+A
A-

"فراشة التلفزيون" التي تتنقل بين الزهور هيا القاسم

أهي‭ ‬ساحة‭ ‬حرب‭ ‬ومعركة‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬الإعلام؟‭ ‬ليست‭ ‬كذلك‭.. ‬وفق‭ ‬رؤية‭ ‬معبرة‭ ‬جدًا‭ ‬للإعلامية‭ ‬البحرينية‭ ‬هيا‭ ‬القاسم،‭ ‬فهي‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المهنة‭ ‬لها‭ ‬جنود‭ ‬مخلصون،‭ ‬والإعلامي‭ ‬الناجح‭ ‬يتوق‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬المعركة‭ ‬إن‭ ‬أبعدته‭ ‬الظروف‭ ‬عنها‭ ‬ردحًا‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬والمعركة‭ ‬هنا‭ ‬ليست‭ ‬صدامًا‭ ‬وسلاحًا‭ ‬ورحى‭ ‬تدور،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬أفكار‭ ‬وإبداع‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتركه‭ ‬يرحل‭ ‬عنك‭ ‬وتعود‭ ‬إليه‭ ‬لتجدد‭ ‬نفسك‭.‬

امتلكت‭ "‬كاريزما‭" ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬تتوافر‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الإعلاميات‭ ‬العربيات‭ ‬اللواتي‭ ‬تميزت‭ ‬منهن‭ ‬أسماء‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬الفضائيات‭ ‬والتلفزيونات‭ ‬والقنوات‭ ‬العربية،‭ ‬كيف؟‭ ‬تلك‭ ‬الكاريزما‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬ألحقت‭ ‬بها‭ ‬لقب‭ "‬فراشة‭ ‬التلفزيون‭" ‬كانت‭ ‬ثمرة‭ ‬عمل‭ ‬استمر‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬18‭ ‬عامًا‭.. ‬أي‭ ‬منذ‭ ‬دخلت‭ ‬مجال‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2004‭ ‬بعد‭ ‬تخرجها‭ ‬من‭ ‬تخصص‭ "‬"ملتميديا"‭" ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬البحرين‭ ‬بدرجة‭ ‬البكالوريوس،‭ ‬واللقب‭ ‬هنا‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬أداء‭ ‬مهني‭ ‬رفيع‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬البرامج،‭ ‬فهي‭ ‬متميزة‭ ‬أمام‭ ‬الشاشة‭ ‬في‭ ‬نشرات‭ ‬الأخبار،‭ ‬ولها‭ ‬أسلوبها‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬الحوارات‭ ‬واللقاءات،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬قدرتها‭ ‬في‭ ‬التناغم‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬أفكار‭ ‬البرامج،‭ ‬وبرنامج‭ "‬"دروب"‭" ‬أصدق‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭.‬

وبين‭ ‬باقة "chat‭ ‬with‭ ‬batelco"‭ ‬و"youth time" أشرقت‭ ‬دورة‭ ‬برنامج‭ "‬"بين‭ ‬يديك"‭" ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬2012‭ ‬حتى‭ ‬2014‭ ‬الذي‭ ‬قدمت‭ ‬فيه‭ ‬باقة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬أروع‭ ‬القصص‭ ‬الواقعية،‭ ‬اجتماعيًا‭ ‬وإنسانيًا،‭ ‬وهذا‭ ‬البرنامج‭ ‬كان‭ ‬وما‭ ‬يزال‭ ‬موضع‭ ‬تقدير‭ ‬وإعجاب‭ ‬المشاهدين‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬ولأن الدروب‭"‬ هي‭ ‬مسارات‭ ‬عطاء‭ ‬ونجاح،‭ ‬جاء‭ ‬برنامج‭ "‬دروب‭" ‬ليقدم‭ ‬بحلة‭ ‬وطنية‭ ‬زاهية‭ ‬أجمل‭ ‬وأروع‭ ‬قصص‭ ‬الكفاح‭ ‬والنجاح‭ ‬والأم‭.. ‬وسنسير‭ ‬معها‭ ‬في‭ "‬دروب‭" ‬هذا‭ ‬اللقاء‭ ‬لنقرأ‭ ‬المزيد‭... ‬

كيف‭ ‬تعيش‭ ‬حياتها‭ ‬الإعلامية؟

ما‭ ‬رأيك‭ ‬أن‭ ‬نبدأ‭ ‬حديثنا‭ ‬بفهم‭ ‬قصة‭ ‬لقب‭ ‬"فراشة‭ ‬التلفزيون"‭.. ‬كيف‭ ‬أتى؟

