+A
A-

بيوت متهالكة... وأسقف متآكلة في السنابس

3 عوائل وامرأة مسنة غير قادرةٍ على المشي في بيت آيل للسقوط

رجل طريح الفراش في بيت قال مهندس إن من المستحيل ترميمه

أمانة العاصمة تتابع قضية البيوت القديمة مع الجهات المختصة

هل يعـود مشروع تأهيل البيوت الآيلة للسقوط المتوقف؟

 

إن ما تتميز به القرى القديمة عندما كنت أجول في البعض منها هو بساطتها والمرافق العالقة بها رائحة الماضي الجميل، والوجوه البشوشة الطيبة والمتواضعة، إلا أن الجانب الآخر والمحزن هو رؤيتي لبيوت قديمة متصدّعة ومتهالكة ومازالت تحتضن العوائل، كنت أتجوّل في محافظة العاصمة وتحديدًا في السنابس، وبعدما رأيت بعض المنازل القديمة ذهبت لسؤال أحد القاطنين في القرية عن وجود بيوت قديمة آيلة للسقوط، ومن هنا بدأ يعرّفني على تلك البيوت ومن يسكن فيها، فتواصلت مع من استطعت أن أتعرف عليهم ثم بدأت بمقابلتهم وسؤالهم عن حالهم.

مياه الصرف الصحي لوثت أرضية المنزل

في بيت آيل للسقوط والحامل عنوان 253 طريق 615 والذي يضم 3 عوائل وامرأة كبيرة بالسن غير قادرةٍ على المشي، هذا البيت الذي يملكه عبدالله حميدان، وقيل إنه تمت متابعة الجهات المختصة بشأنه منذ مدة طويلة وجاء وفد لتقييم حالته، حتى أنهم تحدثوا عن ضرورة هدم البيت وتأهيله بالكامل إلا أنه حتى الآن لم يتم التنفيذ. وحدثني أحد قاطني المنزل عما واجهوه من متاعب في موسم الأمطار التي هطلت منذ مدة مبينًا مدى التضرر الذي بدأ من تسرب المياه إلى الغرف ووصولًا لخروج مياه الصرف الصحي الملوّثة على أرضية المنزل.

بيت لا يمكن ترميمه

يقطن إبراهيم فضل في منزل يحمل عنوان 930 طريق 621 ويقدر عمره بما يزيد عن 50 سنة، ويضم هذا البيت 6 أفراد. تحدثت ابنة إبراهيم عن معاناتهم التي يعيشونها في هذا المنزل الصغير والقديم، مبينةً عدم توافر الغرف الكافية للعيش فيها.

وتابعت الابنة في حديثها عن زيارة وفد من الجهات المختصة من أجل متابعة الحالة، إذ بيّن لهم المهندس أن من المستحيل ترميم البيت بسبب قدمه، الأمر الذي قد يتسبب ذلك بسقوطه إن اتخذ هذا القرار.

وأظهرت الابنة رسالة تم كتابتها لوزير الإسكان تتضمن موضوع إمكان الانتفاع بخدمة إسكانية مناسبة.

ويعاني إبراهيم فضل من إصابة بعظمة الحوض بسبب سقوطه، مما جعله طريح الفراش في المستشفى لمدة شهر، وبيّنت الابنة أن والدها كان يقطن في الطابق العلوي، وعند خروجه من المستشفى سيضطرون لجعله يعيش في الطابق الأرضي، علمًا أن البيت ودورات المياه التي فيه غير مجهزةً لتتناسب مع حالته من ناحية حجمها والمستلزمات الضرورية.

“البيك أب” ساعدني بمستلزمات المعيشة

وأما بالنسبة لعبدالحسين القاطن في منزل والده، فقد بيّن أن المنزل يصل عمره إلى ما يقارب السبعين سنة، ويحمل عنوان 1380 طريق 633، وتحدث عبدالحسين عن الصعوبات التي عاصرها في هذا المنزل ومتابعته الجهات المختصة بشأن منزله القديم، وحكى ذات مرةٍ أن شخصا موكّل من جهة ما كان يصور المنزل من الخارج ثم سأله “لماذا هذا البيت لم يُبن والمقاول يقول قد تم الانتهاء من بنائه؟” الأمر الذي جعل عبدالحسين متعجّبًا مما قيل.

