+A
A-

الطلبة المغتربون: فقدنا لذة رمضان

لا يشعر بنعمة شهر رمضان والتمتع بروحانيته ودفء مجالس العائلة إلا من اغترب عن وطنه وفقد جمعات الأهل والأصدقاء والأجواء الروحانية والرمضانية التي تعم أرجاء الوطن، وكذلك هم الطلبة المغتربون من أجل الدراسة، فرغم تعودهم وتأقلمهم مع الغربة لشهور أو سنوات إلا أن للغربة في رمضان مرارة مختلفة، فيزيد الإحساس بالوحشة والشوق والحنين للوطن والعائلة.

أجواء القرقاعون

قالت بيان يوسف (الأردن - طب بشري): إن عدد ساعات الصيام في عَمان 16 ساعة، ويكون رمضان غالبا في فترة الامتحانات أو في فترة الدوام الصيفي، حيث يتحتم عليَّ الذهاب للجامعة يوميا في نهار مضان وحضور المحاضرات والتركيز فيها مواجهة الحر والعطش.

وتابعت: بالنسبة للفطور أتناول من الطعام الذي يعده السكن، والذي يتكون من الأكلات الأردنية مثل المنسف والمقلوبة وغيره ثم أقضي بقية اليوم في الدراسة حتى السحور، والذي لا أتناول فيه سوى الفواكه مع الماء.

وأضافت يوسف: أكثر ما افتقده في شهر رمضان هو جلسات الأهل وجمعتهم على سفرة جدتي لتناول الفطور، كما أفتقد حضور صلاة التراويح والأجواء الروحانية التي نعيشها في البحرين، حيث إن المساجد التي تقيم التراويح ليست منتشرة وكثيرة في الأردن كما البحرين، كما أفتقد كثيرا ليلة القرقاعون وأجواءها السعيدة التي تعم شوارع البحرين واستعداد الأطفال وتجهيزاتهم، ولهذه الليلة التي تغمرهم السعادة فيها.

ويتفق معها الطالب تركي التميمي (القاهرة - طب بشري) قائلا: أفتقد تجمعات الأهل والأصدقاء كثيرا في رمضان، كما أفتقد الأجواء الرمضانية في شوارع البحرين وأجواء القرقاعون، وأيضا أفتقد طعام المنزل والتنوع في الأكل على سفرة الفطور، حيث إن وجبات الفطور والسحور هنا دائما ما تكون من مطاعم الوجبات السريعة.

وأوضح أنه مع تصادف رمضان مع فترة الامتحانات النهائية، فأغلب الوقت أمضيه في الدراسة وغالبا ما تبدأ دراستي ليلا لسهولة الدراسة أثناء الفطر وأحاول قدر المستطاع تخصيص ساعات للعبادة أوزعها بشكل متفرق مع عدد الاستراحات الدراسية للموازنة بين الدراسة والعبادة. أما بعد التراويح، فأحاول قضاء وقتي مع أصدقائي كنوع من الترفيه والتواصل.

صوت القرآن والعائلة

وقالت الطالبة زينب منصور (الصين - طب بشري): تقتصر وجبتنا للفطور في رمضان على طبق واحد فقط، ليس كما فطورنا في منازلنا في البحرين الذي يحتوي على أصناف عديدة من الأطعمة. أتناول طعام الإفطار غالبا في غرفتي لوحدي وأيام قليلة اجتمع فيها مع بعض الطلبة المسلمين لنفطر سويا محاولة لتقليل الشعور بالغربة والإحساس بوجود أقارب حولنا.

وتابعت: أكثر ما أفتقده في الغربة وخصوصا في شهر رمضان هو صوت القرآن، وهو يصدح في كل ناحية من نواحي القرى تلك الأجواء الروحانية الجميلة، كما افتقد كثيرا أصوات أفراد العائلة وهم مجتمعون حول مائدة الإفطار.

أفطر مع زميلتي المسيحية

وقالت الطالبة عالية يونس (الولايات المتحدة الأميركية): أقضي أغلب نهار رمضان في الدراسة وأخصص وقتا للرياضة كذلك. أتناول وجبة الفطور مع زميلتي المسيحية في السكن في الساعة الثامنة، والتي قررت الصوم معي رغم اختلاف ديانتها؛ لأنها رفضت أن تدعني أصوم وأفطر لوحدي دون أحد. وعن وجبة السحور، فأتناولها أحيانا وأحيانا أخرى فلا، اعتمادا على مدى طاقتي لإعدادها.

وتابعت: أفتقد كثيرا صوت الأذان الذي كنت أنتظر سماعه في فناء منزلنا وأفتقد جمعة العائلة، أفتقد رائحة طعام أمي الذي يملأ البيت قبل الأذان، أفتقد الشوارع المزينة بتلك المصابيح الصفراء، أفتقد رمضان الحقيقي.

