العدد 6028
الأربعاء 16 أبريل 2025
الفورمولا 1... ريادة رياضية وعوائد اقتصادية
الأربعاء 16 أبريل 2025

 منذ أن استضافت البحرين أول سباق للفورمولا 1 في الشرق الأوسط عام 2004، رسّخت المملكة مكانتها كدولة رائدة في تنظيم الفعاليات الرياضية العالمية، وفتحت آفاقًا واسعة للاستثمار والسياحة، وأسهمت في تنويع الاقتصاد الوطني بعيداً عن الاعتماد التقليدي على الموارد النفطية.
 لقد شكّل تدشين حلبة البحرين الدولية في منطقة الصخير لحظة تاريخية، ليس على مستوى الرياضة المحلية فحسب، بل على مستوى المنطقة بأسرها. فبفضل هذه الخطوة الجريئة من الحكومة الرشيدة تحوّلت البحرين إلى وجهة سنوية لعشاق رياضة السرعة من مختلف أنحاء العالم، حيث يُتابع السباق الملايين عبر الشاشات، ويزور المملكة عشرات الآلاف من المشجعين سنويًّا. كما أن البحرين أصبحت معروفة عالميًّا بفضل هذا السباق الذي يتابعه الملايين في جميع أنحاء العالم، فالفورمولا 1 ليست مجرد فعالية رياضية فحسب، بل صناعة قائمة بحد ذاتها. وتشير التقديرات إلى أن السباق يضخ عشرات الملايين من الدولارات سنوياً في الاقتصاد المحلي من خلال الإنفاق على الفنادق، والمطاعم، والنقل، والتسوق، والخدمات اللوجستية، كما يوفر آلاف الوظائف المؤقتة والدائمة في قطاعات متعددة، ويعزز من حركة الطيران والسياحة.
ومع تنامي الوعي البيئي، شهدت السنوات الأخيرة توجهًا نحو الاستدامة في تنظيم السباق، من خلال اعتماد تقنيات هجينة صديقة للبيئة، ما يعكس حرص المملكة على مواكبة التطورات العالمية، وتقديم نموذج متوازن بين الحداثة والاستدامة.
 كما أنه بفضل الفورمولا 1، أصبحت البحرين معروفة لدى جمهور عالمي واسع، وأثبتت قدرتها على تنظيم أحداث كبرى بمعايير احترافية عالية. ولم يقتصر النجاح على السباق ذاته، بل أصبح نقطة انطلاق لسلسلة من الفعاليات الرياضية والثقافية المصاحبة، ما يعزّز صورة المملكة كوجهة ديناميكية ومتجددة.
وقد كرّست هذه التجربة الناجحة ثقة المنظمات الدولية في الكفاءات البحرينية التي أثبتت جدارتها في الإدارة والتنظيم، ما فتح المجال أمام استضافة فعاليات رياضية أخرى كالفورمولا 2، والفورمولا 3، والبطولات الإقليمية في سباقات التحمل والكارتنغ.
ومع مضي أكثر من عقدين على انطلاق السباق، بات واضحاً أن الفورمولا 1 في البحرين ليست مجرد حدث موسمي، بل قصة نجاح مستدامة. إنها تجسيد لرؤية اقتصادية طموحة تسعى لتوسيع مصادر الدخل، وترسيخ اسم مملكة البحرين في ذاكرة الرياضة العالمية.
ومع كل موسم جديد، تتجدد الفرصة لتقديم البحرين للعالم بصورة مشرقة، تجمع بين الأصالة والتطور، وتُبرز قدرة بلد صغير في حجمه، كبير في طموحه، على أن يكون في مقدمة المشهد العالمي.
 وفي هذا المقام، أود أن أنوه بما ذكره صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حينما أكد في تصريحات لسموه على هامش السباق بأن النجاحات التي تواصل تحقيقها مملكة البحرين في استضافة وتنظيم البطولات والفعاليات الرياضية العالمية تقف خلفها الكوادر الوطنية، التي بقدراتها التنظيمية عززت مقومات المملكة لأن تكون وجهة مميزة لمختلف الفعاليات الرياضية الكبرى، ومنها رياضة السيارات، بما يدعم المسيرة التنموية الشاملة بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، مشيرًا سموه إلى ما تحظى به رياضة سباقات السيارات من اهتمامٍ شكل الباعث لمواصلة تطويرها وتعزيزها وفتح نطاقاتٍ أوسع للاستثمار فيها.
لا شك أن تنويه وإشادة سموه بالكوادر الوطنية البحرينية المتميزة تعتبر شهادة لكل بحريني ساهم بشكل مباشر في تحقيق هذا الإنجاز التاريخي الكبير، ودافعًا كبيرًا لتحقيق نجاحات أخرى في مختلف المجالات.
 كلمة أخيرة.. على الرغم من أنني لم أتمكّن من حضور سباق هذا العام لوجودي خارج المملكة، وتحديدًا في إسطنبول، ولكن ما أثلج صدري وأسعدني كثيرًا هو ما سمعته من أحد المواطنين الأتراك من خلال حديثه عما شاهده في البحرين أثناء حضوره السباق عام 2023، حيث أشاد كثيرًا بالتنظيم الرائع والمتميز للسباق، ناهيك عن حديثه عن التطورات التي شهدتها البحرين في جميع المجالات، مركزًا على طيبة وأصالة الشعب البحريني الذي اعتبره سببًا رئيسًا لنجاح السباق وبشهادة الجميع.
الشعب البحريني يعتبر عملة صعبة، ويثبت نفسه في كل محفل لما يتمتع به من قدرة كبيرة على تحمل المسؤولية وولائه المطلق لقيادته ووطنه، ويستحق أن ترفع له القبعة.. ربي احفظه وارزقه من واسع فضلك.


كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية