+A
A-

إبراهيم الكوهجي .. 40 عامـًا من الفندقة

دينار ونصف أول يومية عمل حصلت عليها

تركت المدرسة لوفاة والدي وإعالة العائلة

التحاقي بالرحلات البحرية على “البانوش” مدخلي للقطاع

سكنت لفترة مع عائلة إنجليزية وأتقنت منها اللغة

يهوى الطبخ وأكسب ابنيه هذا الحب

دور متعاظم لزوجته أم عبدالله في النجاح بحياته

مدرسة الفندقة رفعت نسبة البحرنة إلى 52 %

حاصل على شهادات مهنية بالضيافة من أميركا

عمل بالمجلس النوعي للضيافة على مضاعفة الرواتب

الضيافة كانت أحد تخصصات المرحلة الثانوية

البحرنة حاليا 16 % فقط بالقطاع ربما لكثرة الفنادق

 

خبير فندقي يتمتع بتجارب تجاوزت 40 عامًا في قطاع الضيافة، إذ بدأ حياته المهنية في المجال منذ العام 1979 واستمر فيه حتى بعد تقاعده، حيث عمل أخيرًا مستشارًا بذات الفندق الذي أطلق منه مشواره.  وخلال فترة عمله الذي بدأها عاملًا، تدرّج وطوّر نفسه حتى وصل إلى مدير فندق كراون بلازا البحرين. وظّف هذه الخبرة الطويلة التي اكتسبها في الارتقاء بجودة الخدمات المقدمة بالفندق وتطوير الأعمال بالتعاون مع فريق العمل، وكذلك وظّف هذه الخبرة في المجالس الاستشارية التي يعمل بها، كما شغل رئيس المجلس النوعي لقطاع الضيافة حتى تم إدراجه تحت مظلة “تمكين”.

“البلاد” التقت إبراهيم مصطفى الكوهجي، مستشار تطوير الأعمال في فندق كراون بلازا، المدير السابق للفندق، رئيس المجلس النوعي لقطاع الضيافة السابق، عضو المجلس الاستشاري لقطاع الضيافة في “تمكين”، نائب رئيس لجنة الضيافة والسياحة بغرفة تجارة وصناعة البحرين، رئيس لجنة الضيافة والسياحة في جمعية البحرين - البوسنة والهرسك للصداقة والأعمال، السكرتير في مؤسسة “سكال” الدولية بالبحرين، حيث شارك “البلاد” ذكريات حياته العائلية والمهنية، وفيما يلي نص اللقاء:

النشأة والدراسة

- ولدت في حالة بوماهر بالمحرق في العام 1959، بالقرب من البحر، وكان من يسكن بالفريج لا محالة يحب البحر، فقضيت وقتي أيام الطفولة بعد الدراسة بالبحر، كنت أركب “اللنجات” و”أم دعون” التي هي عبارة عن مجموعة من الأخشاب توضع بجانب بعضها البعض ويتم التجديف بها بقطعة طويلة من الخشب.

ترعرعت بين عائلة متوسطة، إذ كان الوالد (رحمه الله) يعمل في شركة ألمنيوم البحرين “ألبا” حتى توفي نتيجة حادث بالشركة، حينها كنت بالصف الأول ثانوي، ورغبة في إعالة العائلة، تركت المدرسة إذ لم أستطع تقديم آخر ورقة بالامتحان. لدي أخوان أكبر مني أحدهما مدرس والآخر خياط.

ظللت لمدة عام كامل من دون وظيفة، فطلب مني أحد الأشخاص العزيزين على قلبي وهو الأخ جابر بالعمل معه ووالده الذي يمتلك بواخر حتى أحصل على عمل ثابت. وبالفعل عملت معهم في أيام الجمعة حيث كنا نأخذ الإنجليز إلى جزر الدار أو “المركب المقصوص” من أجل الجلوس تحت أشعة الشمس وممارسة رياضة الغوص. كنت أتلقى دينارًا ونصف الدينار يومية نظير العمل على البانوش.

كان الأخ جابر لديه اتفاقية مع فندق هوليدي إن سابقًا (كراون بلازا حاليًّا) لنقل الإنجليز بالبانوش إلى تلك الجزر، وقد كنت أذهب معهم وأساعدهم في العمل. خلال هذه الفترة تعرفت على نائب المدير العام للفندق، بيل ايف، الذي كان يقود الرحلة الأسبوعية من الفندق في الرحلات البحرية طوال فترة الصيف.

وقد سألني نائب المدير العام عن ماذا سأفعل في الأسبوع المقبل بعد انتهاء موسم الرحلات البحرية، وبدء موسم الشتاء، فطلب مني في ذات الوقت العمل معه بالفندق. هنا فتحت لي أبواب العمل في الفندق نفسه، وقد طلب مني المرور عليه ليختار لي الوظيفة المناسبة.

