+A
A-

مخرجة الفيلم الوثائقي “رؤية الوعد.. سلمان بن حمد”.. إيفا داود: العلم هو حلم الجميع

لدي فيلم طويل جاهز بانتظار الحصول على تمويل له

نجاح برنامج المنح كسب ثقة واحترام محافل العلم لما تقدمه

الحرارة العالية والرطوبة كانت ستعيق إنجاز الفيلم

اخترت أن أقدم الفيلم بشكل مختلف عن نشرات الأخبار

الفيلم شارك حتى الآن بما يقارب العشرين مهرجانا سينمائيا وحقق العديد من الجوائز

حقق الفيلم الوثائقي “رؤية الوعد.. سلمان بن حمد” للمخرجة البحرينية إيفا داود خلال العام 2020 منجزات كثيرة، حيث تم عرضه في مهرجانات أفلام عالمية وحظي بإشادات واسعة وحصل على عدد من الجوائز وتم عرضه في مختلف الصالات في مدن كبرى بأميركا، آسيا وأوروبا.

ويلقي هذا الفيلم الضوء على جهود صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء في الاستثمار في العنصر البشري والطاقات البحرينية الواعدة عبر تبني وإطلاق مشروع برنامج سموه للمنح الدراسية العالمية، الذي يستفيد منه الطلاب والطالبات من خريجي المدارس الحكومية والخاصة في مملكة البحرين.

“البلاد” كانت لها لقاء خاص مع مخرجة العمل المخرجة المبدعة ايفا داود التي تحدثت معنا في هذا اللقاء الشائق عن كل ما يتعلق بهذا العمل الكبير من صعاب وتوجيهات وحب:

حدثينا أولا عن أفكار تنفيذ الفيلم الوثائقي “رؤية الوعد.. سلمان بن حمد“؟  

العلم كان ومازال هو الرمز الأقدس للحضارات والشعوب وأسمى الغايات وأرفعها شأننا، وفيلم رؤية الوعد سلمان بن حمد فيلم أنتجته هيئة البحرين للثقافة والآثار احتفاء بمسيرة عشرين سنة على إطلاق برنامج ولي العهد للمنح الدراسية بالتزامن مع مئة عام على بدء التعليم في البحرين. 

الفيلم يندرج تحت مسمى الدراما وثائقي، وصنعنا الفيلم بنسختين، نسخة تتحدث بالعربية، ونسخة تتحدث بالإنجليزية، مدة الفيلم ثماني وعشرون دقيقة. جوهره الرئيس مبني على برنامج منحة ولي العهد للمنح الدراسية. 

تم تشريفي بإخراج هذا الفيلم من قبل هيئة البحرين للثقافة والآثار، وقد أعطيت مطلق الحرية بأن أقدم الفيلم برؤية إخراجية أختارها تليق بهوية البرنامج البحريني عالميا مع التركيز على إظهار الهدف الرئيس، لجوهر الفيلم. باشرت بالتحضير دراسة كل تفاصيل هذا البرنامج بالتعاون مع المكتب المختص ببرنامج المنح وبإدارتها والإشراف عليها، الجميع كان متعاونا قدموا لنا كل المساعدة التي نحتاجها على جميع الأصعدة.

بدأت بكتابة سيناريو الفيلم وقمت بالتعاون مع مي الجشي على كتابته وكتابة الأسئلة التي سنوجهها بنسختين، عربية وإنجليزية لمن تم اختيارهم للظهور في الفيلم. وعليه تركيزي في الفيلم كان منقسما على ثلاثة محاور أردت إبرازها في الفيلم، وهي المضمون الإنساني وهو الاستثمار غير الربحي بالإنسان وتعليمه غير المشروط تماشيا مع نهج ورؤية سمو ولي العهد. ثانيا إبراز جوهر هذه المنحة ما جعلها فريدة بفكرتها غير المسبوقة من المنح التعليمية التقليدية بكل مكان من العالم، فهي من اسمها منح، وليست بعثات، بأنها غير ملزمة أو مشروطة بأي التزام أو قيد على الخريجين، وثالثا تقديم مملكة البحرين جماليا من خلال اختلاف مواقع التصوير التي اخترتها متعمدة إبراز الجانب الجمالي للمملكة الطبيعي والحضاري؛ ليتسنى للمشاهدين في الطرف الآخر من العالم التعرف على مملكتنا خلال الرحلة البصرية للفيلم. 

