+A
A-

غياب الرقابة الأبوية يسقط المراهقين في فخ المخدرات

- إدمان المخدرات مرض مزمن ومحاصرته ممكنة

- علاج الإدمان مهمة المراكز المتخصصة

- الرفض الاجتماعي يدفع المدمن للاستمرار

 

أكد المعالج ومرشد التعافي من الإدمان خالد الحسيني أن غياب ثقافة إدمان المخدرات عن الأسرة والمجتمع تعد أحد أبرز أسباب سقوط العديد في فخ الإدمان.

 

وقال في حديثه مع "صحتنا" إن التعافي التام من الإدمان أمر ممكن التحقيق عبر المداومة على البرنامج التأهيلي والاندماج في المجتمع.

وفيما يلي نص اللقاء:

 

كيف ينبغي أن ينظر المجتمع للمدمنين؟

المعالج ومرشد التعافي من الإدمان خالد الحسيني

يشخص إدمان المخدرات عالميًا على أنه كأي مرض مزمن، يمكن محاصرته ومعالجته عبر اتباع برنامج معين.

وللأسف الشديد، إن نظرة المجتمع للمدمنين سلبية، لاسيما مع عدم امتلاك المجتمع للثقافة الكافية حول الإدمان وأنواعه، مع ندرة وجود برامج التوعية بالإدمان، وكيف ينبغي أن يفهم المجتمع هذا المرض، على أنه سلوك سيء لدى المدمنين، بالإمكان التخلص منه وعودة المدمن كشخص فعّال في أسرته ومجتمع.

والمشكلة أن السبب وراء هذه النظرة هو المدمن نفسه، الذي اتجه للإدمان واعتاد أساليب الكذب والمراوغة والسرقة، ما يؤدي إلى خسارته الشعور بالأمان الأسري والاجتماعي والمادي والعاطفي، ويتسبب في تغير نفسية المدمن.

 

بناء على خبرتك الطويلة في التعامل مع المدمنين، ما أبرز دوافع الإدمان لدى مجتمعنا، وما السبيل للوقاية منها ومنعها؟

أحد أبرز دوافع الإدمان هو عدم وجود ثقافة عامة عن الإدمان، وهنا يبرز دور الإعلام في توعية المجتمع بهذا السلوك المنحرف، وكيف يقع الشخص ضحية للإدمان، وكيف يؤدي المجتمع دورًا إيجابيًا في مساعدة الشخص من الوقوع في الإدمان.

نحن بحاجة إلى تثقيف الأسرة، ومن ثم تثقيف المجتمع بهذا الأمر، إذ إن عدم توافر المعلومات الكافية عن المخدرات تؤدي إلى سقوط الشخص في فخها، بدافع حب التجربة، أو الأصدقاء، أو ضعف الوازع الديني، أو ضعف الثقافة، إضافة إلى الظروف الحاكمة على بيئة الأسرة من حيث التفكك الأسري والطلاق والمشاجرات وسوء التربية وغير ذلك.

إضافة إلى ذلك، تأتي أهمية ودور تفعيل الرقابة الأبوية على الأبناء لاسيما في سن المراهقة، إذ ينبغي ملاحظة أسباب تبدل الأصحاب والأصدقاء، وتأثير توافر الأموال لدى المراهق والتي قد تدفعه للوقوع ضحية للإدمان.

 

ما أبرز السلوكيات الاجتماعية الخاطئة في التعامل مع المدمنين؟

للأسف، لا وجود لثقافة لدى الأسرة في التعامل مع حالة الإدمان التي تحصل لديها.

فلو اكتشفت أسرة أن أحد أفرادها أدمن المخدرات، فإنها تلجأ في كثير من الأحيان للضغط على المدمن، ما يحفز لديه سلوك العناد، أو أن توافر له الإمكانات للمواصلة والاستمرار، وكل ذلك خشية على سمعة العائلة والفضيحة، وفي الحالتين يستمر المدمن في إدمانه.

إلى جانب ذلك، فإن المجتمع يأخذ من المدمن موقفًا رافضًا، ويعتبره شخصًا منبوذًا وغير مرغوب به، ولا تكاد تجد مساعٍ لاحتوائه أو محاولة التعرف على مشكلته، فيكون المجتمع شديدًا على المدمن، ما يعزز لديه دوافع الاستمرار في التعاطي وتأتي بعض مواجهته في الرفض الاجتماعي.

 

إلى أي مدى يمكن التعافي التام من الإدمان، وما السبيل لذلك؟

التعافي من الإدمان ممكن عبر مراجعة المدمن للمراكز التأهيلية المتخصصة في علاج الإدمان وتأهيله وتغيير سلوكه للأفضل.

وهناك برنامج عالمي معتمد لعلاج مدمني المخدرات، وبالتالي على المدمن الذي يرغب في التعافي من الإدمان الدخول في هذا البرنامج التأهيلي الذي يدربهم على كيفية السيطرة على النفس والأفكار، والتعرف على نقاط الضعف ونقاط القوة في الشخصية، وكيف يقول لا للمخدرات، ولا للذين يتعاطون المخدرات، ولا لكل شيء تعود عليه.

لابد أن يكون لدينا مراكز لتأهيل المدمنين، ويضم نخبة من الاختصاصيين الذين لديهم الخبرة في هذا المجال.

كذلك هناك حاجة لبناء مستشفى متخصص أو مركز تأهيلي حكومي لعلاج وتأهيل مدمني المخدرات، وفق المواصفات العالمية، لمساعدة من لا يملك المال للجوء للمراكز الخاصة.

وفيما يتعلق بالتعافي التام فهو ممكن، وذلك بالمحافظة والمداومة على البرنامج التأهيلي، ويتطلب ذلك الأمر نحو بضع سنوات، من التأهيل والاندماج في المجتمع عبر العمل وتكوين الأسرة وغيرها.

وهنا أشير إلى أنه في دول عدة يمنح المقبوض عليه بتهمة تعاطي المخدرات فرصة للتأهيل والعلاج لأول مرة، وذلك من خلال أمر من المحكمة أو النيابة العامة، بدلًا من إيقاع العقوبة المقررة بشأن المتعاطين، والتي يمكن أن تؤدي إلى عناده وعدم ارتداعه عن العودة بعد الخروج من السجن.

ولكن في حال عاد الشخص إلى ممارسة هذا السلوك المنحرف بعد خضوعه للبرنامج التأهيلي، فإنه يتم حينها اتخاذ الإجراءات القانونية المقررة في هذا الشأن.