بداية المشوار

سرت يوم الخميس من الحالة إلى المحرق، ثم استقللت وسيلة نقل من محطة المحرق إلى رأس رمان حيث يقع الفندق، وقد أوصلني أحد المارين بالشارع إلى الفندق. لدى وصولي ذهبت مباشرة إلى مكتب نائب المدير العام بل ايف الذي لاحظ أن لغتي الإنجليزية جيدة نظرًا لأنني سكنت لفترة محدودة في أحد بيوت الإنجليز بالقضيبية واكتسبت اللغة، علاوة على تعلمها بمدرسة الهداية الخليفية حيث تولى تدريس اللغة الإنجليزية الأستاذ عادل سفيان والذي كان مدرسًا متميزًا. طلب بل ايف، مدير الموارد البشرية يوسف حسن وأخبره “أنني شاب طموح وساعدتهم خلال الرحلات البحرية ولم أتوان عن بذل أي مجهود في خدمتهم، ونتيجة لذلك يرغب بمكافأتي عبر توظيفي بالفندق”.

24 ديسمبر البداية الفعلية

بعد أسبوعين من لقاء نائب المدير العام، أي في 24 ديسمبر 1979 التحقت بالعمل في الفندق وأكملت 40 عامًا بحلول 24 ديسمبر 2019.

بدأت العمل كمنظف حيث كانت مهمتي تنظيف الأرض وغسل “القدور”، وبعد إنجاز عملي كنت أعاون قسم الملحمة بتقشير البصل وتنظيف الروبيان وغيرها من الأعمال. وقد رأى مدير الطباخين تعاوني فطلب من الإدارة نقلي إلى قسم المطبخ.   عملت في الطبخ بجميع الأقسام لمدة عام ونصف العام، حيث اكتسبت خبرة جيدة، كما أحببت العمل بقسم المشروبات والأغذية، وشعرت أن العمل به تنوع وليس هنالك روتين. ثم عملت نادلًا لمدة عامين، بعد ذلك انتقلت للعمل بالمكاتب الأمامية للفندق لمدة عام ونصف العام ثم انتقلت للعمل بالمكاتب الخلفية ومنها تخليص المعاملات الحكومية وقسم المشتريات ثم قسم المبيعات وأصبحت مشرفًا على قسم المبيعات ثم مسؤول أول في ذات القسم.

سافرت بعد ذلك للدراسة في جامعة كورنيل الأميركية وحصلت على شهادة مهنية في الضيافة. بعد انتهاء دراستي عدت إلى البحرين لأصبح مساعد المدير للمأكولات والمشروبات، مدير المأكولات والمشروبات، المدير التنفيذي للمأكولات والمشروبات، نائب المدير العام، ثم عينت مديرًا للفندق في 2014.

وفي 2017 تقدمت للتقاعد بسبب ما كان يتداول ويشاع بين الناس عن التقاعد وخسارة الموظفين لحقوقهم. رغم تقاعدي إلا أن الفندق رغب في الاستفادة من خبرتي، فتم تعييني مستشارًا لتطوير الأعمال.

300 دينار أقل راتب للبحريني بالضيافة

انضممت لعضوية المجلس النوعي للتدريب في قطاع الضيافة لمدة 6 سنوات ثم أصبحت رئيسًا للمجلس لفترة مماثلة حتى تم دمج المجالس النوعية مع “تمكين”.  ويشرفني أنني كنت رئيسًا للمجلس النوعي لبذلي جهدًا لرفع رواتب البحرينيين من 150 دينارًا إلى 300 دينار كأقل تقدير، وأصبح راتب العاملين في القطاع مجزية.

كما أنني أصبحت عضوًا في المجلس الاستشاري بقطاع الضيافة في “تمكين” من أجل مساعدة القطاع في تنمية البحرينيين والاستفادة منهم وذلك بعد دمج المجالس النوعية مع “تمكين”. وكذلك يتم تقديم استشارات يستفيد منها الباحثين عن عمل.

مدرسة الفندقة... دور واعد

ويقول الكوهجي إن قطاع الضيافة يعد قطاعًا عريقًا، والشعب البحريني معروف بضيافته. كانت نسبة البحرنة في القطاع 4 % في العام 1979، وارتفعت في وقت لاحق لتصل إلى 52 % في بعض الفنادق نتيجة لوجود مدرسة الفندقة في البحرين التي كان لها دور كبير في تأهيل الكوادر البحرينية، حيث كان طالب المرحلة الثانوية يختار تخصصًا في دراسته من بين الضيافة والصناعة والتجارة.  هبطت نسبة البحرنة بالفنادق في وقت لاحق نتيجة لزيادة عدد الفنادق وتوقف التدريس بمدرسة الفندقة العام 2007 إضافة إلى توزع البحرينيين العاملين بالقطاع على الفنادق، لتصل نسبة البحرنة إلى 16 %، وهي نسبة ضئيلة جدًّا. أما البحرينيات العاملات في القطاع فيشكلن نحو 30 % من إجمالي البحرنة بالقطاع والبالغة 16 %.

ورأى الكوهجي أن معهد فيتال للدراسات الفندقية والسياحة سيساهم في رفع نسبة البحرنة في الأقسام الإدارية بالقطاع الفندقي لكنه “لن يسد الثغرات في القطاع (...) المدارس الفندقية تدرس وتؤسس الملتحقين بها من الصفر، إلا أن مقر المعهد لا يحتوي على جميع المرافق، حيث يتم تدريس الطلبة أصول الطهي في الفنادق”.