قلت لنا إنه يصنف فيلما وثائقيا دراما؟ ما معنى ذلك؟  

اخترت أن أقدم الفيلم بشكل مختلف عن نشرات الأخبار أو البيانات الصحفية؛ لذلك قدمته كقصة قصيرة تروي من خلال الفيلم بأشخاصها الحقيقيين بانسيابة سمعية وبصرية دون أن يشعر المشاهد بالملل وهو يتابع الثماني والعشرين دقيقة التي تمر برشاقة وتنوع ممتع للأفكار التي يحملها، إضافة للموسيقى التصويرية التي ألفت خصيصا لهذا الفيلم من قبل أحد تلامذة المبدع هانززمر، والتي أضافت عليه وقعا خاصا للخط الزمني للفيلم.

وصفوا الفيلم بالعديد من المهرجانات بالفيلم الملهم، فما سر هذه الأصداء الناجحة في المهرجانات العالمية؟

العلم هو حلم الجميع عندما تتوفر لديهم فرص وظروف تمكنهم من الحصول عليه، فما بالك وفيلمنا سمح لهم برؤية هذه الأمنية تتجسد حقيقة، لاسيما أنهم كانوا يشاهدون شهادات حقيقية من الخريجين والطلبة المسجل أسماؤها في أهم الجامعات والمعاهد العريقة من العالم العلم هو الغاية الأسمى.

لذلك عندما شاهدوا الفيلم في المهرجانات تلقوه بغبطة وبإعجاب وبإشادة ببرنامج المنح، كأثمن ما يقدم لجيل الشباب، متمنين أن يوجد من يقتدي بها وتطبيقها لديهم في بلدانهم. 

أعطينا نبذة عن الفيلم؟ 

محتوى الفيلم باختصار هي رحلة عدنا فيها للماضي بطريقة بصرية مبتكرة قدمت لأول مرة بالسينما الوثائقية، فنحن عدنا لأرشيف التعليم في البحرين من مئة عام وركزت كمخرج على صور لطلاب وطالبات بحرينيين كانوا في الماضي الركيزة الأولى للنهوض المعرفي في مملكتنا، لنتدرج بالقصة ونصل للحاضر القريب عند تولي جلالة الملك قيادة المملكة والاستمرار بمسيرة العلم والمعرفة، وكانت معها بداية إطلاق برنامج المنح الدراسية لولي العهد من خلال رؤاه التي شقت المستقبل وتحدياته وأهمية التحصن بالعلم لأبناء مملكتنا وأهلها.

ومع جسر المحرق وبحرها عقدنا اتصالا بين أجيال الماضي والحاضر والمستقبل؛ لنقف على ناصية رؤية الوعد، وعد ولي العهد الذي تجسدت رؤاه للمستقبل التعليمي والأكاديمي بمنحته السامية. فمرة كنا نتوقف مع طلاب المنحة ومرة مع عائلاتهم؛ ليرووا لنا كل منهم على حدة بسرد مختلف قصصهم المميزة منذ اليوم الأول لبدء دخولهم هذا البرنامج إلى أن وقع عليهم الاختيار بعد أن استحقوه مجتازين كل المراحل التي أوصلتهم لاستحقاق هذه المنحة، وسنتعرف على بعض طلاب المنحة أين هم الآن، وما مناصبهم المرموقة التي بدأت توكل إليهم في حال كانوا من الخريجين، أو أين هم اليوم في رحلة سعيهم الأكاديمية العلمية في أعرق جامعات العالم في حال كانوا لا يزالون طلبة.

