العدد 5962
الأحد 09 فبراير 2025
الجمال!
الأحد 09 فبراير 2025

الله جميل يحب الجمال، كم الجمال المحيط بنا عظيم يليق بجلاله سبحانه وتعالى، لكن تبقى قدرة الإنسان على إزالة الحجب والسدود لرؤية هذا الجمال بالبصر والبصيرة، وهناك من يزيد ويسمو ويرقى ويعتبر مرحلة أعظم من تلمس الجمال، والتي يصفها بعض المتصوفة “قدرة الإنسان في أن يرى في القبح جمالا”، وتلك لعمري مكانة خاصة لا تشبه غيرها. والجمال له أوجه عدة منها ما تقدمه الطبيعة الخلابة في أشكال البحار والشواطئ، والجبال والبحيرات والسهول والوديان والشلالات والأشجار والحقول والورود والأزهار والحيوانات. وهناك جمال الأشخاص والأطفال والنفوس والأرواح، وجمال الروح كان مصدر إلهام للفلاسفة والشعراء عبر الزمان، وكما تقول كلمات الأغنية المعروفة للموسيقار محمد عبدالوهاب “وعشق الروح مالوش آخر لكن عشق الجسد فاني”. 
ولو نظرت بعين التفاؤل إلى الوجود، لرأيت الجمال شائعا في كل مكان، فتأمل الجمال، وتقديره والسعي إليه عوائده النفسية عظيمة ونتائجه الإيجابية هائلة، وتقدير الجمال نتيجته التلقائية الطبيعية تعظيم الله تعالى وتسبيحه كرد فعل تلقائي وعفوي.
إن الحضارة لا يمثلها الغرب أو الشرق، بل يمثلها الإنسان القادر على تذوق الجمال أينما يراه، وإن لم تستطع أن تشارك بصنع الجمال عليك على الأقل أن تحتفي به. وفي القرآن الكريم هناك آية مليئة بالمعاني المطلقة عن مفهوم الجمال كما جاءت في سورة النحل “وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ”. هناك دراسات علمية في الغرب تظهر الفوائد العميقة والنتائج الإيجابية على الصحة النفسية العامة لمن يمارس التأمل العميق في مشاهد الجمال واستيعابها بعمق، وأن يصبح ذلك الأمر شيئا اعتياديا. وبذلك تتحقق فكرة عدوى الجمال، وكما قيل في الأثر “كن جميلا ترى الوجود جميلا”. 
هذه الفكرة ليست عربية بشكل حصري، لكنها فكرة عابرة للحدود والثقافات، فهي موجودة في الشرق والغرب، فكرة مجربة ومثبتة ومقدرة وفعالة.
وطبعا تبقى المقولة الشهيرة في الغرب، التي تقول إن “الجمال في عين الناظر”، وهذا يعني أن الجمال نسبي وشخصي، ولكل شخص جماله ولكن النتائج تبقى دائما عامة.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .