+A
A-

للقراءة: "الغرب ظاهرة الغربوية" للفيلسوف الروسي : ألكساندر زينوفيف


يعرف النظام الاجتماعي في البلدان الغربية حتى الآن بأنه الرأسمالية من حيث أساسه الاقتصادي؛ والديمقراطية من حيث نظامه السياسي. وأعتقد أن هذا التعريف لا ينسجم مع الواقع على أننى باعتقادي هذا لا أعنى أن الغرب لم تعد فيه رأسمالية ولا ديمقراطية فهما موجودتان فيه وبوفرة، بل ما أعنيه هو أن النظام الاجتماعي الفعلى فى البلدان الغربية لا يمكن اختزاله فى الرأسمالية، ولا في الديمقراطية. ذلك أن فى الشكل الذي اتخذته هاتان الظاهرتان والمكانة التي تشغلانها ما يجعل النظر إليهما وكأنهما الركنان الأساسيان اللذان يقوم عليهما النظام الاجتماعي الغربي تجاهلاً للجوهر الحقيقى لهذا النظام، واهتداء بفهم له متحيز إيديولوجيا ، وباطل في نهاية المطاف.
إنني أطلق على النظام الاجتماعى فى البلدان الغربية مصطلح "الغربوية "Westernism ، دون أن أضمّن هذه الكلمة أى معنى آخر سوى أنها ليست تسمية للبلدان الغربية عامة، وإنما لنظامها الاجتماعى فقط أما ماهية هذا النظام فمسألة ينبغي أن يكشف عنها البحث العلمي النزيه.
لقد توصلتُ - نتيجة تحليلى للغربوية - إلى خلاصات يمكن إيجازها بنقطتين. فمن وجهة النظر الاجتماعية الاقتصادية تسعى الغربوية إلى إيجاد أماكن عمل ومداخيل مضمونة لمن يمارسون أنواعًا من النشاط ليست هي بحد ذاتها المنتج المباشر للأشياء والخدمات المادية. وتسعى الغربوية أيضًا إلى زيادة قوة العمل الحر بوصفه الوسيلة الأكثر فعالية لإرغام الناس على ممارسة العمل وزيادة إنتاجيته على أن الأعمال الحرة ليست بالضرورة مرتبطة بالملكية الخاصة إذ يمكن أن يظل العمل حرا حتى عندما لا يبقى فى مجال العمل مالك خاص واحد تعود له ملكية المنشأة قانونيا . وفي المجال الاجتماعى السياسى تسعى الغربوية إلى تشديد الجانب اللاديمقراطى فى نظام السلطة والإدارة، وإلى تقوية دور الدولة، وتأصيل العناصر غير الديمقراطية في نظام السلطة، وتحويل الديمقراطية إلى وسيلة للتلاعب بالجماهير، وقناع يحجب الجانب الشمولي فيها .
إن تطور الغربوية في كلتا هاتين النقطتين فى هذين المجالين الأساسيين من مجالات النظام الاجتماعي، يسير فى اتجاه التقريب بين المجتمع الغربي والمجتمع الشيوعي.