وأضافت يونس: أواجه صعوبة في تخصيص الوقت الكافي للعبادة، فوقت فراغي قليل جدا، وغالبا أكون منهكة فيه وأذهب للنوم. كما أني أواجه صعوبة في الحفاظ على تغذيتي بما إني أفطر في الساعة الـ 8 وأذهب للنوم في الـ 12، ففي هذا الوقت أتناول وجبة واحدة فقط لليوم أكمله.

جمعية المسلمين

وقالت الطابة شهد الربيعة (علوم أرض وبيئة - المملكة المتحدة): إنه رمضان الثاني الذي يمر عليَّ وأنا مغتربة للدراسة، ويصادف شهر رمضان فترة الامتحانات النهائية، وهذا ما يجعله متعبا وشاقا وعدد ساعات الصيام هنا 19 ساعة، أي أني أملك 5 ساعات فقط لتناول الطعام، والذي لا أتناول فيه سوى كمية قليلة من الطعام لضيق الوقت مما يؤدي بي إلى التعب والجوع الشديد لبقية اليوم.

وأضافت: لوجبة الفطور أحاول أن أقوم بعمل الوجبات المتواجدة على مائدة الفطور في البحرين من سمبوسة ورز ودجاج، ولكني لا أستطيع صنع الأكلات الرمضانية مثل الهريس والثريد لقلة خبرتي وضيق وقتي، كما أني أقوم بتحضير بعض الحلويات الرمضانية مثل المهلبية، وغيرها.

وتابعت الربيعة: وأكثر ما يهون عليَّ غربة رمضان وجود أصدقائي من البحرين وعمان والجزائر والمغرب، وغيرها من الدول العربية، حيث نجتمع مرة في الأسبوع على الأقل لتناول الفطور حين يسمح لنا وقتنا. كما أن في جامعتنا أمر جميل جدا، وهو وجود جمعية للمسلين ووجود غرفة صلاة للنساء والرجال، ففي اليوم الذي لا يسمح لي الوقت فيه بإعداد الفطور أذهب إلى هناك لتناول الفطور مع مختلف الطلاب، حيث نؤدي الصلاة أولا ثم نجلس جميعا لتناول الفطور.

وأضافت: وبالرغم من تلك الجمعة للمسلمين والصلاة معهم في المكان نفسه، لكني أفتقد صوت الأذان الذي كان يملأ الحي في البحرين كثيرا، وأفتقد جمعة أهلي والغبقات مع صديقاتي.

وقالت غزوة صليبيخ: الغربة بحد ذاتها صعبة وفي رمضان تكون أكثر صعوبة. في أثناء دراستي للماجستير في المملكة المتحدة كان أول رمضان لي بعيدا عن أهلي. وجبة فطوري كانت قطعة من الشكولاته مع الماء، حيث إنه في وقت الفطور أكون في الجامعة، فلا يسمح الوقت لي بإعداد الطعام. ولكن في عطلة نهاية الأسبوع كنا نجتمع مع مجموعة من الطلبة الخليجين لإعداد مائدة السحور والفطور، حيث تكون المائدة عامرة بالأطباق الخليجية والعربية.

سفراء غير رسميين

وقال أحمد السيد: لاشك أن البون شاسع بين رمضان في بلادنا وفي البلاد التي كنت أدرس فيها (أمريكا تحديدا). كان هناك عدد محدود جدا من المبتعثين العرب، فلكِ أن تتخيلي الحال والإحساس المؤلم وسط افتقاد حميمية الأهل والأحباب وأبناء العروبة ووسط انعدام وسائل التواصل والألواح الذكية والهواتف المحمولة، بل وحتى شبكة الإنترنت كانت تخطو أولى خطواتها نحو الانتشار الواسع. حرمت كذلك من تأدية صلوات التراويح جماعة، حيث كان أقرب جامع يبعد عشرات الكيلومترات عن الحرم الجامعي ناهيكِ عن افتقاد المأكولات الرمضانية الشهية. على الجانب الآخر لم تكن ساعات الصيام طويلة، كما أن المدينة الجامعية وأجواءها الهادئة كانت تعين على أداء العبادات الفردية.

وتابع السيد: نصيحتي الأولى والأهم للطلبة المغتربين هي إخلاص النية وجعلها لوجه الله والمحافظة على الورد اليومي من القرآن والاجتهاد في النوافل، والحرص على مخالطة الصحبة الصالحة، فهي بمثابة صمام الأمان في البلاد الأجنبية، مشاركة الجاليات الإسلامية في أنشطتهم وفعالياتهم، مجاهدة النفس على عدم التأثر بالبيئة السيئة المحيطة، محاولة إعداد بعض الأطباق الرمضانية الخفيفة دون تكلف وأخيرا الابتسامة وحسن الخلق في ساعات الصيام، فالطلبة هم في واقع الأمر سفراء غير رسميين لأوطانهم.