العدد 5976
الأحد 23 فبراير 2025
نجاح يسجل للدبلوماسية السعودية
الأحد 23 فبراير 2025

لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع نجاح أول لقاء سياسي بعد قطيعة عنيفة وتراشق عدائي حاد بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، فهناك كم هائل من الاتهام المتبادل وانعدام الثقة بين الطرفين، لكن الدبلوماسية السعودية كان لها رأي آخر. بهدوء شديد جدا وعلى نار هادئة وخلف ستار الكواليس، كان الفريق الدبلوماسي السعودي يعد العدة لكسر الجدار النفسي وأخذ الموافقة المبدئية لاجتماع وزيري خارجية روسيا وأميركا بالعاصمة السعودية الرياض، ونظرا لما لدى السعودية من مكانة مميزة لدى الدولتين والثقة المكتسبة فيها؛ وافقت الدولتان على المبدأ وتركت باقي التفاصيل لإعدادها من الرياض، وجاءت نتيجة الاجتماع سريعة ومدهشة، حيث نجم عنه عودة فورية للعلاقات الدبلوماسية التي كانت مجمدة، والتفاهم على سائر الملفات المعلقة، والاتفاق على أهمية وضرورة إنهاء حالة الحرب في أوكرانيا.
وكانت سعادة الرئيسين ترامب وبوتين كبيرة وعارمة وواضحة، وأوضحا أن الشكر والتقدير والاحترام للسعودية ولولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان؛ للجهود الكبرى والاهتمام غير العادي بأدق التفاصيل لإنجاح اللقاء بشكل مهني واحترافي، كل ذلك جعل من السعودية وسيطا دبلوماسيا وسياسيا من الطراز الأول، وسيطا قادرا على الإنجاز وصنع الفرق مع أصعب الأطراف وفي أدق الظروف. دور الدبلوماسية السعودية في حل النزاعات المعقدة ليس جديدا، فاتفاق الطائف لا يزال صامدا كمادة تاريخية كانت نتيجته إنهاء الحرب الأهلية اللبنانية بعد عقدين من الزمن، وطبعا هناك أمثلة أخرى كثيرة. السعودية ترسم لنفسها مكانة على الساحة الدولية تتخطى صورتها النمطية التقليدية المتعلقة بأكبر دولة مصدرة للبترول، لتصبح مركز ثقل وتوازن سياسي ودبلوماسي واقتصادي قادر على أن يقوم بأدوار تتجاوز حدود المنطقة، وهو دور مرشح أن يستمر ويكبر؛ لأن الدبلوماسية السعودية الآن باتت إحدى أهم أدوات القوى الناعمة في السعودية.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .