+A
A-

معظم الشعارات “كلمات متقاطعة” و“كوبي بيست”

بدأت اللافتات الإعلانية الانتخابية تكبر شيئًا فشيئًا حتى نافست بعضها بعضًا في الظفر بالموقع الأفضل، حتى لو تطلب الأمر حجب لافتة من هو في (الخلف)! وإن تصدر من هو في (الأمام)، والتوقعات تشير إلى أن غابة اللافتات ذات الحجم الكبير ستزداد خلال الأيام القليلة المقبلة، غير أن لدى الناخب موسمًا حيًا للتنزه بين الصور والألوان والمقار الانتخابية والولائم وكذلك. الشعارات التي ربما قرأها في أول الشارع، وقرأ شبيهًا لها بالقرب من الإشارة الضوئية، ورأى ذات الشعار (ملعوبًا به) هنا أو هناك.

من دودهك؟

ومع وجود برامج انتخابية وشعارات لمترشحين وحملات انتخابية فيها الكثير من الاتقان والذكاء والتميز، إلا أن الغالبية منها عبارة عن تشكيلة من المفردات التي يمكن تجميعها على هيئة الكلمات المتقاطعة، أو من قبيل (سمك لبن تمر هندي) و(طبق لزق)، وبعضها من شدة تأثره بما تكرر حوله منذ انتخابات 2002 وجد نفسه أمام نسخ ولصق cut & paste، ويصبح الأمر محيرًا أكثر حين جاءت صياغة الشعار على شاكلة (دودهو من دودهك من طقك)! فلا الشعار مفهوم ولا المترشح يعرف ماذا يفعل؟ فمفردات من قبيل :”خدمة الوطن.. الثقة.. المسؤولية.. الديمقراطية.. صوتكم... وسيلتنا.. وسيلتي.. نواصل.. نبني.. من أجلكم.. أبناؤنا.. التغيير كلها مفردات تتكدس أحيانًا في الدائرة ذاتها، حتى أن بعض الناخبين المشاكسين بدأوا فعلًا في مناقشة مترشحي دوائرهم في شعاراتهم، والمواقف أحيانًا لا تخلو من الحدة والشدة، وأحيانًا تكتسيها الطرفة والآخر يفضل تسميتها (مطنزة).

شعار رنان

ويذهب المستشار القانوني عبدالرحمن الحميدان النجدي نحو اختصار الموضوع بالقول :”قد يكون شعارك رنانًا، ولكنه لا يحمل معنى ولا يلائم المقام، ولم تعد الأذن تطرب به!”، بناءً على أن اختيار الشعار بالنسبة للمترشحين يلزم أن يكون مبنيًا على العقلانية الواقعية وليس على دغدغة المشاعر، حيث لا نتيجة مثمرة له، ويوجز القرار في دقة الاختيار بالقول :”أنا لا أخشى النخب المثقفة، فهي تعلم كيف تختار ومن تختار، خشيتي من بسطاء الناس، ولكن هذه فرصتهم ليرتقوا وليكونوا نخبًا متميزة عندما يعلمون: كيف ومن يختارون؟”.

وتعكس ظاهرة الشعارات غير الواقعية والبرامج الانتخابية المنسوخة والمكررة، كما يرى المستشار السياسي أحمد الخزاعي انحسارًا واضحًا للوعي السياسي الشعبي، فهي من ناحية تبين الفراغ الحاصل بسبب تراجع عمل الجمعيات السياسية والفجوة الكبيرة بينهم وبين الشارع، فالوعي السياسي ونشره يعتبر من أهم مهمات الجمعيات السياسية، والتي أخفقت في تحقيقه بجدارة خلال الستة عشر عامًا الماضية، أي منذ تأسيسها.

مضحكة أحيانًا

ويضيف الخزاعي جانبًا آخر بقوله :”من الناحية الأخرى، يلام الشارع أيضًا في فهمه ماهية العمل البرلماني والذي يتجلى بشكل واضح من خلال الشعارات المضحكة أحيانًا والمحزنة أحيانًا أخرى، فكيف يمكن لمترشح برلماني أن يعطي وعودًا خارج مجال اختصاصه وبالذات في المجالات البلدية أو فيما تختص به الوزارات والهيئات الحكومية! وكيف يمكن لمواطن بحريني مطلع على أبسط آليات العمل البلدي أن يصرح بنيته ترشيح نفسه بلديًا، في العاصمة!

الخلاصة التي يطرحها الخزاعي هي أن ما سيضع الحد لهذه الظاهرة هو انتشار الوعي السياسي بشكل أكبر وأشمل، فمن يستوعب السياسة والعمل البلدي والبرلماني بشكل صحيح، لن يستطيع أصحاب الشعارات الفضفاضة إقناعه بتلك الأساليب الرخيصة.