+A
A-

أم عابد: ممتنة لابني أمام الله بصناعتي

لم تسمح للحزن واليأس أن يطوقها بعد أن شاءت الأقدار لها أن تلد طفلًا مصابًا بمرض "سنجد سقطي"، بل واجهت الواقع بشخصيتها العصامية، وثقتها ورضاها التام بقدرها، وابتسامة المتمرد على جبروت هذا المرض.

تجمع السيدة بدرية الرشيدي من المملكة العربية السعودية بابنها عابد علاقة فريدة من نوعها، فهي ترى فيه أجمل الأطفال، بل ومعلمها الذي صقل شخصيتها.

تقوم أم عابد بنشر يوميات ابنها في وسائل التواصل الاجتماعي، وتتعايش مع المرض بكل رضا وقناعة، مقررة بذلك أن تقطع حبل هذا المرض وتمنع انتشاره للآخرين.

ناضلت من أجل ابنها وبذلت كل ما في وسعها، إلا أن القدر كان له كلمة الفصل، إذ فقدت ابنها كحال بقية ضحايا هذا المرض، لكنها لم تسمح لنفسها بالتوقف والبكاء على الماضي، بل قررت الاستمرار في سرد تجربتها وإيصال رسالتها لأبعد نقطة على وجه الأرض.

وقالت السيدة بدرية: إن عابد خرج من المستشفى كمولود طبيعي وكانت سعادتهم غامرة، لكن سرعان ما لاحظت في شهره الأول تحول لونه للأزرق مع تشنج في جسمه، وعندما عرضته على الطبيب طمأنها في بادئ الأمر، إلا أن نوبة التشنج عاودت الطفل ودخل معها في غيبوبة لـ 3 أشهر، ليتم تشخيصه بعد فحوصات عدة أنه مريض "سنجد سقطي".

وأشارت أم عابد إلى أن من أبرز المعضلات التي يتسبب بها هذا المرض تتمثل في مواجهة المرض وتقبله من قبل الأهل، إلى جانب ما يعانونه من عدم فهم الكثير من الأطباء لهذا المرض، وبذل الكثير من الجهد لشرح الحالة لهم وللمسعفين.

ولفتت إلى اضطرار الأهل إلى التزام العزلة الاجتماعية والاعتذار عن المناسبات التي لا تلائم أطفالهم، وصعوبة السفر، وتنويم أطفالهم لفترات طويلة، ومقارنة بعض الآباء أبنائهم بالأطفال الأصحاء، ما يتسبب بضرر نفسي لديهم.

وقالت: إن طفلها منذ دخوله في غيبوبة، لم يعد يرى أو يتكلم، فكانت حياته أشبه بقفص، لا يملك إلا أذنه للاتصال بالعالم الخارجي، وهو ما يزيد من معاناة وتحسر الوالدين، إذ لا وجود لما يسليه سوى أغاني الأطفال.

وأكدت أن المرضى يبحثون عن أمل ينتشلهم من واقعهم الأليم، داعية الباحثين إلى توجيه جهودهم للبحث حول هذا المرض وعلاجه، إلى جانب العمل على إنشاء جمعية رسمية تكون مرجعًا للمرضى.

وقالت: لم أفقد طفلي فهو ما زال بداخلي ناقشًا بسمته وتربيته لي أكثر من رعايتي له، تعلمت من جسده الصغير الكثير والكثير، رسالتي للعالم أن لا تستهينوا بأحجامهم الصغيرة، فلديهم قوة كبيرة ومفعول سحري، يلقنوننا الدروس دون مجهود منهم، آمنوا بهم ومكنوهم.

وأضافت "طفلي رحل عن العالم لكنه لم يرحل مني، أنا ممتنة له أمام الله بصناعتي، فلقد جعلني امرأة قوية وصقلني شخصيًا، وتعلمت منه الصبر والقوة والابتسامة رغم الألم.