+A
A-

شارع باب البحرين... عبقرية التسامح

((تنبه صحيفة البلاد مختلف المنصات الإخبارية الالكترونية، لضرورة توخي الحيطة بما ينص عليه القانون المعني بحماية حق الملكية الفكرية ، من عدم قانونية نقل أو اقتباس محتوى هذه المادة الصحفية، حتى لو تمت الاشارة للمصدر.))

 

دورة دماء المجتمع البحريني تسري هنا

يهود ومعبد هندوسي ومآتم ومساجد وكنيسة تتوسط الشارع

وشائج المحبة والتآلف تشع من فسيفساء دينية وثقافية واجتماعية

 

لا يمكن أن ننظر لباب البحرين كونه معلمًا معلقًا على جيد المنامة، أو كشعار يرمز للبحرين كجماد فحسب. شارع باب البحرين الممتد من معلم باب البحرين حتى الكنيسة ليس جمادا يتمثل في أبنية وطرقات إنما هو كلام من تاريخ، إذا طفت به يمكنك أن تسمع صراخ الأصالة والحضارة، ولا يمكن أن يتحول هذا التاريخ الجميل إلى جماد يرمز لحقبه لتاريخ البحرين.

حين تتجوّل في هذا الشارع، يأخذك عبقه لتاريخه الكبير الممتد لأكثر من 250 سنة، وما تشاهدونه في تاريخ هذه العراقة في الشارع من قبل قرنين ونصف القرن هو ما يمكن أن تشاهدوه على شاشة الواقع حاليًا، فشارع باب البحرين يمثل دورة دماء المجتمع في جسم البحرين الجميلة.

هذا الشارع يرتكز على وشائج المحبة والتآلف، ويحتضن مختلف الديانات والثقافات، وفعلا يمكن للجميع أن يرى عبقرية التسامح منذ الوهلة الأولى التي سيطوف خلالها في هذا الشارع الجميل.

هو كمدينة المنامة العريقة التي يبلغ عمرها حاليًا 683 سنة، المدينة التي ترمز للخليط الثقافي والديني الذي يميز البحرين عن دول الجوار منذ القدم، يبدأ هذا الشارع بباب البحرين، وهو مبنى تاريخي يقع في ساحة الجمارك في الحي التجاري المركزي السابق في المنامة العاصمة، وهو يمثل المدخل الرئيس إلى سوق المنامة وبالطبع إلى الشارع الذي سمي باسم هذا النصب الكبير، الذي كان على مقربة من حافة المياه العام (1949)، ولكن نظرًا لاستصلاح أراضٍ واسعة في السنوات الأخيرة، فإن باب البحرين ابتعد عنه لبضعه عشرات الأمتار إلى الشمال.

اليهود

بداية شارع البحرين تجد التجار اليهود، وهم موجودون في هذا الشارع منذ القدم حتى الآن، وتحديدًا منذ العام 1872 بحسب الوثائق البريطانية، وثمة وثيقة محلية للحاج عبدالنبي محمد علي صفر تشير إلى أن وجود اليهود في هذه المنطقة يرجع إلى العام 1862، وطبعًا ولا يزال وجود التجار اليهود على الشارع حاضرًا عبر (صرافة نونو الشهيرة)، التي ترجع إلى أحد التجار اليهود البحرينيين.

معبد الهندوس

وعلى الشارع ذاته وعلى بعد أمتار عدة من المحلات التجارية التي تعود للتجار اليهود يأتي معبد (كرستيا تمبلد)، وهو معبد الهندوس المركزي والذي يعود تاريخ تأسيسه قبل 200 عام، وعندما تدخل هذا المعبد من الوهلة الأولى ستستقبل بلافتة كبيرة يفتخر فيها أصحاب الديانة الهندوسية بأن معبدهم أسس من قبل 200 عام، وهو موجود منذ ذلك التاريخ حتى الآن يمارس أهله عباداتهم بكل حرية.

ويرجع قدم المعبد إلى هذا الحد لكون العلاقة الوثيقة والمتينة بين البحرين والهند، هذه العلاقة التي بدأت بتجارة اللؤلؤ الطبيعي والذهب، لذلك انتقلت عوائل كثيرة من الهند للمكوث في البحرين منذ الأزل، ويصل عدد الهنود في البحرين حاليًا إلى 350 ألف نسمة نصفهم من الطائفة الهندوسية وفقًا لحديث رئيس الطائفة الهندوسية في البحرين فيجي كومار شاستري.

رئيس الطائفة لا يدخر جهدًا في كل مناسبة في إبداء إعجابه وتفاخره على أن الهندوس جزءٌ من المكون المجتمعي في البحرين، ويستذكر دومًا كيف أن البحرينيين في وفاة غاندي (1948) بكوا وقدموا واجب العزاء في المعبد.

المساجد والمآتم

وبعد أن تسير على قدمك في الشارع ثلاث دقائق تجد على يسارك صرحا دينيا جميلا، وهو مأتم وحسينية القصاب، الذي أسس منذ العام 1881، ويعد هذا المأتم من أشهر مآتم البحرين، ويمارس فيه المواطنون والمقيمون والسياح عباداتهم بكل حرية ابتداءً باحتفالات مواليد ووفيات أهل البيت (ع) وصولا إلى تنظيم المواكب الحسينية في كل مناسبة بشتى أنواعها (اللطم، والزنجيل، والتشابيه، والتطبير). وعلى الشارع ذاته يأتي بعد مأتم القصاب مسجد الخواجة، ومن ثم مأتم وحسينية العجم، وهو مأتم يعنى بالعجم الفرس الذين يعود أصولهم إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتمارس هذه الجالية في البحرين شعائرها الثقافية والاجتماعية والدينية بكل حرية ويسر.

ومأتم العجم يقع في فريق المخارقة من العاصمة المنامة، والمؤسسون هم مجموعة من عجم البحرين، ويحتمل أنه تم بناؤه في العام 1905.

الكنيسة

يختتم شارع باب البحرين، بالكنيسة الكاثوليكية، (كنيسة القلب المقدس) وجنبها الكنيسة الإنجيلية، والتي تم إنشاؤها في أواخر القرن التاسع عشر وتحديدًا في العام 1893 على يد التبشيريين الأمريكيين، بينما تم بناء بينما تم بناء كنيسة القلب المقدس في العام 1940 وذلك على أيدي ثلاث عوائل بحرينية ترجع أصولها إلى الهند والعراق، بينما كان مصممها كاهن إيطالي يدعى ماغلغيان. وتشير الوثائق التاريخية إلى أن أول عائلة كاثوليكية قدمت إلى البحرين كانت عائلة دياس من الهند في العام 1919، تلتها عائلتا تومنا وأوجي في العام 1920 اللتان ترجع أصولهما إلى العراق.