+A
A-

البوسطة: نحلم بأن تكون للفن مشاركة فعلية في النتاج العام للشعوب الخليجية

يؤكد الفنان البحريني حامد البوسطة أحد التشكيليين المرموقين في مملكة البحرين وأحد المشاركين في معرض فن البحرين عبر الحدود “أرت باب 2017” مؤخرًا، أن الفن ظاهرة إنسانية تشترك فيها كل الشعوب باختلاف ثقافاتها ولغاتها وأديانها وعاداتها وتقاليدها، وليس حصرًا على فئة دون أخرى فهو لغة تستطيع أن تستوعب وتدرك من أي ثقافة كانت خلفية المشاهد، قد تختلف الأدوات ويبقى المعنى والرسالة الكبرى للفن واحدة، الفن واحد باختلاف أدواته.

ويقول البوسطة في حواره مع اليوم السعودية مؤخرًا ردًّا على سؤال حول دور التراث البصري العربي الإسلامي في عمله الفني؟ وهل يستلهم التراث أو ينطلق من مفاهيم معاصرة فقط؟

في ظل هذا التنقل السريع في كل أمور الحياة فإن مجال الاستعارات والاقتباسات مفتوح على مصراعيه في الفن، وكل ما يحسب في التقييم هو مدى صدق النتاج الفني ومدى إدراك الفنان لعمله وأدواته وكيفية إخراج العمل للجمهور. المواضيع الفنية تختلف اليوم باختلاف المشاريع التي يؤمن بها الفنان ومدى علاقته بهذا المشروع، قد يتحدث المشروع عن التراث لكن بصورة حديثة وقد يتحدث عن الإنسان وعن البيئة وأي مادة بصرية يستطيع الفنان إضافة بعد فني عليها بحيث نستطيع القول إن هذا عمل فني بغض النظر عن الخامة، التي قد تكون تقليدية أو حديثة أو حتى مبتكرة، المهم هو كيفية تقديم العمل أمام الجمهور. فمثلا قد يكون العمل في أبسط صوره البصرية كنقطة أو خط لكن كيف قدم الفنان هذه النقطة أو الخط للمشاهد هنا يكمن بيت القصيد.

 

كيف تبدأ عملك الفني؟ وما المحرض أو الباعث الذي يطلق شرارة البداية؟

- العمل يبدأ من المشاهدة اليومية لمُوتيفات الحياة واستلهامها كأشكال بصرية وكيفية تحويلها لمادة فنية من خلال المعادلات التي تختلج في النفس عن تلك المشاهدات مسببة مادة فنية قابلة للعرض والإدراك الحسي، وقد تكون هذه المشاهدات بسيطة في شكلها الخارجي كبقعة لونية أو خدش على جدار أو حركة يد أو أي شيء آخر أو معقدة التركيب كازدحام الشوارع وتشابك الخيوط أو أغصان الأشجار وإلخ... العمل لا ينتهي لأنه مشروع متواصل مستدام متغير متبدل متلون بتلون الحياة وما يطرأ من تغيير عليها.

 

في رأيك هل للمعارض التشكيلية دور في تطور المشهد التشكيلي؟

– تتراكم الخبرات والمهارات لدى الفنان من خلال استمراره في عمله واجتهاده وبحثه في كل ما يخص فنه، فلكي يتوج هذا البحث والعمل لا بد له من عرض النتاج أمام الجمهور وخوض تجربة ردود الفعل والتفاعل مع الأعمال وما ينتج عنها من قبول ورضا عن النتاج أو عدم تقبل، كل ذلك لن يصل له الفنان ما لم يعرض عمله في المعارض الفنية، نعم التكنولوجيا الحديثة أخذت جزءًا من عملية العرض لكن لم تلغها بل أصبحت كمرحلة أولى من مراحل العرض ووسيلة انتشار سريعة.

 

ما أهم المحطات في حياتك كفنان تشكيلي؟

- قصتي مع الفن التشكيلي بدأت من أول لحظة أتيت فيها للحياة حيث ولدت في عائلة فنية فوالدي وعمي (عبدالكريم وعبدالمنعم البوسطة) - رحمهما الله - من رواد الحركة التشكيلية في البحرين، مما جعل الفن بالنسبة لي شخصيًّا مصيرًا وقدرًا، كانت الغرفة التي نسكن فيها هي المرسم والمكتبة فما إن فهمت العالم فهمته من خلال العمل التشكيلي الذي رأته عيني في طفولتي وبدأت أكبر والعمل يكبر معي، فبدأت بمرحلة الطبيعة وبالأسلوب الانطباعي الذي ما زلت مغرمًا به، وأعشق العمل فيه، ثم إلى شيء من السريالية مثلي مثل الكثير من فناني جيلي، ومرورًا بشيء من التعبيرية ومن بعدها الولوج في عالم التجريد الذي ما زلت فيه مع ممارستي لتقنية حديثة كالأعمال التركيبية والفيديو والجرافيكس والخ.

 

ما دور الثقافة في الفنون وفي إنتاج لوحة أكثر غنى لديك؟

- لا نستطيع السير في الطريق دون ضوء وأسفار ترشدنا وتبين لنا أين نحن ومن نحن وإلى أين سائرون وفي أي اتجاه والكثير من الأسئلة التي تأتي بأسئلة أخرى وتجعل منا أكثر عمقًا وأكثر دراية وصلابة، تمامًا هذا بالنسبة للفنان التشكيلي فبدونها يصبح حرفيًّا أكثر منه فنانًا مبدعًا، لا بد للفنان أن يقرأ وفي كل مجال ويستنبط ويستشف ويستفيد من كل العلوم ويحاول أن يطبقها في أعماله الفنية.

 

في رأيك، ماذا يحتاج المشهد التشكيلي في البحرين ليتطور أكثر؟

يعود تاريخ الحركة التشكيلية في البحرين إلى خمسينيات القرن الماضي، إذ تعتبر من أولى الحركات التشكيلية مع الحركة التشكيلية الكويتية، والحركة في البحرين مرت بمراحل وتطورات أثرت الكثير ونوعت الكثير وفتحت الكثير وساعدت الكثير وهذا واجب عليها، وأصبحت اليوم حركة فتية وذات غنى كأي حركة عربية أخرى سبقتها بخمسين عامًا أو أكثر، إلا أنها بحاجة للجانب الأكاديمي الحاضن والموجه للناشئة، والآخذ بأيديهم، كما من المهم نشر الوعي والثقافة التشكيلية في المجتمع وأهمية الدور الذي يلعبه الفنان في بناء مجتمعه، إلى جانب ذلك فإنها بحاجة إلى عدد أكبر من دور العرض العامة أو الخاصة وتشجيع الاستثمار في الفن التشكيلي.