تجاوزنا مرحلة "التعريف.." والبحرين تمتلك رؤية مستقبلية
رئيس المجموعة العالمية للذكاء الاصطناعي د. جاسم حاجي
هي خطوة ذات أبعاد حضارية تضع مملكة البحرين على خارطة الريادة بجهود أبنائها في مجال علوم المستقبل والذكاء الاصطناعي، حينما وقع الاختيار على الخبير والباحث التكنولوجي البحريني رئيس جمعية الذكاء الاصطناعي د. جاسم حاجي؛ ليترأس المجموعة العالمية للذكاء الاصطناعي في يونيو من العام 2021، وهذه الخطوة، كما وصفها حاجي لحظة الحدث، إنجاز عالمي للبحرين بما تشهده من تقدم ملحوظ في مجال الذكاء الاصطناعي، وجاءت بعد فترة وجيزة من صدور توجيهات عاهل البلاد المعظم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في كلمته السامية بافتتاح أعمال المجلس الوطني "النواب والشورى" بالعام 2019، إذ أكد جلالته فيها أهمية الذكاء الاصطناعي لبناء مستقبل واعد في مجال التحول الرقمي، ولهذا التقدم شواهد عديدة منها رعاية ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، مبادرة مركز ناصر للبحوث والتطوير في الذكاء الاصطناعي، وإطلاق جائزة النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس الهيئة العامة للرياضة رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة للذكاء الاصطناعي.
أهمية المجموعة عالميًا
موضع فخر بالنسبة لكل البحرينيين أن يكون أحد أبناء المملكة في هذا المنصب، فالدكتور حاجي حاصل على درجة الدكتوراه في إدارة الأعمال من جامعة نورثمبريا في نيوكاسل بالمملكة المتحدة العام 2010، وحصل على درجة الماجستير في إدارة تقنية المعلومات من جامعة سندرلاند بالمملكة المتحدة، وهو خريج جامعة الكيبل واللاسلكي في كورنوال بالمملكة المتحدة، سألناه: ما الأهمية التي تمثلها المجموعة العالمية للذكاء الاصطناعي؟
المجموعة في الأساس مؤسسة غير ربحية مسجلة في بريطانيا ومقرها التشغيلي في مدينة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، وينضوي تحت عضويتها ما يزيد على 30 دولة، والانضمام إليها من الدول في ارتفاع، لا سيما الدول المتقدمة في الذكاء الاصطناعي، فعضويتها ليست فقط "انضمام دولة"، بل أن تكون منجزة في هذا المجال ولديها مراكز بحثية وباحثون أكفاء، ومن المشرف أن تكون العديد من الدول العربية أعضاء في هذه المجموعة، فإضافة إلى البحرين هناك الكويت، السعودية، الإمارات، عمان، المغرب، لبنان، مصر، ودول غربية مثل: إسبانيا، فرنسا، كندا، كرواتيا، إيطاليا، البرازيل، هولندا، بنين، جنوب إفريقيا، ألمانيا، باكستان، بلجيكا، الأرجنتين، رومانيا، ويبلغ عدد أعضاء الجمعية 550 عضوًا، ومن المتوقع وفق المؤشرات أن يتجاوز عدد الأعضاء في وقت قصير أكثر من 1000 عضو، وبهذا فالمجموعة تكتسب أهمية كونها من أكبر المؤسسات في الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم.
تجاوزنا مرحلة التعريف
هذا يعني أن تحقيق أهداف المجموعة يتطلب عملًا كبيرًا، فما أبرز جوانب خطة العمل؟
من موقعي رئيسا للمجموعة، أستطيع القول إن العمل منظم والأفكار المبتكرة ستسهم في إنجاح الجهود، فلا يقتصر دورنا على تنظيم الدورات التدريبية والمنتديات، بل يشمل ذلك تنظيم المؤتمرات الدولية في دول مجلس التعاون الخليجي، وسائر الدول في مجال الذكاء الاصطناعي تتجدد في محاورها؛ لأننا تجاوزنا مرحلة التعريف، أي تعريف الذكاء الاصطناعي وأهميته، ودخلنا في الجوانب المهمة والتطبيقات في الأعمال الإدارية والصناعة والطب وغيرها، وفي كل ملتقى نعقده شهريًا نتناول الملفات المهمة التي ندرسها ونخطط لها من أجل تقديم عمل علمي يواكب العصر، ولهذا فعلاوة على أن من أهداف المجموعة نشر مفهوم الذكاء الاصطناعي حول العالم في القطاعين العام والخاص والذهاب إلى شمول المؤسسات البحثية والتعليمية واستهداف الفئات العمرية المختلفة من خلال أنشطتنا التي نتواصل فيها مع الجميع عبر منصات التواصل الاجتماعي من محاضرات ومؤتمرات دولية كما أشرت، فإن من أهم الأركان هو تبادل الآراء مع الخبراء والباحثين ولا نغفل أي جانب مهم، فحتى أخلاقيات الذكاء الاصطناعي نضعها على طاولة البحث، ونجتهد في تنويع الملفات المهمة.
