+A
A-

نهاية عقدة إنجلترا

 ابتعد القائد هاري كين عن احتفال مشجعي إنجلترا بعد فوز فريقه بركلات الترجيح في كأس العالم لكرة القدم على كولومبيا، الثلاثاء، ولكنه بدا مرتاحا جدا لدرجة أنه كان بإمكانه التجول في متجر بحثا عن زجاجة من الحليب، ثم اتضح له كل شيء.أغلق كين عينيه في ارتياح تام ونظر إلى السماء شاكرا انتهاء مسيرة فريقه البائسة من الهزائم في ركلات الترجيح بالبطولات الكبرى.

وحافظ القائد وزملاؤه على تماسكهم عندما تطلب الأمر لمدة 120 دقيقة في مباراة متوترة أقيمت في استاد سبارتاك الذي، وكأنه كان في العاصمة الكولومبية بوجوتا مانحا السيطرة للجماهير المتحمسة من الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية.

وحافظ المنتخب الإنجليزي، وبالأخص كين الذي وضعه في المقدمة من نقطة الجزاء في الدقيقة 57، على أعصابه في نقاط التحول الحاسمة في المباراة، وأظهر نضجا غير متوقع من أصغر فريق متبقي في البطولة.

وتجنب لاعبو إنجلترا فقدان هدوئهم خلال لحظات من الاستفزاز من جانب لاعبي كولومبيا وأثناء فترات فقد فيها الحكم الأمريكي مارك جايجر سيطرته على المباراة، والأهم أنه نجح في الصمود والقتال عندما تلقى لطمة قوية بهدف التعادل الذي سجله ياري مينا في الوقت المحتسب بدل الضائع.

وبعد ذلك في مواجهة اختبار ركلات الترجيح، الذي فشلت فيه المنتخبات الإنجليزية لمدة طويلة جدا، حافظ الفريق على تماسكه وأزال التاريخ من ذهنه وركز على المهمة التي تنتظره.

وكان عبء التاريخ ثقيلا جدا، فالمنتخب الإنجليزي يملك أسوأ سجل في ركلات الترجيح في عالم كرة القدم، إذ خسر بركلات الترجيح في كأس العالم 1990 و1998 و2006 وفي بطولة أوروبا 1996 و2004 و2012، وكان ينبغي محو كل ذلك من أذهان اللاعبين.

وكُلف كين بمهمة تنفيذ الركلة الأولى لفريق المدرب جاريث ساوثجيت ونجح في الاختبار بكل هدوء.

كما نفذ ماركوس راشفورد بنجاح محاولته وبعد إنقاذ تسديدة جوردان هندرسون، تقدم ثنائي توتنهام هوتسبير كيران تريبيير وإيريك داير ليهزا شباك الحارس ديفيد أوسبينا بينما أخفقت كولومبيا في آخر محاولتين.

وبعد تحقيق الفوز، اختفى الهدوء على الفور.

وكاد ساوثجيت أن ينهار وانثنت ركبتاه في اللحظة التي سدد فيها داير الكرة لتمر من فوق أوسبينا إلى الشباك، ونجح مساعدو ساوثجيت في الإمساك به قبل السقوط وكان يمكن رؤية كل شيء على وجهه.

ويستحق ساوثجيت قدرا كبيرا من الإشادة على كسر هذا النحس. ومنذ مارس آذار تأكد الرجل، الذي أهدر ركلة الترجيح الحاسمة في قبل نهائي بطولة أوروبا 1996 أمام المانيا، من أن فريقه مستعد لهذه اللحظة.

وكان ساوثجيت (47 عاما) ذكيا بما يكفي لإدراك أن في الوقت الذي ربما يعتبر فيه النقاد ركلات الترجيح مقامرة، فإنها في الحقيقة الاختبار الأصعب للأعصاب والمهارة.

وأدرك مدرب إنجلترا أن المران وحده سيساعد في ذلك وأن إعداد لاعبيه فنيا ونفسيا لهذه اللحظة هو استثمار للوقت والموارد قد يجني ثماره، وكان الأمر كذلك بالفعل.

ويستطيع المنتخب الإنجليزي الآن التطلع إلى مواجهة في دور الثمانية ضد السويد بعد التخلص من نحس ركلات الترجيح.

وفي الواقع هذا فريق مختلف تماما لإنجلترا. ولم يتخلص فقط من الرهبة والميل إلى الفزع، وهي أمور تسببت في إنهاء مسيرته في بطولات سابقة، بل نجح أيضا في الحصول على شيء آخر كان موجودا دائما عند منافسيه الأكثر نجاحا وهم بالتحديد ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والأرجنتين.

وأظهر المنتخب الإنجليزي دهاء وذكاء وسيطرة على الموقف ليضمن أن ينتبه الحكم لكل دفعة وشد وجذب داخل منطقة الجزاء حتى احتسب أخيرا ركلة جزاء حين سقط كين تحت ضغط من كارلوس سانشيز.

وسمح، وربما ضغط من أجل ذلك في بعض الأحيان، للمنتخب الكولومبي بفقدان أعصابه مع تماسكه وحفاظه على هدوئه على الجانب الآخر.