حينما بدأت العمل العام 2004 قدت برنامجًا حواريًا شبابيًا، وبعد مدة من العمل في البرنامج تفاجأت بهذا اللقب الذي يمثل لي في الحقيقة ذكريات جميلة، ودعني أقول إنها مسؤولية كبيرة وليست مجرد لقب؛ ذلك لأنه ربط اسمي بتلفزيون البحرين كفراشة تنتقل من زهرة إلى أخرى.. أي من برنامج إلى آخر ومن فكرة إلى فكرة، ولهذا أقول إنها مسؤولية لأنها جعلتني أسير على منهج أو قل خط أو طريق أواصل فيه إلى اليوم بعد مضي كل هذه السنين، وأكثر من ذلك، أنه لقب وضع تصوري في كيفية عيش حياتي الإعلامية، ولله الحمد صرت أتنقل وأتدرج من البدايات، ألا وهي البرامج المباشرة وهي الأصعب بالطبع، ثم انتقلت إلى إدارة الأخبار كمراسلة تلتها تجربة البرامج الإخبارية حتى العام 2021، وبالمناسبة، خطوت خطوة متقدمة خلال جائحة كورونا حيث عدت إلى بيتي الأول وهو إدارة الأخبار، وهذه المرة ليس مراسلة، بل مذيعة نشرات إخبارية رئيسة مع مواصلة تقديم البرنامج الجديد "بين السطور".. في الحقيقة، التنقلات هي تنقلات الروح كما أفهمها، ولقب الفراشة أوحى لي هذا المنهج.

 

روح‭ ‬وجسد‭ ‬ورؤية

إذًا،‭ ‬البدايات‭ ‬ارتبطت‭ ‬بلقب‭ ‬"فراشة‭ ‬التلفزيون"‭ ‬والبدايات‭ ‬مع‭ ‬الشباب،‭ ‬فإلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬تشعرين‭ ‬بقربك‭ ‬من‭ ‬شريحة‭ ‬الشباب؟

يسرني ذلك كثيرًا، فأنا واحدة منهم وحين أخاطبهم فذاك لأنني أرى فيهم ويرونني روحا وجسدا ورؤية واحدة، وكم هو رائع أن أجد نفسي أشاطرهم هموهم وأتجاذب معهم أطراف الحديث بل أؤكد لك أنني لم أكن في مشواري المهني بعيدة عنهم، كيف وأنا أعيش بينهم، ولهذا أصدقك القول بأن طريقة التعاطي مع القضايا الشبابية ممتعة للغاية، وحين تتحدث في مجال وأنت تمتلك ما تقدمه فهذا سر من أسرار النجاح، وآخذك إلى مثال، والأمثال تضرب ولا تقاس، فحين أقدم دورة تدريبية أو أشارك في منتدى تكون الصورة الأولى التي تجمعني مع الشباب من الجنسين هي أنني، وهم أيضًا، نتحدث كأإخوة وليس هناك صعوبة في التواصل إطلاقًا، والأسلوب السهل جزء مهم من نجاح برنامج "دروب" وأنا ممتنة للجميع بلا استثناء.

هي‭ ‬تلك‭ ‬الصهوة‭.. ‬للصعود

هل‭ ‬ترين‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬اليوم‭ ‬عزل‭ ‬المحتوى‭ ‬المتميز‭ ‬عن‭ ‬المحتوى‭ ‬السيئ‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬منتشر‭ ‬في‭ ‬فضاء‭ ‬السوشال‭ ‬ميديا؟

أصدقك القول، إنني كنت في السابق من السنوات أنزعج كثيرًا من مقولة ان الإعلام أو الصحافة مهنة "من لا مهنة له"، وهذه المقولة غير صحيحة؛ لا سيما وأنا أعود بك معي إلى بدايات الألفية حين خطوات أولى خطواتي في العمل الإعلامي، لكن اليوم تغير الوضع، وأصبح الإعلام صهوة يصعد عليها من هب ودب، وذلك من خلال تطبيقات ووسائط ووسائل الإعلام الاجتماعي، وهي عبارة عن أدوات ممتازة إن أحسن المستخدم توظيفها بالشكل الصحيح الذي يخدم المجتمع بل ويبرزه بقدراته وتميزه وأفكاره الجميلة.

 

ألأنّ‭ ‬ذلك‭ ‬الأمر‭ ‬يمضي‭ ‬بلا‭ ‬ضوابط؟

في السوشال ميديا ليست هناك قيود، فهي فضاء مفتوح، والكل يمارس ويقدم ما يريد ويطرح ما يريد قوله من كلام ورسائل ولكن السؤال: ما مضمون تلك الرسائل وما معنى ذلك الكلام؟ فلو حللنا المحتوى اليوم حتى بالنسبة لأسماء مشهورة ممن يطلق عليهم مشاهير السوشال ميديا لن نجد الجديد المختلف المتميز إلا بالنزر القليل جدًا، أما النسبة الأكبر فهي للمواد المكررة والمعلبة والمنقولة من هنا وهناك بل بعضهم ينقل الأحكام والمقولات ويرتب الكلام وينشره ممزوجًا ببعض الإعلانات والمنشورات الدعائية، وهو في الأساس ليست من نتاجه أو من ابتكاره أو من إبداعه.

من المهم القول إن هذا المحتوى، ومن خطورته، أن يشكل ثقافة جديدة دخلت المجتمعات والبيوت العربية والخليجية، وتبلغ الخطورة مبلغها أن المحتوى السيئ تسبب في مشكلات مجتمعية وأسرية كثيرة.

