أنواع المجالس: تُسمّى المجالس البحرينية باسم مضيفها أو صاحب المجلس، مثل: مجلس الدوي، مجلس آل جودر، وغيرها. وعلى الرغم من صعوبة تصنيف المجالس البحرينية بشكل صارم، إلا أن الحضور عادةً ما يصنّفونها وفقًا لتركيزها السائد، فتكون إما مجالس دينية، أو سياسية، أو اجتماعية، أو ثقافية.

وظائف الدعاية للمجالس
يحرص أصحاب المجالس البحرينية على الترويج لمجالسهم لجذب الزوار، ويتم ذلك من خلال الإعلان عن استضافة شخصية بارزة، وتحديد موعد انعقاد المجلس وموضوع النقاش. تُنشر هذه الإعلانات عبر الصحف اليومية، المجلات الأسبوعية، الكتيبات السنوية، وسائل التواصل الاجتماعي مثل WhatsApp و YouTube، وكذلك عن طريق التناقل الشفهي.

على الرغم من أن المجالس تُعقد طوال العام، إلا أن شهر رمضان يشهد ازديادًا كبيرًا في عدد الزوار، ما دفع المجتمع إلى إنشاء أكثر من 50 مجلسًا إضافيًا لا تظهر إلا خلال الشهر الكريم. ولتنظيم هذه المجالس، تقوم صحيفة الأيام بنشر تقويم مجالس رمضان، كما أطلقت تطبيقًا للهواتف الذكية يقدّم المعلومات ذاتها.
مجلة "رمضانيات" ومجلة "مجلس"  
تواصل مجلة "رمضانيات" إصدارها السنوي خلال شهر رمضان، حيث وصلت إلى عددها السابع عشر، محافظةً على مكانتها كأبرز مجلة رمضانية في البحرين. تقدم المجلة محتوىً متنوعًا يوثّق الأجواء الرمضانية محليًا وعالميًا، ما جعلها منبرًا إعلاميًا ينتظره القرّاء سنويًا.   أما مجلة "مجلس"، التي انطلقت عام 2010م وكانت متخصصة في أخبار وشؤون المجالس البحرينية، فقد توقفت عن الصدور بعد أن قدّمت تغطية شاملة للنشاطات والنقاشات التي تدور في المجالس، إلى جانب تعليقات الزوار. 

