+A
A-

البتكوين ... هل البحرين جاهزة ؟

يتساءل كثيرون من العامة والناس العاديين عن ماهية العملات التقنية (الإلكترونية) حيث تتضارب الآراء بشأن التعامل بها. وانقسم المتخصصون على مستوى العالم وحتى في البحرين إلى فريقين فبعضهم يعتبرها طريقا ممهدا وسهلا لتمويل الإرهاب وغسل الأموال، فيما يؤكد آخرون أنه على جميع الدول اللحاق بالركب وتنظيم تداولها لأنها آتية لا محالة.

وظهرت عملة البتكوين في العام 2009 على يد الياباني ساتوشي ناكاموتو، لتنطلق بعدها عملات أخرى بأسماء مختلفة مثل مونيرو واثيريوم وزكاش وغيرها.

والبتكوين عبارة عن عملة افتراضية، يمكن تداولها عبر الإنترنت فقط، ولا توجد هيئة تنظيمية مركزية تتحكم بها، ويمكن استخدامها كأي عملة أخرى للشراء عبر الإنترنت.

كل واحد بتكوين يساوي حوالي 3980 دينارا بحرينيا، بحسب أسعار أمس الأول.

 

“المركزي” يناقض نفسه

الجهات المعنية بالبحرين ناقضت نفسها في أقل من 10 أيام، ففي الوقت الذي أكد فيه محافظ المصرف المركزي رشيد المعراج في رده على نقاشات برلمانية بالقول: “لا نعترف بها، ونحذر من التعامل بها”، رخص المركزي بعد أيام من هذا التصريح لثلاث شركات تعمل في المجال.

وأكد بيان لمصرف البحرين المركزي نشر يوم 15 الشهر الجاري أنه منح تصاريح لدخول البيئة التجريبية لـ 3 شركات هي Wahed Inc،  BitArabia وBelfrics، مما يتيح لها اختبار حلولها المالية في المملكة. وبرر المركزي ذلك بأنه من أجل تعزيز المنافسة الفعالة، والتكنولوجيا الجديدة، واتساع رقعة الشمولية المالية، وتحسين تجربة الأداء للعملاء. ويوفر هذا الإطار حيّزًا افتراضيًّا للشركات والأفراد لاختبار حلولهم المبتكرة القائمة على التكنولوجيا، وباب المشاركة مفتوح للمؤسسات المالية المرخصة من المصرف حاليًّا وغيرهم من الشركات المحلية والأجنبية. ومدة الاختبار هي تسعة أشهر، مع إتاحة الفرصة للتمديد لثلاثة أشهر إضافية كحد أقصى.

وتم منح تصريح الدخول في البيئة التجريبية مسبقًا لثلاثة طلبات من قبل المصرف لاختبار حلولهم المبتكرة وهي Tramonex Limited UK وNowex WLL وRain Financial.

 

تحذيرات محلية ودولية

وعلى الصعيد الدولي حذرت المصارف المركزية في العديد من الدول من مغبة التعامل مع هذه العملات من أهمها أميركا وبريطانيا، والسعودية، والكويت، حيث تعتقد بأنها تفتح المجال أمام تمويل الإرهاب وغسل الأموال وتحويل أموال المخدرات وغيرها.

وأعلن وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين في 13 يناير الجاري، أنه يجب عدم السماح بأن تُستخدم العملة الرقمية “بتكوين” لإخفاء نشاطات غير مشروعة.

وتعهد منوتشين العمل مع حكومات أخرى منها حكومات مجموعة العشرين التي تضم أكبر اقتصادات العالم من أجل مراقبة نشاط أولئك الذين يستثمرون بقوة في العملة المشفرة.

وقال “علينا ضمان ألا يتمكن الأشخاص السيئون من استخدام هذه العملة للقيام بأمور سيئة”.

وتفرض الإجراءات الأمريكية أن تحصل المصارف على معلومات عن الزبائن الذين يملكون حسابات بتكوين في محاولة لمنع غسل الأموال ونشاطات أخرى مشبوهة.

وقالت مدير صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد إنه ليس من الحكمة استبعاد العملات الإلكترونية مثل “البتكوين”، لكنها وصفتها بأنها ذات درجة عالية من التقلب والمخاطرة.