وتابع عبدالحسين حديثه عن الخسائر التي تكبدها من الأمطار، إذ أفسدت عليه أرضية الغرف نتيجة انغمارها بالمياه حتى اضطر لتبديلها رغم حالته المادية.

ويعيش عبدالحسين على المال الذي يحصل عليه من عمله إضافةً لراتبه التقاعدي غير الكافي، وقال “أنا متقاعد وما أجنيه من سيارة النقل الخاصة ساعدني على مواجهة المصاعب المعيشية”.

سقوط سقف الغرفة ألزمني الخروج من المنزل

ويتحدث محمد سعيد عن معاناته في السكن بمنزل قديم ذي عنوان 1402 طريق 633 وتعود ملكيته لجده الحاج محمد، وحسب ما يقوله محمد فهذا المنزل لا يقل عمره عن 70 سنة، ويسكن في هذا المنزل القديم ذي السقف المتهالك ما يقارب 4 من الأفراد أو أكثر مع وجود جدته غير القادرة على المشي، ويخشى محمد من حالة المنزل الرّثة والسقف الهش المتهالك بأن ينهدم في أي لحظة، متحدّثًا عن سبب خروجه من المنزل وتركه بقية أفراد العائلة، إذ كان سقوط جزء كبير من سقف غرفته جعله يتخذ هذا القرار رغمًا عنه.

وتحدث محمد عما نتج من الأمطار التي هطلت قبل مدة، والتي تسببت بإفساد أثاث المنزل وأرضية الغرف، حتى تشبّعت بعض الغرف برائحة كريهة تصدرها الأرضية؛ بسبب انغمارها بمياه الأمطار.

وأكدت رفيدة المرباطي، باحث اجتماعي أول ومقرر لجنة الإعلام والعلاقات العامة في مجلس أمانة العاصمة، الجهود المبذولة في متابعتهم وإرسال المختصين للاطلاع على البيوت القديمة والآيلة للسقوط والتواصل مع ساكنيها.

وبينت رفيدة اشتراطات تصنيف البيوت؛ لتكون ضمن مشروع تأهيل البيوت الآيلة للسقوط، والتي تتضمن معايير فنية كأن يكون البيت غير قابل للترميم باعتبار أن أساس بنائه من طين كحال البيوت القديمة إضافة للبيوت المحترقة، والمعايير الاجتماعية، والتي تدخل ضمن الاشتراطات، وهو أن يكون صاحب المنزل بحريني الجنسية، وألا يزيد دخله عن 600 دينار، وأن تكون الأسرة قاطنة في المنزل المراد بناؤه، وأن يكون مملوكًا بالكامل وغير مؤجّر، إضافة لمدة سكن لا تقل عن 10 سنوات.

وأوضحت رفيدة أن مشروع تأهيل البيوت الآيلة للسقوط متوقف حاليا، وأن ما بقي حاليّا هو مشروع ترميم البيوت ويجب ألا تتجاوز تكاليف الترميم 10000 دينار إضافة إلى مشروع عوازل الأمطار.

وأكدت المرباطي أنه وبالرغم من توقف المشروع إلا أن متابعة أمانة العاصمة والجهات المختصة لقاطني البيوت القديمة مازالت قائمة ولم تتوقف؛ للاطلاع عن احتياجاتهم والبحث عن الحلول.

ويبقى هنا التساؤل، هل سيرجع مشروع تأهيل البيوت الآيلة للسقوط، أم سيكون هناك تعاون بين كبار التجار والمقاولين مع الجهات المختصة وطرح مناقصة على البيوت القديمة التي تحتاج إلى تأهيل بصورة طارئة؟

 

ناصر اليافعي

طالب في جامعة البحرين