الشرق الأوسط بحلول 2030
أشرتم في العديد من أطروحاتكم ومقالاتكم إلى أن دول الشرق الأوسط منطقة مهمة ستحقق فوائد فما أبرزها؟
وفق الدراسات، فإن الذكاء الاصطناعي سيساهم بمبلغ 320 مليار دولار في اقتصاد الشرق الأوسط بحلول العام 2030 أي ما يعادل زيادة بنسبة 11 % في الناتج المحلي الإجمالي خلال ما يزيد قليلًا عن عقد من الزمان، ومن المرجح أن الصناعات التجارية الخاصة مثل البيع بالتجزئة ستستفيد بشكل كبير من ظهور الذكاء الاصطناعي، أضف إلى ذلك أن من المتوقع أن تحقق عناصر القطاع العام، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم والمرافق والخدمات الحكومية مكاسب أكثر، ومن المهم التأكيد هنا أن الفوائد التي يقدمها الذكاء الاصطناعي هي المتعلقة بالتوفير في التكاليف التشغيلية للدوائر الحكومية، واتخاذ القرارات والحلول بشكل أسرع لطلبات واستفسارات المواطنين، ومزيد من الدقة في حفظ السجلات ومعالجتها من خلال القضاء على الخطأ البشري، وفتح المجال أمام كل القطاعات الوظيفية للعمل الإبداعي الاستراتيجي.
وبالفعل، لقد أصبحت الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، رائدة في هذا المجال بالفعل، مستفيدة من الابتكارات التكنولوجية الجاهزة للتبني أو التي يجري صقلها حاليًا أو تحجيمها ليتم تطبيقها على نطاق أوسع، وتمهد هذه الاستخدامات المبكرة للذكاء الاصطناعي الطريق لمستقبل خدمات القطاع العام من الجيل التالي الذي يمكن أن يرقى إلى مستوى الإدارة الذكية الفعلية.
الحديث ليس عن اليوم وغدًا
كيف تنظر إلى جهود مملكة البحرين في مجال الذكاء الاصطناعي؟ وإلى أي مدى تسير وفق الطموح؟
لست أنا من أرى شخصيًا، فأنا أتشرف بخدمة وطني، ولكن لو تحدثت عن البحرين فلا أتحدث عن اليوم وغدًا، فقد بلغنا اليوم والغد على الأبواب بكل استعداد، إنما أنظر إلى أن المسؤولية الكبرى هي التخطيط للجيل الجديد، فهذا جيل على مستوى من الوعي ويمتلك رؤية وفهمًا للمستقبل، وحقًا أعبر عن ثنائي وإعجابي بدور مركز سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة الذي تأسس في العام 2021، وهذا المركز يتوسع اليوم ويقدم نموذجًا من العمل في قطاعات عدة، ولهذا أقول إن الذكاء الاصطناعي لا يقتصر على عمر معين، إلا أن هناك بحرينيين من الجنسين يقدمون حلولًا بشكل راق ويصل بعضها إلى مستويات دولية بما يتوافر من تشجيع وإمكانات بمركز سمو الشيخ ناصر للبحوث والتطوير ودعم صندوق العمل "تمكين"، وجهات أخرى تتضافر فيها الجهود.
كل ذلك يمثل أساس رؤية مستقبلية ومبادرات كلنا أمل وطموح أن تتوسع في المستقبل، وبعون الله ستوفر الكثير من القطاعات فرص عمل للبحرينيين من الخريجين والخريجات من ذوي الابتكار والتميز، ونحن نعيش في بلد ولله الحمد، تؤمن قيادته وكوادره بالاستزادة من العلوم الحديثة التي تواكب متطلبات العصر وعلوم المستقبل التي تساهم في الدفع بعجلة التنمية وتطور الأداء والإنتاجية، ولا شك في أننا نفخر بأن نرى وطننا الغالي مملكة البحرين في مقدمة الدول.