القصص التي قدمناها مليئة بالتحفيز والإلهام بأنه لا يوجد معنى للمستحيل، إذا تحقق شرط الإرادة بالتفوق والتميز مصحوبا بدعم غير مشروط، وهذا تماما ما يقدمه برنامج المنح ولا يزال يقدمه برنامج المنح للأفواج العشرين عبر العشرين عاما، ليرووا لنا قصصهم الشخصية مع المنحة، طريقة وصولهم للمرحلة النهائية وكسبهم المنحة. وأظهرنا من خلال الفيلم شهاداتهم عن نزاهة وشفافية الاختيار التي خاضوا بأنفسهم تجربتها، وتوقفنا من خلال الفيلم عند نقطة مهمة وملفتة من خلال شهادات الطلبة أنفسهم، والأهل، والمعنيين ببرنامج المنحة. فعبر هذه السنوات العشرين لم يتظلم أو يشتكي أحد من المتقدمين على برنامج المنحة من أقرانهم ممن لم يحالفهم الحظ بها، وكيف أنها قائمة على أساس صادقة، وواضحة، ولا مجال مطلقا لتدخل أيٍّ كان، ومهما علا شأنه أن يتدخل بنتائج الاختيار، وبشهادة كل من لم يحالفهم الحظ بها بأنها منحت بجدارة لمن استحقوها. وأضافوا لنا أنهم ورغم عدم حصولهم على المنحة، لكن خوضهم في غمار هذا البرنامج مكنهم من اكتساب مهارات وخبرات استطاعوا لاحقا أن يستفيدوا منه في حياتهم الأكاديمية والعملية. ثم توقفنا مع بعض الإداريين والداعمين لبرنامج المنح من القطاع الحكومي والخاص في مملكتنا، واستمعنا منهم عن مدى أهمية هذا البرنامج على الصعيد الاقتصادي والعلمي للمملكة، هي شرف يتنافس عليه كل من اختار أن يدعم المنحة ويستثمر في بناء الإنسان من جيل الشباب من أبناء مملكتنا، وأخبرونا بما يدعو للفخر كيف أن المنحة حظيت باحترام وسمعة جيدة من قبل الجامعات العريقة في العالم، ففي كل عام دراسي يردهم اتصالات من تلك الجامعات يسألونهم أن يرسلوا لهم طلبتنا من برنامج المنح الدراسية، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على نجاح برنامج المنح وبكسب ثقة واحترام محافل العلم لما تقدمه، وأيضا لتمييز طلبتنا المبتعثين ونجاحهم كسفراء للعلم خارج المملكة. 

وختام قصة الفيلم اخترت تقديم مقابلتين لعائلتين زرناهم مشكورين في منازلهم من أهل الطلبة الذين حصلوا على المنحة، وستشاهدون ما أعجز عن نقله لكم بحروف اللغة، لكن أقل ما يمكنني وصفه عن هذين اللقاءين أنهم قد غمروا الفيلم بفيض من المشاعر، كأجمل وأصدق ما يمكن أن يترجم للشكر والامتنان لولي العهد وبرنامج المنح الدراسية.

هل واجهتكم صعوبات أو عقبات خلال تصوير الفيلم أو التحضير له؟ 

ليست صعوبات بقدر ما هي تحديات، فمثلا تم تكليفي بصناعة الفيلم قبل يومين من موعد استقبال ولي العهد سلمان بن حمد لطلاب المنحة الجدد ولم أكن بعد قد وضعت أي خطة لسياق الفيلم أو أي تصور له، ولا أريد أن أفوت هذه اللحظات لتصويرها. الصعوبة هنا كانت عدم توفر معدات سينمائية في أي شركة إنتاج في البحرين ولا مصوريين سينمائيين احترافيين وقتها، والسبب أننا كنا بتوقيت متزامن قبل أسبوع من دخولنا بشهر رمضان، والجميع منهمك بإنهاء مسلسلات شهر رمضان، والمعدات السينمائية قد استئجرت منذ أكثر من شهرين من تلك الشركات، ولم أملك الوقت الكافي للتعاقد مع مصورين سينمائيين من الخارج. لكني كنت مصممة على تصوير هذا اللقاء المهم حتى لو اضطررت أن اشتري كميرا ديجتل وأصوره بنفسي، لكن ولله الحمد تم التصوير.

