+A
A-

نصيحةُ أب

بقلم :  شيخة نبيل الشنو

     كان يعيش في إحدى المزارع الجميلة، ثلاثة إخوة مع والدهم، وكانوا يقومون بمعظم الأعمال لمساعدة والدهم، ولكن كانوا يتشاجرون كثيرًا مما كان يحزن الأب، ولم يتوقف الإخوة عن المشاجرة، حتى في طريقهم إلى السوق؛ لبيع محصول مزرعتهم من الخضار.

 

     فكان منهم من يقود العربة، ومنهم من يمسك بصناديق الخضار؛ لئلا تسقط على الأرض، فكانوا يتشاجرون حول أي منهم من يمسك العربة وأي منهم من يمسك صناديق الخضار لئلا تسقط على الأرض، حتى وصلوا أخيرًا إلى السوق فوقفوا في منتصف السوق؛ لبيع الخضار، وكان الطقس ذلك اليوم حارا، والشمس تطلق أشعتها الساخنة، فذهب الأخ الأوسط لتناول كوب من العصير، وأوصى أخاه الأكبر وأخاه الأصغر بالبيع، والاهتمام بالعربة والخضار لحين عودته.

 

     وبعد قليل شعر الأخ الأصغر بشدة الحرارة، فقرر الذهاب للسباحة في البحيرة الموجودة بالقرب من سوق القرية، وترك أخاه الأكبر يهتم بالبيع، لكن الأخ الأكبر اغتاظ من الأخ الأوسط والأخ الأصغر لتركهما إياه وحده يبيع الخضار، ففضل النوم مستندًا على العربة وترك العربة والخضار، وراح في نوم عميق حتى جاء الكثير من الناس لشراء الخضار، لكنه ظل نائمًا فتركه الناس وبحثوا عن بائع آخر، وعند غروب الشمس عاد الأخ الأصغر من البحيرة، بعد أن قضى اليوم كله يسبح ويمرح هناك، وقال في نفسه إن أخاه الأكبر سيهتم بالبيع، فقرر عدم العودة له إلا بعد غروب الشمس، وعندما يصبح ماء البحيرة باردا، وعندما عاد وجد أخاه الأوسط يتشاجر مع الأخ الأكبر؛ لأن عربة الخضار قد سُرقت وكل ما عليها لم يعد موجودًا، وعلم أنه كان نائمًا، ولم يراقب العربة.

     فبدأ الإخوة الثلاثة يتشاجرون ويلوم كل واحد الآخر. وعندما عادوا إلى والدهم، وعلم بسرقة العربة والخضار، وما لحق به من خسارة كبيرة بدلًا من مكسب توقعه، اجتمع بهم ليعرف من تسبب في سرقة العربة والخضار، فبدأ الأخ الأكبر يلوم الأصغر؛ لأنه تركها وذهب للسباحة، وبدأ يلوم الأخ الأوسط؛ لأنه ذهب لشرب العصير، ولام الأخ الأصغر الأخ الأكبر؛ لأنه نام ولم يهتم بمراقبة العربة والخضار، وزادت حدة الشجار؛ فصاح الأب وطلب منهم الكفَّ عن الجدل والصياح، وقال لهم: أأنتم لستم إخوة!؟

 

     دخل الأب إلى غرفته وأخبرهم بأن غدًا هو يوم هام للحصاد، وعليهم العمل في الصباح الباكر ولا مجال للكسل، ولا مجال للشجار. وفي صباح اليوم التالي، وقد كان يوم الحصاد، استيقظ الأب، ولكن لم يستيقظ الإخوة الثلاثة.

 

     فكل واحد قال في نفسه يكفي أن يصطحب والدهم واحدًا منهم فقط، وظن كل واحد أنه سيصطحب الآخر وليس هو، فغضب الأب من كسلهم وحاول إيقاظهم لكنهم كانوا متعبين من شجارهم بالأمس.

 

     فرحل الأب هو وزوجته ليحصد المحصول، وترك أولاده نياما، وعندما عاد الأب قرر أن يلقن أولاده درسًا لا يُنسى؛ فاجتمع بهم مرة أخرى، وأعطى لكل واحد عصا خشبية، وطلب من كل واحد محاولة كسرها، فتمكن كل واحد من الثلاثة من كسر العصا بمفرده، ثم أعطاهم مجموعة مربوطة من العصي الخشبية، وطلب من كل واحد كسرها فلم يتمكن أي منهم من كسرها، فقد كانت مجموعة قوية من الأخشاب، لم يتمكنوا من كسرها.

 

     هنا أوضح الأب لهم أهمية تعاونهم، واتحادهم معًا لإنجاز الأمور، فالتعاون فيه قوة وإتقان، وسرعة في إنجاز العمل، فتعلم الإخوة الثلاثة أن الشجار والخصومة ما هو إلا مضيعة للوقت، وعليهم التعاون والاتحاد؛ لأن فيه تكمن القوة والنجاح والتفوق.