العدد 1305
الجمعة 11 مايو 2012
banner
الثورات والحروب الصليبية! سمر المقرن
سمر المقرن
الجمعة 11 مايو 2012

تجاوزنا عام الربيع العربي بأشهر، وباعتقادي كان العام الأسخن في تاريخ الأمة العربية خلال نصف قرن مضى. هذا لا يعني أن السنوات المنصرمة كانت هادئة فهناك مثلا: حادثة زيارة الراحل أنور السادات لإسرائيل، واجتياح العراق للكويت. وفي العموم تلك الأحداث كانت متباعدة حتى وصلنا إلى تداعيات أحداث 11 سبتمبر وما تبعها من سقوط لصدام حسين رحمه الله وفي المجمل منحتنا المسافات الزمنية للأحداث مساحة لاستيعابها، على عكس العام الفائت الذي كان كرمي أحجار الشطرنج من على طاولة بلحظة واحدة، وعندما أذكر أحداث 11 سبتمبر فلأنها كانت هي المفصل في كل ما يحدث في الأمة أو كما أسماها بوش –الصغير- الحروب الصليبية! تداعيات هذه الحروب أطاحت حتى الآن بأربع رؤساء عرب والخامس “إن شاء الله” بالطريق. فالانتقام الأمريكي قد عاد مع بداية الثورات بالفائدة ولذلك رأينا أصابع كثيرة بعضها غربي والآخر شرقي تنبهت لما يحدث وتسعى الآن لتغيير مسار حملة الانتقام الأمريكية التي كانت ستحرر شعوب تلك البلدان من الطغيان، وتعيد هذه الدول للواجهة فبدأت الخيوط بلمح البصر تتقطع وهذا ما اتضح بصورة جلية في الحالة السورية التي أوقفها كل العالم حتى الآن، بل ويُمنح نظام الأسد الفرصة تلو الأخرى بهدف وأد هذه الثورة.
إن أحدًا لم يتحدث حتى الآن عن تداعيات هذه الثورات على الشعوب، بعد أن تنبه اللاعبون الكبار وقالوا: كش ملك! فتغيرت أهداف الثورات من وضع اقتصادي مزري في تونس، وحياة بدائية في ليبيا، مرورًا بصراع التيارات في مصر، إلى ضياع الأمن تمامًا في اليمن!
ولمن لم تتضح أمامه الرؤية ولا يؤمن بنظرية المؤامرة، فقط عليه أن يتتبع مسار الأحداث منذ احتلال فلسطين إلى هذا اليوم، ولا أعتقد أن ما دبره الصهاينة أتى في كتب مدرسيّة، بل دُبِّر بليل ومن أناسٍ ممنهجين يقودون العالم ويعرفون ثِقل هذه المنطقة استراتيجيا وماديا، وما يحدث لم يأتِ من باب الصدفة ولا يحتمل التسطيح. إن قيام الثورات كان حلمًا لكل تلك الشعوب، ولكن حرب المصالح العالمي تدّخل فتغيرت المسارات وتنازعت القوى، بل وبدأت أياد خارجية بالتغلغل لتصفية حسابات حقيرة، كما حدث في قضية مهرب المخدرات المصري “الجيزاوي” أو كما حدث من مندوب سوريا في الأمم المتحدة إبراهيم الجعفري الذي تبجّح بالظهور وبكل ثقة وحماية دولية ليتهم دول الخليج العربي بالإرهاب ودعم الإرهابيين في سوريا!
على الشباب العربي أن يهدأ ليلتقط أنفاسه وليفكر مليًا في حال ثوراته، ويقرر ما إذا كانت هذه الثورات ودماء شهداءها قد أتت أُكلها في زمن التخطيط لحروب صليبية ستأخذ في مقبل الأيام أشكالا انتقامية أوسع، بعد أن كانت ستعود بالنفع على الأجيال المقبلة بسبب خطأ استراتيجي أمريكي فاضح تسعى روسيا والصين وإيران، ومعهم العالم لتصحيحه.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .