‬نحرص‭ ‬أن‭ ‬ننجح‭ ‬في‭ ‬الامتحانات‭ ‬الدنيوية‭ ‬لأهداف‭ ‬أخروية،‭ ‬فدائماً‭ ‬نستعين‭ ‬بالله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬أولاً‭ ‬وأخيراً‭ ‬في‭ ‬تجاوز‭ ‬اللحظات‭ ‬الصعبة‭ ‬والحمد‭ ‬لله‭ ‬تمكنا‭ ‬من‭ ‬تجاوزها‭. ‬