العدد 1781
الجمعة 30 أغسطس 2013
banner
قصف الأسد.. لا سوريا! سمر المقرن
سمر المقرن
الجمعة 30 أغسطس 2013

لم أفرح مطلقًا بقرار القصف الأميركي على سوريا، لكنه الخيار الأصعب والحل النهائي لتخليص بلاد الياسمين من رائحة الموت والدماء التي اقتربت من عامها الثالث، والعالم كله يلوم الدول العظمى والمجتمع الدولي في عدم تدخله، وعندما حانت ساعة الصفر، بدأ الناس يلومون أميركا ويكيلون لها الشتائم كعادة الشعوب العربية.
سنكمل ثلاثة أعوام ونحن كل يوم نموت مع الشعب السوري، رائحة الدماء أزكمتنا وصور موتى الكيماوي خنقتنا، وبغض النظر عن نظرية المؤامرة التي لا تبرح ذهن أي منا، إلا أننا في هذه الحالة مجبرون على الانقياد وتجاهلها، فنتائج الضربة هي زوال بشار الأسد وزبانيته، أما نتائج الضربات اليومية على كل مناطق سوريا فهي موت الناس والأطفال والنساء وكل الأبرياء الذين أعيتنا مناظرهم، ومازلت متأكدة أن الخافي في الداخل السوري أعظم مما نراه على الشاشات أو نقرأه على الصفحات.
صديقتي رزان نعيم مغربي، وهي روائية من ليبيا، سردت تجاربها أيام قصف حلف الناتو الذي استهدف معمر القذافي، كتبت في محاولة منها لشد أزر من هو خائف أن تصيب الضربات المدنيين والأبرياء، تقول رزان على صفحتها في فيسبوك: “بعيدًا عن أي اختلاف في الرأي بين من سيكون مع التدخل العسكري ومن هو ضده، سوف يعرف الشعب السوري الفرق بين قصف الناتو للمواقع المستهدفة، والقصف العشوائي الذي كان يقوم به النظام السوري طيلة الأعوام الماضية، سوف يستدعي المشهد بعد يوم واحد من القصف اهتمام الجميع وسيخرج السكان لمشاهدة الصواريخ المبرمجة ودقة إصابتها للأهداف، وكيف أنه قبل القصف سيكون هناك إعلان للناس بكافة الطرق وتعليمهم الابتعاد عن أماكن القصف”.
رزان عندما تتحدث فهذا عن تجربة شخصية، عاشتها بكل آلامها إلى أن أتت ساعة الفرج بخلاص شعبها من القذافي ونظامه. وهذا ما ينتظره السوريون وننتظره جميعًا أن ينتهي هذا المجرم الجاثم على الإنسانية بكل معانيها، فما فعله ضد شعبه من مجازر لم يفعله ألد الأعداء في خصومهم.
في نظري إن الضربة العسكرية ليست هي ما يخيفنا كعرب، إنما ما بعد الضربة والحسابات الطويلة التي نجمعها ونطرحها عن أوضاع سوريا ما بعد الأزمة هي التي تبعث القلق، مع أنها قد تكون الدولة الوحيدة التي مهما كان البديل للأسد فيها فسيظل أفضل منه، ولعلها تأخذ الدروس والعِبر مما حصل في الدول العربية الأخرى وأن لا يستلم قيادتها إلا من هو قادر على إعادتها من جديد.
سنوات مضت، والشعب السوري يئن من أبشع أشكال الموت، أما المجتمع الدولي فهو في سُبات عميق وكأن موت هذا الشعب لا يعنيه، في حين يأتي التحرّك الملموس بعد القصف الكيماوي على غوطة دمشق، مما يرمز إلى أن الموت بالرصاص والصواريخ مسموح في أعراف المجتمع الدولي، أمر فعلاً يدعو إلى التعجّب والتساؤل؟ أما الأكثر إيلامًا فهو مصيرنا الذي يقع تحت وطأة الدول الغربية وقراراتها!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية