العدد 2679
الأحد 14 فبراير 2016
banner
تنويع مصادر الدخل د. حسن العالي
د. حسن العالي
الأحد 14 فبراير 2016

نعود للحديث عن موضوع تنويع مصادر الدخل في البحرين بعد أن بدا واضحا أن التركيز على تنويع مصادر الميزانية، وليس الدخل القومي، يفرز العديد من الجوانب السلبية ليس أولها رفع تكلفة أعباء المعيشة على المواطن وليس آخرها تقليل الإنفاق مما يقلل من آفاق النمو الاقتصادي.
ولاشك أن الكل متفق أن البحرين تمتلك موارد نفطية محدودة ولأعوام محدودة أيضا، كما أن توقعات الأسعار في المدى المتوسط تنبئ بعدم عودتها لما فوق الـ 100 دولار، إلا إذا حدثت تطورات اقتصادية وسياسية دراماتيكية.
وهذا يعني أننا يجب أن لا نضع ضمن توقعاتنا تحول دراماتيكي في الإيرادات النفطية في المدى المتوسط.
كما أن معظم بنود الصرف وخاصة فيما يتعلق بالرواتب والصيانة وتطوير وتوسعة البنية التحتية لن يكون بالإمكان مسها أو تخفيضها، بل العكس هو توقع نموها خلال الأعوام المقبلة.
وبضوء الحقائق المذكورة آنفا، وكما ذكرنا في مقالات سابقة، فإننا لا نرى إمكان تصحيح مسار وهيكلة الميزانية العامة على المدى القصير ولكن يمكن أن تتوافق السلطة التشريعية مع الحكومة على وضع خطة وسطية تمتد لخمس سنوات يتم خلالها تنفيذ إجراءات التصحيح التي يجب أن تتم على ثلاث مسارات رئيسة.
المسار الأول هو تنويع مصادر الدخل، وتشمل الإجراءات هنا هيكلة وتنظيم استثمارات الدولة من خلال ممتلكات في ميزانية الدولة وفرض ضرائب ولو بنسب ضئيلة على أرباح الشركات (هي مطبقة في كافة دول مجلس التعاون تقريبا) ودراسة تطبيق ضريبة القيمة المضافة على السلع الاستهلاكية ورفع إنتاجية القطاع العام والتخصيص وهيكلة أسعار رسوم الخدمات التي لا تمس المواطن وتحرير أسعار الطاقة المقدمة للشركات الكبيرة وتنفيذ المزيد من المشاريع الكبيرة عن طريق الشراكة مع القطاع الخاص.
أما المسار الثاني وهو النفقات وفي مقدمتها هيكلة صور الدعم كافة؛ لكي يذهب لمستحقيه من المواطنين البحرينيين وتخفيض بعض النفقات بما في ذلك النفقات الاجتماعية وغيرها.
أما المسار الثالث فهو المتعلق بإدارة العجز والدين العام، فيجب أن يتوفر أكثر من مصدر لسد العجز بدلا من الاعتماد كليا على الاقتراض مثل تكوين احتياطي للدولة يتم استقطاعه سنويا من الإيرادات النفطية بنسبة معينة أو إصدار شهادات أو سندات دين للمواطنين والشركات.
أما فيما يخص إدارة الدين فيجب إصدار قانون للدين العام وتشكيل هيئة حكومية بمشاركة بعض الخبراء للإشراف على إدارة الدين مع تأسيس دائرة مؤهلة بالخبراء في وزارة المالية خاصة بإدارة الدين.
ويفترض أن تتم جميع هذه الإجراءات بشفافية تامة وفي ظل حملة إعلامية شفافة تبين بالأرقام مزايا كل خطوة وكل إجراء.
كما أن الحصول على دعم المجتمع المدني هو في غاية الأهمية بالتزامن مع حملات إعلامية توعوية توضح خارطة طريق مسار التصحيح الاقتصادي؛ لكي تتحصل إجراءات الإصلاح على دعم واسع يبين أنه سيؤدي في نهاية المطاف لتحقيق وضع اقتصادي أفضل للبلاد وللاقتصاد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .