+A
A-

أسامة المهدي

الموهبة‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبديه‭ ‬الفرد‭ ‬من‭ ‬تفوّق‭ ‬وإنجاز‭ ‬أكاديمي

الأسرة‭ ‬هي‭ ‬المحفِّز‭ ‬البيئي

‭ ‬ويوضح‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الاستعداد‭ ‬الفطري‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬اكتشاف‭ ‬وصقل‭ ‬حتى‭ ‬يمكن‭ ‬للطفل‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬أقصى‭ ‬إمكانياته‭. ‬ومن‭ ‬مؤشرات‭ ‬الموهبة‭ ‬لدى‭ ‬الطفل‭: ‬القدرات‭ ‬العقلية‭ ‬العالية،‭ ‬والقدرات‭ ‬الإبداعية،‭ ‬والتميز‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬معينة‭ ‬كالفن‭ ‬أو‭ ‬الرياضة‭ ‬أو‭ ‬العلوم‭ ‬أو‭ ‬اللغة‭ ‬وغيرها‭. ‬كما‭ ‬يمتاز‭ ‬الطفل‭ ‬الموهوب‭ ‬بصفات‭ ‬شخصية‭ ‬كالمثابرة‭ ‬والالتزام‭ ‬والدافعية‭ ‬والمرونة‭ ‬والاستقلالية‭ ‬في‭ ‬التفكير‭. ‬ولا‭ ‬يخفى‭ ‬ما‭ ‬للأسرة‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭  ‬الصدد،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ملاحظة‭ ‬سلوك‭ ‬الطفل‭ ‬باستمرار،‭ ‬وفهم‭ ‬شخصيته‭ ‬واستكشاف‭ ‬اهتماماته‭ ‬وتلبية‭ ‬ميوله‭. ‬وتعتبر‭ ‬الأسرة‭ ‬بمثابة‭ ‬المحفز‭ ‬البيئي‭ ‬لتنمية‭ ‬الموهبة،‭ ‬فهم‭ ‬يوجهون‭ ‬الطفل‭ ‬ويقدمون‭ ‬له‭ ‬الرعاية‭ ‬والقدوة‭ ‬الحسنة‭ ‬التي‭ ‬يحتذى‭ ‬بها‭. ‬وقد‭ ‬ذكرت‭ ‬الأبحاث‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالأسرة‭ ‬والموهبة‭ ‬أن‭ ‬سلوكيات‭ ‬وقيم‭ ‬وتوقعات‭ ‬الأسرة‭ ‬لها‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬موهبة‭ ‬الطفل،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬الدعم‭  ‬النفسي،‭ ‬وكذلك‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬المدرسة‭ ‬ومؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬هذه‭ ‬الموهبة‭ ‬وتطويرها‭ ‬باستمرار‭. ‬

ماذا‭ ‬بعد‭ ‬اكتشاف‭ ‬الموهبة؟

‭ ‬وفي‭ ‬ردِّه‭ ‬على‭ ‬سؤال‭ ‬يتعلق‭ ‬بكيفية‭ ‬تنمية‭ ‬الموهبة‭ ‬بعد‭ ‬اكتشافها،‭ ‬وهل‭ ‬هناك‭ ‬نصائح‭ ‬معينة‭ ‬ومختصرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الخصوص؟،‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬الخطوة‭ ‬التالية‭ ‬بعد‭ ‬اكتشاف‭ ‬الموهبة‭ ‬هي‭ ‬تهيئة‭ ‬البيئة‭ ‬الأسرية‭ ‬والتعليمية‭ ‬للظروف‭ ‬المعززة‭ ‬لنمو‭ ‬هذه‭ ‬الموهبة‭ ‬يومًا‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭. ‬فالطفل‭ ‬الموهوب‭ ‬بحاجة‭ ‬أولًا‭ ‬لتشجيع‭ ‬أفراد‭ ‬أسرته‭ ‬ومعلميه‭ ‬معنويًّا‭ ‬وماديًّا‭. ‬فال‭  ‬تشجيع‭ ‬المعنوي‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬الإشادة‭ ‬بعمل‭ ‬الطفل‭ ‬والاحتفاء‭ ‬بنتاجه‭ ‬مع‭ ‬تقديم‭ ‬التوجيه‭ ‬والنقد‭ ‬الإيجابي‭ ‬الذي‭ ‬يمكنه‭ ‬من‭ ‬صقل‭ ‬وتجويد‭ ‬عمله‭ ‬باستمرار‭. ‬والتشجيع‭ ‬المادي‭ ‬يتم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توفير‭ ‬المواد‭ ‬أو‭ ‬الأدوات‭ ‬اللازمة‭ ‬لتنمية‭ ‬موهبته‭ ‬وكذلك‭ ‬توفير‭ ‬التدريب‭ ‬وإلحاقه‭ ‬بورش‭ ‬أو‭ ‬دورات‭ ‬متخصصة‭. ‬ومن‭ ‬المهم‭ ‬كذلك‭ ‬أن‭ ‬توفر‭ ‬الأسرة‭ ‬مناخًا‭ ‬متوازنًا‭ ‬إيجابيًّا‭ ‬يهتم‭ ‬بإنجاز‭ ‬الطفل‭ ‬دراسيًّا‭ ‬وكذلك‭ ‬لا‭ ‬يغفل‭ ‬عن‭ ‬هوايات‭ ‬واهتمامات‭ ‬الطفل‭ ‬الأخرى‭ ‬كالرسم‭ ‬أو‭ ‬الموسيقى‭ ‬أو‭ ‬الرياضة‭ ‬أو‭ ‬البرمجة‭ ‬وغيرها‭. ‬فنجاح‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬عمومًا‭ ‬هو‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬الدراسة‭ ‬الأكاديمية‭ ‬والتفوق‭ ‬العلمي‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬ومبني‭ ‬على‭ ‬التطور‭ ‬الشخصي‭ ‬والتميز‭ ‬والموهبة‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭. ‬وقد‭ ‬وفرت‭ ‬الأدوات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬في‭ ‬وقتنا‭ ‬الحاضر‭ ‬فرصًا‭ ‬قيمة‭ ‬تمكن‭ ‬الطفل‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬مواهبه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاطلاع‭ ‬على‭ ‬الورش‭ ‬والدورات‭ ‬المتوفرة‭ ‬في‭ ‬الإنترنت‭ ‬وكذلك‭ ‬تيسرت‭ ‬عملية‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الموهوبين‭ ‬من‭ ‬كافة‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬خبراتهم‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭.   ‬

