لا شك أن موضوع الزيادة السنوية بنسبة 3 % للمتقاعدين، كانت لسنوات طويلة تمثل بصيص أمل للكثير من الأسر التي تعتمد بشكل رئيس على رواتب التقاعد لتغطية احتياجاتها الأساسية، لكن منذ إيقاف هذه الزيادة أصبح المتقاعدون يواجهون صعوبات معيشية متزايدة، خصوصًا في ظل تفاقم الغلاء الذي طال كل جوانب الحياة. فهذا الأمر أخذ حيّزًا كبيرًا من الاهتمام من قبل مجلس النواب ومؤسسات المجتمع المدني، لكن لم تثمر تلك الجهود والمحاولات الجادة تحقيق أي تقدم يذكر.
اليوم، بات الوضع أكثر إلحاحًا، فالاقتصاد المتأثر بتبعات التضخم العالمي وارتفاع الأسعار يعصف بجيوب الجميع، لكن الأثر على المتقاعدين أشد وطأة، فهؤلاء الذين أفنوا حياتهم في خدمة البلاد يعيشون الآن مرحلة صعبة تستدعي التفاتة سريعة، فالتقرير الرسمي الخاص بهيئة التأمينات الاجتماعية للعام 2024 كشف أن نسبة المتقاعدين البحرينيين الذين يتقاضون معاشات شهرية في القطاعين العام والخاص بقيمة 1000 دينار
وأكثر يقدّر بـ 26 %، حيث وصل عددهم إلى 21,990 متقاعدًا من أصل 85,607 آلاف متقاعد بالقطاعين العام والخاص، كما تقدر نسبة الذين يتقاضون معاشات من 800 إلى 990 دينارًا 12 %، وتقدّر أعدادهم بـ 10,203 متقاعدين، بينما وصلت نسبة من يتقاضون 600 إلى 799 دينارًا إلى 13 %، ووصلت نسبة المتقاعدين الذين يتقاضون معاشات من 400 إلى 599 حوالي 25 %، فيما وصلت نسبة المتقاعدين الذين يتقاضون معاشات من 200 إلى 399 إلى 24 %.
هذه الإحصائية تبيّن أن نسبة 50 % من المتقاعدين هم من فئة 200 إلى 600 دينار! وفي اعتقادي الشخصي هذه الفئة هي التي تهمها الزيادة السنوية (3 %)، حيث إن هذه الزيادة تعني لهم الكثير، وتسهم بشكل كبير في تحسين جودة حياتهم، وكما يعلم الجميع فإن الأسعار في جميع مناحي الحياة في تصاعد مستمر، ليس في البحرين فحسب، بل في العالم كله. لذا من الطبيعي والمنطق أن يعطى هذا الموضوع أولوية قصوى والعمل على إيجاد حلول توفيقية.
الحكومة الرشيدة تسعى جاهدة لتوفير الميزانية المناسبة للكثير من المشاريع التنموية والاجتماعية والاقتصادية والبنى التحتية، وهذا محل تقدير كبير من قبل المجتمع المدني، وأرى أن موضوع الزيادة للمتقاعدين سيلقي بظلاله إيجابًا على فئة أو شريحة كبيرة، وسيسهم أيضًا في تحسين الاقتصاد المحلي من خلال توفير السيولة المالية ولو بشكل بسيط.
مجلسا الشورى والنواب، المؤسستان المعنيتان بتمثيل الشعب، لم يقدما حتى الآن أية خطوات ملموسة أو أية حلول جذرية لمعالجة هذا الملف، فالنقاشات العامة أو البيانات الإعلامية لا تكفي، هناك حاجة ماسة لتحرك فعلي يتضمن إعادة الزيادة السنوية أو استحداث بدائل تدعم المتقاعدين وتخفف من أعبائهم المعيشية.
لابد من تقديم مبادرات حقيقية لدعم المتقاعدين، ويمكن تحقيق ذلك عبر خطوات مثل إعادة الزيادة، أو منح علاوات شهرية لمواجهة الغلاء، أو حتى تقديم حوافز للقطاع الخاص لدعم فئة المتقاعدين.
المسؤولية الاجتماعية والوطنية تتطلب وضع هذا الملف في مقدمة الأولويات، لأنه لا يمكن تجاهل أن هذه الفئة التي تمثل شريحة كبيرة من المجتمع البحريني لها حق أصيل في العيش بكرامة.
واجب الجميع التحرك العاجل لإعادة التوازن لمعادلة الإنصاف والعدالة لهذه الفئة المهمة من المجتمع.
كاتب وإعلامي بحريني