إحياء مشروع مدرسة الفندقة

يتابع الكوهجي “عملنا على مشروع لبناء مدرسة فندقية والمجلس الأعلى للتدريب المهني برئاسة وزير العمل الذي طلب تشكيل لجنة مصغرة لإحياء مدرسة الفندقة. وبعد زيارة المبنى السابق لمدرسة الفندقة في البسيتين ارتأيت أن الوضع يرثى لحاله وقد ذكرت في التقرير الذي أعددته عام 2012 أن المبنى غير صالح وتدمرت جميع المرافق به وقد وثقت ذلك في 300 صورة”.

وأضاف “اقترحت بالتقرير هدم المدرسة في البسيتين وبناء منازل مكانها نتيجة لتحول المنطقة إلى سكنية وفي المقابل يتم منحنا أرضًا لبناء مدرسة جديدة للفندقة في المنطقة التعليمية بمدينة عيسى. وبالفعل خصصت الحكومة أرضًا للمشروع تعادل ملعبي كرة قدم، ووافق مجلس الوزراء على المشروع وشكلت لجنة ثانية وتم عرض الخرائط لبناء المدرسة إلا أن دمج المجلس النوعي مع “تمكين” أدى لتوقف العمل في المشروع بعد العمل عليه ما بين 3 و4 سنوات”.

التوفيق بين العائلة والعمل

أفاد الكوهجي أنه تزوّج من بسمة عاشير في 1990 وكانت وقتها مدرسة ثم أصبحت مشرفة إدارية حتى تقاعدت.

ورزق منها ولدان عبدالله وأحمد، الأكبر يبلغ 19 عامًا ويدرس بالجامعة الأهلية، أما الأصغر فيبلغ 17 عامًا بمدرسة المعارف الحديثة ويرغب في دراسة الطب. الاثنان لديهما هواية الطبخ، إذ كانت لدي رغبة في دخول ابنه عبدالله معهد فيتال للدراسات الفندقية والسياحة.

ويشير إلى أن التوفيق بين العمل ووقت الراحة كان صعبًا نظرًا للعمل في بعض الأحيان منذ 8 صباحًا إلى منتصف الليل خصوصًا أن قسم المأكولات والحفلات يعمل على مدار الساعة. لذا يخصص يومي الجمعة والسبت للعائلة والتواجد معها. إلا أن دوامه حاليًّا أصبح بين الساعة 8 صباحًا و2 ظهرًا. ويشيد الكوهجي بدور زوجته ورفيقة دربه أم عبدالله بجهودها التي بذلتها في تربية الأبناء ومعاونته في أداء واجباته الأسرية تجاه الأبناء.

أصعب موقف واجهته بالعمل

وعن أصعب موقف واجهه في العمل، يقول الكوهجي: حصلت على نصيحة في أول يوم لي بالعمل أن أبذل جل جهدي في العمل وأتابعه بنفسي. كما أنه من الصعوبات التي واجهتها تخوف الأجانب من أخذ وظائفهم إلا أنني أثبت بالأرقام والإحصائيات والشهادات أنني على قدر المسؤولية. طوّرت نفسي وساعدني بعض العاملين بالإدارة ومن ضمنهم الأخ يوسف حسن مدير الموارد البشرية.

مقولة أو حكمتك المفضلة

تألمت، فتعلمت، فتغيرت.

شخصية أثرت في حياتك؟

-  مدير قسم المأكولات والمشروبات في فندق الخليج الأستاذ يعقوب أحمدي، الذي كان من الشباب البحريني الدارسين في أميركا ووصل إلى مدير قسم المأكولات والمشروبات ووقتها كنتُ نادلًا. كنتُ أردّد في نفسي أنني أستطيع المحاولة والوصول إلى ما وصل إليه. وقد كان ذلك دافعًا وحافزًا لي حيث كان يترقى ويتدرج في المناصب حتى وصل نائب مدير فندق الدبلومات ثم سافر إلى أبوظبي للعمل كمدير عام إلا أنه توفي هناك.

المغامرة والسفر في حياتك؟

سافرت من أول معاش استلمته إلى تايلند (البلد الجميل).

90 دينارًا... أول راتب

كان أول راتب حصلت عليه 90 دينارًا ووصل مع العلاوات إلى 120 دينارًا في 1979.

أول سيارة اقتنيتها؟

سيارة مستعملة، “داتسون 140 جي”.

وجبتك المفضلة؟

الأكلات البحرية.

دور الوالد في حياتك؟

الوالد (رحمه الله) رغم عمله وراتبه البسيط إلا أنه لم ينقصنا شيء ولله الحمد، وتربينا في عزه. لم يكن يبخل علينا بشيء رغم صعوبة الحياة. ووفر لنا كل سبل الراحة. كان والدي شديدًا ويصر على الدراسة وإنهاء واجباتنا المدرسية قبل الخروج والجلوس مع الأصدقاء وذلك من أجل توفير وظيفة محترمة لنا مستقبلًا.