إهمال‭ ‬موهبة‭ ‬الطفل

‭ ‬سألناه‭.. ‬ما‭ ‬أهم‭ ‬أسباب‭ ‬تراجع‭ ‬أو‭ ‬إهمال‭ ‬موهبة‭ ‬الطفل؟‭ ‬فيجيب‭.. ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭ ‬الشخصية،‭ ‬مجتمعنا‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬يولي‭ ‬اهتمامًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬بالموهوبين،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الأفراد‭ ‬والأسر‭ ‬أم‭ ‬كذلك‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الجمعيات‭ ‬الأهلية‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الحكومية‭. ‬فمن‭ ‬خلال‭ ‬الاطلاع‭ ‬على‭ ‬نتاج‭ ‬الموهوبين‭ ‬المتوفر‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬نجد‭ ‬أمثلة‭ ‬طيبة‭ ‬تتعلق‭ ‬بمواهب‭ ‬واعدة‭ ‬متعددة‭ ‬كالرسم،‭ ‬التصوير،‭ ‬التمثيل،‭ ‬الموسيقى،‭ ‬الأدب،‭ ‬الشعر،‭ ‬البرمجة،‭ ‬الزراعة،‭ ‬الأعمال‭ ‬اليدوية‭ ‬والحرفية‭ ‬وغيرها‭. ‬ولكن‭ ‬المجال‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬مفتوحًا‭ ‬للتطوير‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اكتشاف‭ ‬واستثمار‭ ‬المواهب‭ ‬المغمورة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬نعلم‭ ‬عنها‭ ‬الكثير‭. ‬ومن‭ ‬المهم‭ ‬توعية‭ ‬الأسر‭ ‬بطرق‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬مواهب‭ ‬أطفالهم‭ ‬وتعزيز‭ ‬تعاونهم‭ ‬وتيسير‭ ‬تواصلهم‭ ‬مع‭ ‬المختصين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الموهبة‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬ومؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬الأخرى‭. ‬ومن‭ ‬الجميل‭ ‬كذلك‭ ‬أن‭ ‬توفر‭ ‬الجمعيات‭ ‬الأهلية‭ ‬والنوادي‭ ‬دورات‭ ‬وورشًا‭ ‬تدريبية‭ ‬مجانية‭ ‬تهيئ‭ ‬الموهوبين‭ ‬لتطوير‭ ‬قدراتهم‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬الاحترافية‭ ‬والإتقان‭ ‬العالي‭.  ‬

 

برامج‭ ‬تنمية‭ ‬وتطوير‭ ‬المواهب

‭ ‬وعن‭ ‬دور‭ ‬المؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬والمجتمعية‭ ‬في‭ ‬رعاية‭ ‬الأطفال‭ ‬الموهوبين،‭ ‬يشير‭ ‬المهدي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬للمؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬والمجتمعية‭ ‬دورًا‭ ‬مؤثرًا‭ ‬في‭ ‬رعاية‭ ‬الأطفال‭ ‬الموهوبين،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬تأتي‭ ‬المدرسة‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الأولى‭. ‬فقد‭ ‬أسست‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬مركزًا‭ ‬لرعاية‭ ‬الموهوبين‭ ‬ووفّرت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البرامج‭ ‬الخاصة‭ ‬بتنمية‭ ‬وتطوير‭ ‬المواهب‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬المدارس‭ ‬وهيّأت‭ ‬الكفاءات‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬المتخصصين‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يألون‭ ‬جهدًا‭ ‬في‭ ‬اكتشاف‭ ‬وتطوير‭ ‬مواهب‭ ‬الطلبة‭. ‬وهناك‭ ‬مؤسسات‭ ‬أخرى‭ ‬حكومية‭ ‬واجتماعية‭ ‬تقدّم‭ ‬برامج‭ ‬لاستقطاب‭ ‬الموهوبين‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬العلمي‭ ‬والأدبي‭ ‬والفني‭ ‬والتقني‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬لوسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الرسمية‭ ‬ووسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬دورًا‭ ‬مهمًّا‭ ‬في‭ ‬الاحتفاء‭ ‬بإنجازات‭ ‬الموهوبين‭ ‬وإظهار‭ ‬نتاجاتهم‭ ‬مما‭ ‬يرفع‭ ‬معنوياتهم‭ ‬ويقوي‭ ‬دافعيتهم‭ ‬لتحقيق‭ ‬أعلى‭ ‬المراتب‭. ‬