أما التحدي الثاني كان الحرارة العالية والرطوبة التي ستعيق إنجاز الفيلم، فالكاميرات لا تتحمل درجات الحرارة المرتفعة جدا في المواقع الخارجية التي أردت التصوير بها، ولا أريد أن أخسر محورا من محاور الفيلم التعريف بجمال البحرين، وزد عليه أننا كنا دخلنا في شهر رمضان، مما جعلني أنقل وقت التصوير مع الطلاب من أصحاب المنح إما في الصباح الباكر جدا، أو في ساعات الليل بعد الإفطار. 

هروبا من درجات الحرارة المرتفعة والرطوبة إذًا في أي ساعة كنتِ تبدئين التصوير؟

في الخامسة صباحا، كنا نبدأ التحضير في الموقع الخارجي الذي عملت على اختياره حسب شخصية كل خريج أو مهنته؛ ليتناسب مع روح قصتهم التي سيروونها لنا، ففي الساعة الخامسة صباحا كنا نبدأ تحضير موقع التصوير لنبدأ التصوير في الساعة السادسة صباحا مع الخريجين من برنامج المنحة. ومن هذه اللقاءات التي صورناها كانت مع إحدى الخريحات المتميزة جدا بتفوقها العلمي من برنامج المنح، طلبت منها أن تتواجد في الساعة السادسة صباحا، والتي بدورها لم تتردد للحظة بالتواجد في هذا الوقت الباكر جدا من شهر رمضان، والذي يميز لقاءنا معها أنها قطعت مسافة طويلة جدا من السفر بالطائرة قادمة للبحرين فقط من أجل التصوير معها وكان موعدنا معها بعد ساعات من وصولها - لا أعتقد لشديد لطفها وتفهمها أنها حتى قد تمكنت من النوم ذلك اليوم - وفعلا تمكنا من تصويرها وتصوير أجمل اللقطات يومها معها. 

أعلم أنكم كفريق عمل كنتم خمسة أشخاص وأنتِ، كيف تغلبتم على الإجهاد والتعب وأنتم فريق صغير جراء التصوير مرتين في اليوم، وكم يوم استغرقكم التصوير الخارجي؟  

لن أخفيك أنا وفريق العمل كنا لا ننام إلا ساعات لا تتجاوز الثلاث أو الأربع؛ لأننا نصور صباحا ومساء في اليوم الواحد، ولمدة خمسة أيام متتالية. كنا ننهي التصوير الصباحي ونعود لنفرغ المواد التي صورناها ونتفقدها، ونحضر خطة التصوير في الموقع  التالي مساء. لكننا وبكل أمانة وصدق كنا مفعمين بالحافز والسعادة بما نصوره، وهذا ما أعطانا الطاقة والنشاط لنواصل العمل دون أن نشعر بالتعب وقتها. 

أين جديدك من المشاركات السينمائية الشخصية بعد فيلم ”سارق النور“؟

فيلم سارق النور هو أيضا من تأليفي وإخراجي، هذا الفيلم بات يشكل ظاهرة سينمائية؛ لأنه لا يزال يجوب أروقة المهرجانات ويحصد فيها جوائز عديدة تجاوزنا فيها المئة جائزة عالمية والملفت أن عمره السينمائي في دائرة المهرجانات بات كبيرا، فهو إنتاج العام 2015 ونحن نعلم أن عمر الفيلم الذي يقبل في معظم المهرجانات هو سنتين من تاريخ الإنتاج، لكن ولله الحمد لا تزال إدارة المهرجانات تراسلني وتطلبه للمشاركة في أروقتها ويحظى بأرفع التقديرات من النقاد وننال الجوائز.

وماذا بعد “رؤية الوعد.. سلمان بن حمد“؟


لدي فيلم طويل جاهز بانتظار الحصول على تمويل له لنبدأ بالتحضير إنتاجيا له هو فيلم دراما اسمه: بصحة الكلب، هذا الفيلم القصة من تأليفي والسيناريو والحوار من كتابة كاتبة أمريكية اسمها شارلين بات، والكاتب البحريني فريد رمضان.