+A
A-

دراسة دكتوراه: تمييز واضح ضد المرأة البحرينية في القطاع المصرفي

ضرورة إجراء تغيير في اتجاهات وسلوكيات المديرين والعمال

“السقف الزجاجي” موجـــود ويعوق الترقي والوصول للمناصب الإدارية

“العمل” و“الأعلى للمرأة” بذلا جهوداً كبيرة لتطوير الواقع والتشريعات

الباحث أجرى مقابلات مع 26 امرأة بحرينية عاملة في مناصب بالمصارف

نسـبة الإناث في المناصب الإدارية نحو 15 % من إجمالي القطاع

 

كشفت دراسة أكاديمية أنجزت أخيرا عن وجود تمييز واضح بين الجنسين في القطاع المصرفي بالبحرين، وتتجسد أبرز أوجهها في إعطاء الأفضلية للرجل للحصول على المزايا الوظيفية وعدم المساواة في تلقي الاستحقاقات والتعويضات.  وخلصت الدراسة التي أجراها مدير إدارة تنمية الموارد البشرية في وزارة العمل عصام العلوي لوجود ما يعرف علمياً بـ“السقف الزجاجي” في القطاع المصرفي البحريني والذي يعوق تحقيق المساواة بين الجنسين في فرص التقدم للوظائف العليا وكذلك الحصول على الترقيات والمناصب الإدارية في البنوك.

وبناء على الدارسة المنجزة، حصل العلوي على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة “برونيل” لندن (مدرسة برونيل للأعمال)، وذلك عبر برنامج أكاديمي يقدم بالشراكة مع الجامعة الأهلية في البحرين.

 

ثورة اجتماعية

وتوصلت الدراسة - التي حصلت “البلاد” على نسخة منها- إلى عوامل عدة تؤدي إلى التمييز بين الجنسين وتؤكد مثول ظاهرة السقف الزجاجي في القطاع المصرفي البحريني، والمصنفة أساساً على ثلاثة مستويات “الاجتماعية والمؤسسية والفردية”.

وفي إطار حديثه عن مبررات إجراء الدراسة، قال العلوي: ازدادت عمالة الإناث زيادة هائلة وأصبحت ثورة اجتماعية يمكن ملاحظتها عالميا، إذ يصل تمثيلها في سوق العمل حسب منظمة العمل الدولية إلى 47.3 %.

وأردف: ارتفعت نسبة العاملات في سوق العمل البحرينية بشكل سريع في العقود القليلة الماضية، ولكن على الرغم من هذا النمو السريع، تشير الإحصاءات إلى أن عدد النساء اللاتي تتبوأن المناصب العالية أقل من الرجال، ولذا بات من الضروري استكشاف ما إذا كانت العاملات البحرينيات يتعرضن للتمييز على أساس نوع الجنس في أماكن عملهن أم لا.

 

خلف الذكور

وتابع قائلاً: وفقا لإحصاءات هيئة التأمينات الاجتماعية في العام 2016، لم تحقق سوى نسبة صغيرة من النساء مناصب في مستويات الإدارة العليا في القطاع الخاص، وعلى سبيل المثال، لم تتجاوز نسبة الإناث في المناصب الإدارية في الخدمات المالية المصرفية 15 %.

وأكدت الدراسة الجهود الكبيرة المبذولة من قبل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية والمجلس الأعلى للمرأة لتطوير وإصدار تشريعات بهدف خلق الفرص للنهوض بالمرأة في البحرين، غير أن هذه المبادرات لم تسفر عن الكثير ولا تزال البحرينية تقف خلف زملائها الذكور في شغل المناصب العليا.

ولفت العلوي إلى أن دراسته سعت إلى التحقق فيما إذا كانت المرأة البحرينية تحصل على معاملة عادلة في مكان العمل أم لا، خصوصاً فيما يتعلق بمهام العمل الموكلة إليها وإعطائها الترقيات وزيادة الأجور والتعويضات، وحاولت أيضاً معرفة أسباب انخفاض عدد الموظفات في المناصب العليا.