 

نلوم‭ ‬الجهات‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء

وما‭ ‬موقف‭ ‬هيا‭ ‬بالضبط‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الموجة؟

بالطبع هناك من المحتوى ما ندرجه تحت السلبي والإيجابي، والأهم أن نشدد على هذه النقطة وهي أنه إذا كانت السوشال ميديا ميدانًا للكثير من المحتوى الرديء فلا يعني ذلك أن كل ما في السوشال ميديا رديء، ولا ننسى أن هذه النقلة التقنية من تطبيقات ووسائط ساعدتنا كثيرًا وساعدت العديد من المبدعين والمتميزين المغمورين على أن يظهروا ويعرفهم الناس، بل إن هذه الوسائل جعلت الكاميرا والجمهور معًا يصلون إلى مواقع ومواضع من الصعب على الإعلام الرسمي أن يصل إليها، ولكن لدي كلمة صريحة، نحن لا يجب أن نلوم مشاهير ذوي محتوى سيء، بل يجب أن نلوم الجهات الرسمية والمؤسسات والفعاليات والشركات التي لها سمعة وتاريخ عريق محترم أن تدعم وتستضيف مثل هؤلاء.

وليسمح لي القارئ الكريم أن أشير إلى حقيقة ليست مغيبة بالتأكيد عن ذهنه، لكن ربما هناك من لا يريد أن ينتبه لها، وهي أن شراء المتابعين بالآلاف في مختلف المنصات لا يمكن أن يكون مقياسًا، حتى نحن عرض علينا أن نشتري لكننا نريد متابعين حقيقيين نتكلم معهم ونتواصل ونقدم المفيد للوطن وللناس بل ولكل من يتابعنا في أي مكان في العالم، وعلامة التوثيق الزرقاء جميلة لحساب موثق، لكنها لا تعني أن التفاعل فيه حقيقي وهذا لا يمكن من خلال "الشراء" والحد الفاصل بين هذا الجمهور الحقيقي وذلك المشترى هو الجمهور الواعي الذي يعلم الفرق ويقيم المحتوى ويستفيد منه، ويعلم أن هناك ملايين تتابع محتوى "لا شيء".. فقط رقم متابعين.. بلا تاريخ ولا جهد ولا دور مؤثر ومحترم.

 

عصامية‭.. ‬مشرفة‭ ‬وملهمة

ترى،‭ ‬أي‭ ‬البرامج‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬قلب‭ ‬هيا؟

"دروب" في الحقيقة كان محطة حلوة من محطات العمل الإعلامي التي مررت بها، فالبرنامج كان في العام 2011 يقدم قصص نجاح وقبله كان برنامج "بين يديك"، لكنني استفدت من برنامج "دروب" أن أمتلك القدرة على صناعة شيء من لا شيء، لأننا الشعب البحريني نمتلك العزيمة والإصرار ومواصلة الدرب وعدم الاستسلام بغض النظر عن الظروف والمعوقات.. البحرينيون المتميزون يخلقون الفكرة إلى أن تصبح قصة نجاح، وهناك قصص عصامية مشرفة وملهمة، وحين نجلس ونستمع إلى تلك القصص نقول: يا الله.. قد نعتقد بأننا نواجه مشكلة كبرى ليس لها حل، فيما تجد أصحاب تلك القصص يقدمون لك نماذج تساعدك في الوصول إلى مبتغاك وهو النجاح.

 

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬لقب‭ ‬الفراشة،‭ ‬نختم‭ ‬الحديث‭ ‬بسؤال‭: ‬ما‭ ‬قصة‭ ‬الجوكر؟

الحمد لله رب العالمين على كل شيء.. نعم عظيمة من شخصية ووعي وثقافة وهذا ما عرف عني كشخصية بعد عشرين سنة خبرة.. من الرائع أن أكون إنسانة متوازنة، وتميزت بقدرتي على التنوع والتعاطي مع أي شخصية معها، وهذا أمر أودعه الله سبحانه وتعالى فيّ ولله الحمد، وقد سمعت من الكثير من المسؤولين يسمونني في وزارة الإعلام "جوكر".. والجوكر مسؤولية مضاعفة بشكل غير طبيعي في العمل الإعلامي لتعدد المهام والأدوار، ولكنها الورقة الرابحة في كل مكان، وهذا التنوع ميزني ربي به وفيه وأتناغم مع النخبة، والشباب، والسياسيين ومع الصغار والكبار، وفي المنوعات والبرامج الشعبية والجماهيرية، وأختم بالقول إنني قد أكون خارجة من يوم دوام متعب ومقبلة على إجازة عمل طويلة، لكن بعد أيام عدة ورغم المصاعب والشقاء والتعب، أجدني أشتاق للعودة إلى العمل، وأقولها لنفسي ولك ولكل إعلامي: حين تكون عاشقًا لعملك ومهنتك فذلك يعني أن المهنة تسري في عروقك، وهذا أمر لا يدركه من يسمونهم مشاهير السوشال ميديا.