وحذرت وكالة تطبيق القانون التابعة للاتحاد الأوروبي، يوروبول، منذ ثلاثة أشهر، في تقرير لها من أن  عملات رقمية مشفرة مثل مونيرو واثيريوم وزكاش تكتسب شعبية داخل العالم الرقمي السري ، حيث يمكن استخدامها لتبييض الأموال والقيام بأعمال وتمويلات مشبوهة.

وعلى الصعيد المحلي، نقلت “البلاد” الشهر الماضي آراء بعض المصرفيين البحرينيين الذين أجمعوا على أنها محفوفة بالمخاطر وأنه لا يمكن الوثوق بها كبديل عن المعاملات المالية العادية.

ودق المصرفي المخضرم، الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية عدنان يوسف ناقوس الخطر حين عبر عن خشيته بصراحة عن التعامل بهذه العملات، محذرا المستثمرين من ضياع أموالهم.

وأشار الى أنه يتعين على البنوك توعية الزبائن بخطورة الأمر وضرورة الحصول على المعرفة الصحيحة والكاملة قبل التعامل بهذا النوع من الاستثمارات ووجود نظام للتحكم بها.

وحذر يوسف، وهو أيضا رئيس جمعية المصارف البحرينية، من أن هذه العملات يمكن أن تستخدم كوسيلة لعمليات الاحتيال وغسيل الأموال والعمليات المالية المشبوهة، وذلك لبعدها عن الإطار الرقابي.

إلى ذلك، قال الرئيس التنفيذي لبنك البحرين الإسلامي حسان جرار “باعتقادي ستستمر هذه العملات ولكن تحتاج إلى وقت لكي تتعود البنوك المركزية والجهات التشريعية عليها وتتأكدوا من صحتها”.

وأكد أن النظام المالي والمصرفي سيظل على حذر شديد بالتعامل مع مثل هذه العملات الافتراضية.

أما الرئيس التنفيذي لشركة “بنفت”، عبدالواحد جناحي فأشار إلى أن هناك أفرادا من البحرين والمنطقة يتعاملون بالبتكوين، ولكن على نطاق شخصي. وبين أن المؤسسات المحلية لم تستثمر في العملة الافتراضية. وتابع “أعرف أشخاصا يستثمرون في هذه العملات لكن لم أسمع مؤسسة قامت بذلك، الأمور لا زالت غير واضحة، خصوصا أن أسعارها متذبذبة بشدة”.

وأكد جناحي أن الاستثمار في البتكوين ينطوي على نسب مخاطرة مرتفعة، لافتاً إلى أن الحذر هو الذي يسود حالياً.

 

تحرك سريع ... ارتفاعا وانخفاضا

ومن المعلوم أن البتكوين تتذبذب بطريقة سريعة وبقفزات كبيرة، حيث من السهل جعل أي فرد ثريا أو فقيرا بأيام.

وتشير أحدث الأخبار (18 الشهر الجاري) الى أن عملة البتكوين واصلت خسائرها الحادة التي منيت بها في الأربع والعشرين ساعة الماضية لتهبط ما يزيد على 7 %، وسط مخاوف من احتمال تضييق الجهات التنظيمية المعنية الخناق على العملة التي ارتفعت قيمتها سريعا في السنة الأخيرة.

وانخفض سعر أكبر وأشهر عملة رقمية في العالم إلى 10567 دولارا في بورصة بتستامب ومقرها لوكسمبورغ، بالقرب من أدنى مستوياتها في 6 أسابيع البالغ 10162 دولارا والذي لامسته الجلسة الماضية.

وبلغ أعلى مستوى للعملة خلال الجلسة 11794.07 دولار.

وقادت بتكوين موجة انخفاض في العملات الرقمية بعد أن ذكرت تقارير أن كوريا الجنوبية والصين قد تحظران تداول العملة مما أثار مخاوف من شن الجهات التنظيمية حملة أوسع على العملة.

وابتعدت العملة كثيرا عن مستوى ذروتها القريب من 20 ألف دولار والذي سجلته في ديسمبر حين ارتفعت العملة الرقمية نحو 2000 % خلال العام.