التصميم الهندسي للمجالس
تُقام المجالس عادةً في غرفة أو صالة كبيرة في الطابق الأرضي من المنزل، بحيث يكون مدخلها قريبًا من البوابة الرئيسية لضمان خصوصية أهل المنزل. يتم تجهيزها بكراسٍ وأرائك مرتبة بمحاذاة الجدران، مع طاولات صغيرة للشاي والمياه. وفي حالة امتلاء المقاعد، يُسمح للزوار بالجلوس على الأرض، خاصة في المجالس الدينية. تحتوي المجالس أيضًا على مغاسل، ومواد تجميلية، ومطبخ صغير أو طاولة تقديم المشروبات والوجبات الخفيفة. جميع المجالس مكيفة، لضمان راحة الزوار خلال الصيف الحار.
زيارة المجالس وجدولتها
المجالس مفتوحة للجميع، دون الحاجة إلى عضوية، وهي تمثل أحد أبرز صور الكرم العربي. في كل مساء، تُفتح العديد من المجالس في المحرّق لاستقبال الزوار، الذين يختارون المجالس التي يحضرونها وفقًا لالتزاماتهم الدينية، العائلية، السياسية، أو الاجتماعية.
من غير اللائق زيارة مجلس واحد فقط وتجاهل المجالس الأخرى، إذ يُفضَّل زيارة أكبر عدد ممكن من المجالس يوميًا. ومع ذلك، يُسمح بالبقاء في مجلس واحد طوال المساء إذا كان الموضوع المطروح ذا أهمية خاصة.
مواعيد انعقاد المجالس
تُعقد المجالس عادةً في المساء، بعد صلاة العشاء، وتبلغ ذروتها بعد ساعة ونصف من الصلاة. بعضها يُعقد أسبوعيًا في يوم محدد، بينما توجد بعض المجالس تفتح يوميًا. تُلغى الجلسات أحيانًا لظروف خاصة، مثل مرض المضيف أو تزامنها مع عطلة عامة أو مناسبة كبيرة.
ينتهي التجمع عادةً بين الساعة العاشرة والعاشرة والنصف مساءً، وإذا استمرّ النقاش بعد هذا الوقت، يمكن للزوار المغادرة بهدوء دون لفت الأنظار، حيث يُعتبر ذلك تصرفًا مقبولًا في الثقافة العربية.
السلوكيات في المجالس
تمتلك المجالس البحرينية بروتوكولات سلوكية صارمة يلتزم بها الحضور لضمان الاحترام والتفاعل البناء.
الدخول والتحية
•    يُفضَّل خلع الأحذية عند المدخل إذا كان ذلك متبعًا.
•    عند الدخول، يُلقي الزائر التحية "السلام عليكم"، ويرد الحاضرون بـ "وعليكم السلام"، ثم يقفون للمصافحة والترحيب.
•    تبدأ المصافحة مع الجالس على اليمين، ثم تنتقل بعكس عقارب الساعة.
•    إذا كان الحضور يعلمون بشأن مناسبة خاصة لصاحب المجلس (زواج، بحث عن عمل، وفاة)، فمن الأدب تقديم التهاني أو التعازي.
•    عند وجود شخصية دينية بارزة، يُظهر الحاضرون احترامهم عبر تقبيل جبهته أو يده اليمنى.
الجلوس
•    يُوجّه المضيف الزائر إلى مقعده، وعليه إخلاؤه عند وصول زائر جديد للجلوس في الناصية، إذ يُعد ذلك من آداب المجلس.
•    في المجالس الدينية، يُقبل الجلوس على السجاد حتى لو كانت هناك كراسٍ شاغرة.
المغادرة
•    يجب أن يقضي الزائر في المجلس ما لا يقل عن 10-15 دقيقة، وفي المجالس الدينية يجب أن لا تقل الزيارة عن ساعة واحدة.
•    إذا اضطر الزائر للمغادرة أثناء الحديث، يُشير بيده مودّعًا بهدوء دون مقاطعة.
•    عند المغادرة في نهاية المجلس، يتعين مصافحة الجميع، خاصة المضيف، مع تقديم عبارات الشكر.
إدارة الحوار والإشراف عليه
•    يتولّى المضيف أو فريقه إدارة النقاش للحفاظ على تفاعل متوازن ومثير للاهتمام.
•    بعض المضيفين يستعينون بمتطوعين موهوبين لتنظيم الجلسات وجذب الحضور.
•    بعد انتهاء الضيف المتحدث من محاضرته، يقوم عريف الجلسة بتسجيل أسماء الراغبين في طرح الأسئلة وإبداء التعليقات.
حرية التعبير وحل النزاعات
•    المجالس مساحة شبه عامة للنقاش والتعبير عن الآراء الدينية، السياسية، والاجتماعية.
•    يتمتع الحاضرون بحرية التعبير، طالما التزموا بالأدب والاحترام الثقافي.
•    في حالة نشوب خلاف حاد، يُفضَّل أن يتوصّل الطرفان لحل ودي دون تدخل المضيف.
•    إذا استمر النزاع، يتدخل المضيف وفريقه للتهدئة بطريقة دبلوماسية.
حُسن الضيافة
•    يُعيَّن في المجالس الكبيرة خادم أو أكثر لاستقبال الضيوف، بينما يتولى ذلك أبناء المضيف في المجالس الأصغر.
•    يتم تقديم المشروبات فور جلوس الضيف، مثل الشاي بالحليب والمياه المعدنية، يليها القهوة العربية التي تشتهر بها البحرين.
•    تُقدَّم الأطعمة بعد انتهاء الجلسة، وتختلف من مجلس إلى آخر، حيث يُعد نوعية الطعام وجودته جزءًا من جاذبية المجلس.
المجالس النسائية والمجالس المختلطة
•    تنقسم المجالس إلى مجالس للرجال فقط، مجالس للنساء فقط، ومجالس مختلطة.
•    المجالس المختلطة تكون عادةً مفرزة، بحيث يجلس الرجال والنساء في جهات منفصلة داخل القاعة نفسها.
•    مجالس النساء مثل مجلس سهى الغوزي ومجلس عالية الهملان ومجلس وفاء عبدالعزيز. تعقد سابقا في فترة النهار (قهوة الضحى) أما حاليا تعقد مساءا أيضا.

دور التكنولوجيا الحديثة
•    أدّت التطورات التكنولوجية إلى زيادة تفاعل المجالس، حيث أصبح بالإمكان عقد مجالس رقمية عبر Zoom وClubhouse.
•    تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا حيويًا في نشر الأفكار، حيث باتت التغريدات، مقاطع YouTube، وشهادات الحضور تؤثر في مواضيع النقاش داخل المجالس.
ختامًا، تمثل مجالس البحرين أحد أرقى تقاليد الضيافة العربية، حيث تجسّد قواعد السلوك، تبادل المعرفة، وتعزيز الروابط الاجتماعية في إطار ثقافي متجذّر ومتجدد.

اخصائي تراث وسياحة