 

تجارب ومشاعر

واستطرد قائلاً: اعتمدت الدراسة المخصصة لنيل شهادة الدكتوراه المنهج النوعي لإيجاد العلاقة بين التمييز الجندري ضد المرأة العاملة ومسببات ودوافع هذا النوع من التمييز وعواقبه، وكذلك دراسة العوامل التي تقف عائقاً أمام التقدم الوظيفي للعاملات البحرينيات في القطاع المصرفي البحريني.

ولفت إلى أن الدراسة بُنيت على النهج النوعي الذي اختبر تصور العاملات وبحث آراءهن الشخصية، وحاولت فهم مشاعرهن وتجاربهن التي تتناول طبيعة التمييز ضدهن ومفهوم السقف الزجاجي.

وأشار العلوي إلى إجراء مقابلات متعمقة شبه منظمة مع 26 امرأة بحرينية عاملة في مناصب إدارية وغير إدارية بالمصارف الإسلامية والتقليدية في مملكة البحرين.

سرعة التحرك

وأوصت الدراسة وزارة العمل والتنمية الاجتماعية والقطاع المصرفي البحريني للعمل معا على نحو عاجل لصياغة سياسة مشتركة تتعلق بالمساواة بين الجنسين، وذلك وفق استراتيجيات المجلس الأعلى للمرأة في هذا المجال.

ودعت الدراسة أيضاً إلى استعراض وتحليل الأثر المتحقق للسياسات المؤيدة للإناث العاملات، والتي بدأها مصرف بحريني.

واقترح الباحث العلوي وضع مبادئ توجيهية واسترشادية بشكل مؤقت لحين إكمال السياسة المشتركة بين الجهتين، وذلك لضمان سرعة علاج إشكالية التمييز بين الموظفات ومعاملتهن على قدم المساواة مع نظرائهن من الذكور.

 

أعلى الهرم

وأوصت الدارسة بإجراء تغيير في اتجاهات وسلوكيات المديرين والعمال الذكور نحو المساواة بين الجنسين، وذلك من خلال سلسلة من ورش العمل والدورات.

وتطرقت الدراسة إلى أهمية تنفيذ سياسات المساواة بين الجنسين والتوجيه للالتزام بتنفيذها من أعلى الهرم بالمؤسسات إلى الأسفل، والتي من شأنها أن تساهم في إزالة الحواجز التي تعرقل التقدم الوظيفي للمرأة.

ورأت بوجوب النظر عن كثب للنتائج الإيجابية التي ستحدث على مختلف المستويات، لاسيما على المستوى المؤسسي.

 

ترك العمل

وفي إطار حديث الباحث عن أهمية المساواة بين الجنسين، تحدث العلوي عن آثار إيجابية على المستوى الفردي، مثل تحسين الصحة البدنية والنفسية، والعزوف عن نية ترك العمل، والرضا الوظيفي.

وشدد العلوي على أن إزالة التمييز بين الجنسين في بيئة العمل سيسمح بتقدم وتطور وظيفي أفضل، وسيقلص أيضاً من ظواهر الغياب المستمر والفجوة في الأجور بين الجنسين.

 

الصراع

وأردف: إن فتح باب الترقية لكلا الجنسين دون تفاوت في الأجور، سيؤدي إلى قدر أعلى من الاندماج والإشراك بالعمل، وكذلك انخفاض حالة الصراع بين أدوار العمل والأسرة.

واختتم حديثه قائلاً: كل هذه النتائج الإيجابية ستعكس بفائدة أكيدة على الشركات والمؤسسات، ومما لا شك فيه أن حصول المرأة على الرضا الوظيفي، سيؤدي في نهاية المطاف إلى قوى عاملة أكثر إنتاجية ومن ثم الحفاظ على الميزة التنافسية.