+A
A-

مدن: الاختلاف الثقافي ضرورة لاحتواء التعددية والتعايش

عقد مركز عيسى الثقافي بالتعاون مع مركز عبدالرحمن كانو الثقافي اللقاء الشهري الخامس من “منتدى البحرين للكتاب”، حيث جرى خلاله نقاش كتاب “الاختلاف الثقافي وثقافة الاختلاف” لمؤلفه الناقد السعودي سعد البازعي، وقدم الجلسة حسن مدن وأدارها علي عبدالله خليفة، بحضور مؤلف الكتاب وجمع من المثقفين والمهتمين.

واستعرض مدن مضامين الكتاب الذي يجمع عددا من مقالات المؤلف في اطار دراساته حول النقد والاستشراق، حيث يستهل الكتاب بالتساؤل عن الأنا والآخر، وعن منشأ النظرية وانتقالها، وعن ولادة المنهج وتعريبه، لينتقل لاحقا الى الاستشراق والمستشرقين، والعرب في الثقافة الأميركية والغربية، والتي خلقت مجموعة هموم ثقافية ترتكز على مفهوم الاخر والاخرون، وان ذلك يعبر عن هم نظرة الآخر للآخر والذي يشكل الثقافة المختلفة وكيفية فهمها والتعامل معها، ثم كيف ينتج ذلك وعيا وفهما للذات والتعامل معها ومع احتياجاتها الثقافية والفكرية.

واوضح مدن الفروق بين الاختلاف الثقافي وثقافة الاختلاف على اعتبارهما مفهومين مختلفين، حيث بين أن الاختلاف الثقافي سمة ثقافية وظاهرة التفاعل مع الاخر، في حين ان ثقافة الاختلاف هي الثقافة المتراكمة عن الوعي الثقافي وهي نتاج لعمل وإدارة وممارسة الاختلاف الثقافي.

وتعمق مقدم الجلسة أن هناك نوعين من الاختلاف الثقافي، احدهما الاختلاف المحمود وهو مهم جدا للحفاظ على الهوية والسمات المحلية للشعوب، في حين ان الاختلاف المذموم وهو الذي يكون داخل المجتمع الواحد الذي ينقض الوحدة الوطنية، مشيرا الى ان الاختلاف الثقافي هو أساس لوجود الثقافة العامة والتعددية والتعايش، مما جعله عنصرا أساسيا للدراسات الأكاديمية وحوار الثقافات والذي ساهم في عودة الوئام الاجتماعي في أوروبا في حقبات مختلفة.

وبين أن مؤلف الكتاب يرى أن جهود “الاستغراب” المقابلة لمفهوم الاستشراق قد أحدثت تشويها للعديد من المصطلحات التي تم نقلها الى الثقافات الشرقية بفعل الترجمة غير الموائمة لطبيعة الثقافة المستقبِلة لها، خصوصا محاولات التعريب بالترجمة العربية للمصطلحات الغربية، حيث أوضح أن نشوء المصطلح يرتكز على مفهوم نابع من لحمة التجربة الحضارية الغربية تحديداً، وبالتالي فإن ذلك يتطلب نقله كما هو مع معايشة لتلك التجربة واستيعاباً لها، ومضيفا أن الاشكالية أيضاً في أن الثقافة المستقبلة قد لا تتسع للتجربة الجديدة من حيث التعبير والقدرة على إيصال المعنى.

وانتقد مدن اطروحات الكتاب حول مدى علمانية الغرب واستدلاله بشيوع المساحات والمؤسسات الدينية في أوروبا والذي يقاس على اختلاف رؤية المؤلف البازعي لمفهوم العلمانية وربطه بالدين، حيث اكد مدن وجهة نظره أن العلمانية لا تعني تحييد الدين عن المجتمع بقدر ما هو تحييد الدين عن السياسة والسلطة، وان مظاهر الانتشار الديني والتدين المتنوع هو تماثل للعلمانية.

ودعا مدن في ختام جلسته الى تحويل اطروحات الكتاب الفكرية إلى ممارسة وتطبيقها على ارض الواقع لمعالجة المشكلات التي تعيشها مجتمعاتنا العربية، وامكانية تطوير نظرية نقدية بانتمائها الى الثقافة العربية والظروف التاريخية التي يعيشها العالم العربي من خلال أطروحاته.